سليمان يفاجئ عمشيت ويُطمئن بعد اتصال بعون: اللبنانيّون سيرتاحونبعد تلبّد الأجواء الحكوميّة نهاية الأسبوع الماضي، ساد التفاؤل فجأة معسكري الموالاة والمعارضة بولادة الحكومة خلال الأيام المقبلة، وذلك بالتزامن مع حركة عربيّة ودوليّة احتل الملف اللبناني حيّزاً مهمّاً منهاوسط الدعوات المتزايدة للإسراع في تأليف الحكومة، برزت آمال بقرب إنجاز هذه الخطوة خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ طمأن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، إلى أن «الجو الذي يراه اللبنانيون الآن، من تجاذبات على الصعيد الحكومي، سوف يتغير ويرتاح الشعب اللبناني»، مؤكداً أنه «لا داعي لأن يخاف أحد».
كلام سليمان جاء خلال كلمة مقتضبة له أمام زواره في بلدته عمشيت التي فاجأ أهلها بزيارة لم يعلن عنها سابقاً، وتوجه فور وصوله إلى مدفن العائلة في كنيسة سيدة نايا الأثرية حيث وضع باقة من الزهر على ضريح والده المرحوم نهاد غطاس سليمان، ثم دخل إلى الكنيسة وأدى الصلاة لراحة نفس والده، قبل أن يتوجه إلى دارته حيث استقبل وفوداً نيابية وشعبية جاءت من قرى وبلدات قضاء جبيل مهنئة بانتخابه رئيساً للجمهورية.

مياه مقدّسة لمنزل الرئيس

وأهدى المطران بشارة الراعي الرئيس سليمان الإنجيل المقدس المكرس وموسوعة المجمع البطريركي الماروني، ثم صلّى على المياه ورشها في أرجاء المنزل بناءً على طلب رئيس الجمهورية.
ولدى وجوده في عمشيت، أجرى الرئيس سليمان اتصالاً برئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب العماد ميشال عون وعرض معه تطورات الوضع الحكومي.
وإذ رفض المستشار السياسي للرئيس سليمان، النائب السابق ناظم الخوري، إعطاء تفاصيل عن مضمون الاتصال، أكد أن «الاتصالات جارية والرئيس منفتح على كل القيادات السياسية»، مشيراً إلى أن هناك عقبات أمام تأليف الحكومة، لكن أكثرها ذلّل.
وعن عقدة تولّي الوزير إلياس المر حقيبة وزارة الدفاع قال خوري: «ضمن التشكيلة الحكومية الكل موجود».
من جهته، أوضح عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب وليد خوري أن التكتل لم يضع شروطاً على توزير المر «ولم يصدر بيان رسمي عن التكتل بهذا المعنى».
وأعلن أنه سيذيع سراً قائلاً: «قبل أشهر، وحتى قبل انتهاء ولاية الرئيس (إميل) لحود، كلّفني العماد عون، بحكم قربي من العماد سليمان، أن أبحث مع النواب الذين كانوا في فينيسيا بإمكان طرح العماد سليمان مرشحاً توافقياً وتزكيته لتولّي رئاسة الجمهورية، وهم كانوا في ذلك الوقت لا يريدون عسكرياً للرئاسة ولا تعديلاً للدستور، وأستطيع أن أسمّي النواب الذين التقيتهم آنذاك، وإن دولة الرئيس ميشال المر على علم بذلك، ويستطيع أن يؤكده».
وعلى عكس شعور الإحباط الذي كان يساور الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أثناء وصوله إلى بيروت، أكد الأخير قبل مغادرته لبنان بعد لقائه عدداً من المسؤولين اللبنانيين مشاركته في حضور حفلة زفاف كريمة رئيس المجلس النيابي نبيه بري مساء أول من أمس في البيال، أن هناك بريق أمل لتأليف الحكومة في وقت قريب، رافضاً الخوض في التفاصيل.
ورداً على سؤال قال: «لماذا تزور اللجنة العربية بيروت؟ فتأليف الحكومة هو مسألة لبنانية، وأعتقد أن اللبنانيين قادرون على معالجة هذه النقطة».
ورأى أن الوضع في لبنان وتطوره الإيجابي سيساعد كثيراً على المصالحة بين سوريا والسعودية.
وكان الوضع اللبناني محور لقاءات النائب وليد جنبلاط مع المسؤولين السعوديين في جدة، حيث التقى الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي العهد الأمير سلطان والأمين العام لمجلس الأمن الوطني الأمير بندر بن سلطان ومساعده للشؤون الاستخبارية سلمان بن عبد العزيز والسفير السعودي لدى لبنان الدكتور عبد العزيز خوجة، وذلك بحضور وزير الإعلام غازي العريضي ووزير المهجرين نعمة طعمة.
وعاد السفير خوجة مساء أمس الى بيروت.

