كامل جابرلا يُقرأ في الوجوه التي سارت أمس خلف نعشه، غير التاريخ النضالي المديد لعادل صباح «بيّ العامل والفلاح»؛ هذا الشعار الذي طالما ردده الفلاحون والعمال يوم انتدبوه مرشحهم «الثوري» إلى السدة البرلمانية عن قضاء النبطية. أمس، اعتلى اليساري العتيق والمخضرم، الشيوعي حتى الرمق الأخير، عادل صباح تظاهرته «الختامية»، يهتف بالسائرين خلف نعشه، يجوب الطرق عينها في المدينة التي ذاب بها عشقاً ونضالاً وتضحية، وهو ابن أحد بيوتاتها النقيّة وسيّد أنديتها وجمعياتها. سارت تظاهرته الأخيرة في الشوارع التي كان سيد حشودها، متلهفة «لهذا الجبل الثوري منذ حداثته، إذ لم ينحن يوماً لغير الفقراء والمظلومين أنّى كانوا أو هتفوا لحق وكرامة ومطلب».
هتف عادل ضد المحتل الفرنسي ومزق علمه، فاعتقل عام 1943. وهتف لحق زملائه المعلمين في العدالة والإنصاف، فسجن مع رفاق دربه وأبعد عن مدينته إلى «خربة قنفار» في البقاع، ثم فصل لاحقاً، تعسفياً. ولميوله اليسارية الشيوعية لوحق وحُبس. ولمطالب الفلاحين ومزارعي التبغ رفاق الشهيدين حسن حايك ونعيم درويش حورب ومنع من الترشح للانتخابات البلدية في الستينيات، ومن الوصول إلى النيابية. ثم في هدوئه وعاصفته انتصر للقضية الفلسطينية «حتى العبادة».
تألفت في عام 1953 هيئة وطنية من خمسة أعضاء، وكان عادل صباح واحداً منهم ممثلاً محافظة الجنوب، وشارك في اجتماع الشاطئ الفضي في طرابلس، حيث تقرر الإضراب العام في جميع مدارس لبنان.
وبعد لقاء مع فرج الله الحلو في بيروت في العام ذاته، ترشح «أبو أحمد» إلى الانتخابات النيابية عن قضاء النبطية. وأُطلق شعار: «رشحنا عادل صباح، خيّ العامل والفلاح»، وكانت ضجة حول هذا الترشيح، كونه الأول لواحد من عامة الناس وشيوعي منظم.
في عام 1958 انصرف صباح للنضال السياسي، وتسلّم قيادة المقاومة الشعبية في النبطية، برئاسته ومعه حبيب صادق ومهدي صادق والدكتور إبراهيم المعلم ومحيي الدين محيي الدين وحسين سرحان. ليتحول بعدها إلى قائد «للمظاهرات».
ظل رئيساً بالتزكية لنادي الشقيف من عام 1969 حتى عام 1982. ثم تولى رئاسة فرع النجدة الشعبية اللبنانية في النبطية بين عامي 1992 و2002. في عام 1998 ترشح إلى بلدية النبطية ونجح، وبعدها بثلاث سنوات انتخب نائباً لرئيسها ثم عضواً في مجلسها البلدي منذ انتخابات 2004، فضلاً عن عضويته في المجلس الثقافي للبنان الجنوبي حتى وفاته.