أطلقت جامعة القديس يوسف ماستر «مهن الكتاب» الأول من نوعه في لبنان، سعياً منها لجعل الوظائف المتعلقة بالكتب أكثر احترافاً وتلبية لاحتياجات السوق
ديما شريف

للمرة الأولى ربما منذ سنوات، يجد الطالب اللبناني نفسه أمام اختصاص جامعي سيؤدي حتماً إلى توظيفه، نظراً إلى أنه استحدث لتلبية متطلبات السوق ونواقصه. فمع إطلاق جامعة القديس يوسف ماستر «مهن الكتاب» بعد دراسات عديدة لقطاع النشر والمكتبات العادية والتجارية في لبنان، يصبح الطالب على علم بكيفية عمل عالم الكتب بدهاليزه المتنوعة، ويعرف كيف تتداخل كل الوظائف التي تمثّله.
وكانت الجامعة بدأت منذ ما يزيد عن السنة التحضير لإطلاق هذا الاختصاص، بعد دراسات عديدة واجتماعات مطولة أجرتها بالتعاون مع محترفين عديدين يعملون في مجال الكتب مثل دور النشر، المكتبات، والمكتبات التجارية. وأكدت هذه الدراسات حاجة السوق اللبناني المحترف إلى اختصاصيين للعمل في هذا الميدان الواسع، نظراً إلى أهمية لبنان على صعيد نشر الكتب في المنطقة العربية بأكملها. وفي حزيران 2007، أقامت الجامعة دورة مع اختصاصيين من الجامعات الفرنسية للتحضير النهائي للماستر، إذ ستساهم جامعات ليون، فرساي وباريس 9 في المشروع عبر إرسالها أساتذة للتدريس. ويقول المسؤول عن هذا الماستر، رئيس قسم الأدب الفرنسي في الجامعة، شريف مجدلاني، إن السوق اللبناني بحاجة ماسة إلى اختصاصيين في مجال صناعة الكتاب، لأن هناك جهلاً تاماً في بعض المهن بتفاصيل مهن أخرى مرتبطة بها، ما يخلق خللاً في سلسلة العمل المترابطة، يجب إصلاحه.
ومنذ بدأت الجامعة تعلن عن إطلاقها الوشيك لهذا الاختصاص، كان هناك اهتمام من طلاب في المغرب العربي ومصر للالتحاق به. ويرى مجدلاني أن أهمية الاختصاص تأتي لكونه الوحيد في العالم العربي ولبنان، ويلبي بالتالي احتياجات المنطقة بأكملها. وكان العديد من طلاب جامعة القديس يوسف من حملة إجازات في الآداب، ولا يرغبون في ممارسة مهنة التدريس، ينتقلون للعمل في المكتبات، أو دور النشر، أو يتابعون اختصاص «مهن الكتاب» في فرنسا. ووجود هذا الماستر في الجامعة يسهل عليهم عناء السفر، ويحضرهم لسوق العمل. وهذا الماستر المهني موجه إلى اختصاصيين ممن يعملون في مجال النشر والتوزيع وما يرتبط بعالم الكتاب، إضافة إلى الطلاب.
وسيضطر هؤلاء الاختصاصيون ممن لا يحملون إجازات جامعية، ويرغبون بالتسجيل في الماستر، للانتظار ريثما تستحدث الجامعة دبلوم جامعياً في السنتين المقبلتين، فيستطيعون متابعة صف لفترة الشهرين في اختصاص معين يحصلون إثره على إفادة تمكنهم من متابعة الماستر.
ويستبعد مجدلاني تحويل الماستر إلى اختصاص إجازة، لأنه يحتاج إلى عدد كبير من الأساتذة والاختصاصيين للتفرغ له، وأكد أن معظم الجامعات الفرنسية التي اعتمدت هذا الاختصاص بدأت تتخلى عنه وتعتمده فقط في الماستر.
ويطمح الماستر إلى تحضير الطالب لسائر المهن المرتبطة بمهن الكتاب الرئيسة الثلاث: النشر، المكتبة التجارية والمكتبة. كما يهدف إلى تمكين هؤلاء الطلاب من التدخل على كل مستويات سلسلة مراحل الكتاب، بدءاً بصناعته وصولاً إلى تسويقه.
ويمتد الماستر على سنتين، وهو موحد للمهن الثلاث. يجري اختيار التخصص خلال كتابة الرسالة والتدرّج الاحترافي في إحدى المؤسسات اللبنانية، كما تتيح اتفاقيات دولية للطلاب التدرّج خارج لبنان، مرة واحدة على أقل تقدير.
ويتألف برنامجه من أربعة أقسام تدور حول دروس عامة عن الكتاب، وعلمي الاجتماع والنفس المتصلين بالمطالعة. بالإضافة إلى دروس متخصصة في كل واحدة من المهن الثلاث. وستؤمن الجامعة الدروس بالتعاون مع مختلف المؤسسات المرتبطة بفروع المهن الثلاث هذه. وبالإضافة إلى الأساتذة القادمين من الجامعات الفرنسية، سيُستعان بأساتذة من الجامعة واختصاصيين لبنانيين وفرنسيين، وتطمح الجامعة إلى استحداث قسم مخصص لسوريا والأردن تدرّس فيه الصفوف باللغة العربية.