الموالاة: التعطيل داخلي وخارجي

في هذه الأثناء، استمر تبادل التهم بين الموالاة والمعارضة في شأن تأخير تأليف الحكومة، ورأى رئيس حزب الكتائب أمين الجميل أن الصعوبات «ناتجة من المعارضة، حلفاء سوريا»، وقال إن فرنسا «تسرّعت أكثر مما ينبغي» في معاودة الاتصالات مع الرئيس بشار الأسد.
واتهم عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب هاشم علم الدين بعض «أركان المعارضة الذين تكبّدوا خسائر جمّة طيلة هذه الحقبة، وحرموا نعمة سدة الرئاسة»، بوضع «العصي في دواليب تأليف الحكومة»، فيما دعا عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب وائل أبو فاعور خلال جولة في البقاع الجنوبي إلى «الترفّع عن بعض المطالب من أجل مصلحة الشعب اللبناني»، متسائلاً «ما قيمة أي موقع وزاري إذا كان البلد يعيش في ظروف أمنية مضطربة أو صعبة».
وإذ رأى النائب أكرم شهيب أن اتفاق الدوحة وجد بإرادة عربية ودولية، وتعهد الجميع الالتزام به، لفت إلى أن التعطيل كان ولا يزال لأسباب محلية وخارجية. ورأى في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «المثال الأكبر على التدخل الخارجي هو مواقف الرئيس الأسد الذي يتكلم عن حكومة الوحدة الوطنية اللبنانية، وهو لا علاقة له بها». وقال إن «العقد الداخلية في الموضوع الحكومي متمثّلة بالهدف الأبعد وهو الانتخابات النيابية في 2009»، متوقعاً إعلان تأليف الحكومة خلال الأسبوع المقبل.
ورأى النائب نبيل دو فريج في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «الحكومة العتيدة عالقة عند القرار الإقليمي الذي لم يأتِ بعد»، معتبراً أن «لدى المعارضة سقفاً جاهزاً للعرقلة كما كان دائماً، والمتمثّل بالعماد عون».
ووصف ما يجري باللعب بالنار وقال: «يجب على رئيس الحكومة المكلّف أن يؤلّف الحكومة، وعلى رئيس الجمهورية أن يوقّع عليها إذا كان فريقا المعارضة والموالاة غير مرتاحين من التشكيلة لتنتقل إلى مجلس النواب لإعطائها الثقة».
وفيما غابت الشؤون الداخلية عن عظة البطريرك الماروني نصر الله صفير، أمس، رأى النائب جورج عدوان بعد زيارته بكركي «أنه لا يوجد أي مطلب لأي شخص يبرر تمسكه وتشبثه بمطالبه على حساب الهدوء والاستقرار وراحة الناس»، داعياً «الأطراف كافة إلى التنازل من أجل مصلحة المواطن».
في المقابل، حمّل عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا مسؤولية تأخير تأليف الحكومة للرئيس السنيورة، وردّ ذلك إلى أنه «لا نية لديه بتغيير قانون الانتخابات وإقرار القانون الذي اتفق عليه في الدوحة، ولا نية لديه كذلك بإجراء انتخابات نيابية، لأن الانتخابات المقبلة ستقلب الموازين وستفقد الأكثرية صفتها». ورأى أن «من يتكلم في لبنان عن أكثرية وأقلية يبدو كأنه يعيش على كوكب آخر، ومن ير أن هذه الأكثرية المسروقة هي أكثرية فعلاً يكن متآمراً».
