strong>«فن الحياة» مصطلح أصبح أغنى بعد تعريبه. فبالإضافة إلى ثقافة الاستمتاع بالحياة عبر إمتاع حواسّنا بالنظر والتذوّق وخلق مناخات الراحة، ارتبط المفهوم في لبنان بالتنمية عبر تفعيل التراث، وبالسياسة عبر التأكيد في كل الفعاليات الإنمائية على أهمية التعايش
رنا حايك
للسنة الخامسة على التوالي، يجمع معرض الزهور في ميدان سباق الخيل بين جميع هذه الاعتبارات. المعرض الذي تنظمه شركة Hospitality services لا يقتصر على عرض الشتول والأزهار وديكورات الحدائق، بل يلتفت أيضاً إلى السياحة البيئية، عبر منصّة «لبنان الحقيقي» Authentic Lebanon التي يسوّق من خلالها لمفهوم السياحة البيئية. كما تحاول الهيئة المنظّمة للمعرض نشر التوعية فيما يخص حرائق الغابات التي يعاني منها لبنان مع كل إطلالة شمس، عبر تكريس منصّة لـ«جمعية الثروة الحرجية والتنمية».
خمس عشرة منصّة تتوزع على مساحة ميدان سباق الخيل، يتوسّطها علم لبنان مصنوع من الزهور. احتفالية الألوان وبهجة تنسيق الحدائق لا تأخذان منحى طبقياً في المعرض. فترتيب الحدائق ليس رفاهية تجذب الأثرياء فحسب، بل هو مناسبة تستفيد الكثير من الجمعيات التنموية منها لعرض برامجها. ففيما تبيع النساء المنضمّات إلى برنامج CRTD.A لدعم «التمكين الاقتصادي» منتوجاتهن البيتية من مربّيات وعسل، وتصرّف «لجنة الأعمال الخيرية في جعيتا» منتوجات نساء المنطقة من المارصيبان بغرض توفير المال اللازم لمساعدة المحتاجين من أهالي جعيتا، يحتل «سوق الطيب» رقعة كبيرة من المعرض لعرض منتوجات المزارعين العضوية ولتنفيذ مشروعه مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي «أكل وعيد ــــ 2008».
يهدف هذا البرنامج إلى تعزيز العيش المشترك وتدعيم الحفاظ على التراث اللبناني من خلال سلسلة من الأنشطة تنفّذ في مختلف المناطق اللبنانية وتحتفي بالتقاليد والفنون والحرف والمأكولات اللبنانية الخاصة بكل منطقة. وبعد «لوز الذوق» في ذوق مكايل و«غداً الكروم» في تعنايل، ستحتفي العاصمة اليوم، من خلال البرنامج المذكور، بالطبق الوطني الموحد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والبقاع. طبق يختصر مفهوم الوحدة الوطنية كما يرتئي المنظّمون، لأن فيه لونَي العلم اللبناني الطاغيين، الأخضر والأحمر. إنها التبّولة، التي يحتفي «غاردن شو» بها اليوم تحت شعار «التبّولة بتجمعنا»، حيث سيتبارى مشاركون لإعداد أفضل تبّولة تقليدية، وأفضل تبّولة مبتكرة، وأفضل تبّولة شتاء.
وفي ذلك مقاربة للمصطلح الشائع في الولايات المتحدة، ذلك البلد الذي يؤلّف مجتمعه أفراد من مختلف أصقاع الأرض اصطلح على تسميته مجتمع «طبق السلطة»، نظراً لتنوّعه وتنافر أفراده وتعايشهم رغم ذلك في مجتمع واحد.
يحتفي معرض الزهور بالألوان وبالطبيعة بعد أن أرخت الأزمات السياسية والأمنية ظلالها القاتمة على لبنان خلال السنة الماضية، ويخلق مساحة للقاءات عابرة للمناطق وللطبقات. فلأول مرة منذ إقامته، يفسح المعرض في المجال لتعاونيات محلية من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية للاشتراك، من خلال توفير أكشاك خاصة بها لبيع ما لديهم من منتجات غذائية ومؤونة وتوابل من صناعاتهم المنزلية.