نادر فوزعاد إعلام الأكثرية يركز انتقاده على التيار الوطني الحر، بعدما كان قد اتخذ حزب الله هدفاً له خلال الأسابيع الأخيرة. وأبرز معالم هذا الهجوم اتّهام التّيار بأنه يعطّل تشكيل الحكومة بعناده و«فيتواته» وطموحه الجامح إلى احتلال عدد من الحقائب السيادية والخدماتية.
ويستخلص هذا الإعلام، وكذلك بعض شخصياته، استنتاجاً مفاده أنّ العونيين يسعون إلى إخراج أنفسهم من المعادلة الحكومية من أجل البقاء في صفوف معارضة السلطة ـــــ أياً كانت هذه السلطة ـــــ لاستقطاب الدعم الشعبي المسيحي تمهيداً للانتخابات النيابية، على اعتبار أنّ دور الحكومة العتيدة سيقتصر على تنظيم سير العملية الانتخابية وإعداد قانون لها.
التيّار متّهم بالتعطيل، إلّا أنّ أحد مسؤوليه يؤكد أنّ فريقه وافق على ترك وزارة الداخلية لحصة الرئيس ميشال سليمان، بالإضافة إلى حقيبة أخرى، ولكن لشخصية غير مسيحية. ويمكن ربط هذا بالاقتراح الذي قدّمه أخيراً العماد عون عن زيادة حقيبتين إلى التشكيلة الحكومية لتمثلا السريان والعلويين. ومن الأفكار التي اقترحها التيّار أيضاً اعتبار وزارة العدل وزارة سيادية للوصول إلى توازن بين القوى في الحقائب السيادية. ونتيجة ما يشاع في الإعلام عن دور عون المعرقل، كانت الاتصالات الأخيرة بين الرئيس سليمان وعون التي أكّد فيها الاثنان أنّ التعاون والحوار مستمران، نافيين ما يشاع عن توتّر العلاقة بينهما، لأسباب «حقائبية» سياسية وشخصية.
ويعتقد المراقبون أنّ قوى المعارضة الأخرى ـــــ ولا سيما حزب الله وحركة أمل ـــــ لا يمكن أن تنخرط في سلطة لا يشكّل التيار الوطني الحرّ عموداً فقرياً فيها، وهو ما تؤكده شخصية بارزة في الحزب. وتعتبر هذه الشخصية أنّ «من شأن غياب التيار عن الحكومة أن يضعف الحكومة ويضعف تمثيل المعارضة في السلطة مغفلاً فريقاً يمثّل إحدى الطوائف الأساسية»، في إشارة منه إلى أنّ غياب التيّار سيعيد الوضع السياسي إلى مرحلة ما قبل استقالة الوزراء الشيعة.
وإذا أخرج نفسه من التركيبة الحكومية المقبلة، فهذا يعني أنه يتخلّى عن المكاسب التي استطاع فرضها، وحلفاءه، خلال مؤتمر الدوحة، أي تحقيق المشاركة في الحكم وإعداد قانون انتخابي «عادل»، وهو أمر خارج المنطق السياسي، إذ يمكن اعتباره نسفاً لاتّفاق الدوحة، مع العلم بأنّ المعارضة، بكل مكوّناتها، تعتبر رابحة جراء هذا الاتفاق.
وإذا كان مشروع التيار استجلاب عطف المسيحيين عن طريق البقاء خارج الحكم والتزام جانب المعارضة، فمن شأن وجوده خارج السلطة أن يضعف موقعه السياسي، إذ يفقد الحقائب الخدماتية والسيادية التي تمكّنه من التقرب إلى المواطنين في مرحلة ما قبل الانتخابات.
حالة المراوحة مستمرة، ومن المتوقع أن تطول، إذ إنّ الهدنة التي أعلنها اتّفاق الدوحة لم تكرّس ولا على صعيد. وهي تتيح للفريق الأكثري أن يهدّئ الأوضاع السياسية ليعيد رسم المعادلة، فيما المعارضة لا تزال كالعادة تعمل وفق قانون ردّات الفعل.