وشدد عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب أيوب حميد، خلال احتفال تأبيني، على «ضرورة تسهيل تأليف حكومة الوحدة الوطنية»، وقال: «هذا لا يعني أننا نتنازل عن الثوابت الميثاقية الأساسية التي كانت تقوم عليها حكومات الوحدة الوطنية في المراحل السابقة، كي نحافظ على قوة تحصين لبنان ونؤسس لمرحلة انتقالية تغيّر الواقع المتردي على المستوى الداخلي والإقليمي»، فيما أكد النائب عبد المجيد صالح، خلال جولة له في القرى الجنوبية، أنه «ليس هناك عقد حقيقية في تأليف الحكومة، ولكن هناك عملية تخضع للتفاوض والحوار المباشر بين الموالاة والمعارضة، وهو أمر تكثّف في الساعات الـ48 الماضية». ورأى «أن التفاؤل في مرحلة تأليف الحكومة سيكون في منتصف الأسبوع المقبل».
وأسف عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نوار الساحلي لعدم وجود مهلة في الدستور اللبناني أمام الرئيس المكلّف لتقديم الحكومة إلى رئيس الجمهورية.
وحذّر النائب عاصم عراجي من «الوصول إلى وضع خطير جداً لن نستطيع السيطرة عليه في حال عدم الإسراع في تأليف الحكومة». وأشار إلى أن «الناس تعيش قلقاً في تعلبايا وسعدنايل، وأن عدداً من الأهالي لا ينامون في بيوتهم»، لافتاً إلى أنه «لم يلاحظ جدية في قضية رفع الغطاء السياسي عن المسلّحين في المنطقة».
ورأى عضو شورى «حزب الله» الشيخ محمد يزبك، خلال احتفال بذكرى أسبوع الشهيد حسن الموسوي، في النبي شيت، أن الحقائب الوزارية «ليست حكراً وملكاً لطائفة أو مذهب، وإنما خدمة للوطن». وانتقد «جولات القائمة بالأعمال الأميركية ميشال سيسون التي تجول من مكان لآخر».
على صعيد آخر ، أكد وزير العدل الدكتور شارل رزق أن التصريح الأخير للرئيس الأسد عن المحكمة ذات الطابع الدولي «يرتدي أهمية بالغة»، عارضاً في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» الأسباب، ومنها أن الرئيس السوري لم يقتصر على تأكيد أمله أن تكون المحكمة مؤسسة قضائية وقانونية بعيدة كل البعد عن المؤثرات السياسية، بل أكد أن أمور هذه المحكمة تسير في الطريق الصحيح، ولفت إلى أن هذا الكلام ينمّ عن اطّلاع الرئيس السوري الكامل على الطريقة التي تم بموجبها الإعداد لهذه المحكمة، وعن ثقة كبيرة بالذين أسهموا في إنشائها، ما يمنح هذه المحكمة قوة ومنعة في القيام بعملها».

لن تتبرّع سوريا للصهاينةوقال: «إنّ سوريا وإنْْ أجرت في الماضي اختبار التفاوض السياسي لتحقيق تسوية عادلة وشاملة في محاولة لاستعادة الأرض والحقوق العربية، إلا أنها لم تقفل يوماً أبواب الخيارات الأخرى للوصول إلى أهدافها، ولن تكون في وارد التبرّع المجاني للصهاينة، لا بحبة من التراب العربي ولا بجزء من الحقوق العربية.
وأكد النائب علي حسن خليل: «أننا في لبنان أوفياء لمشروع الرئيس حافظ الأسد الوحدوي ولمشروع وحدتنا الوطنية الداخلية التي ناضلنا من أجلها خلال الحقبة الماضية، والتي دفعنا من أجل ترجمتها مشاركة حقيقية على المستوى السياسي الداخلي اللبناني، مشاركة في إدارة السلطة ومشاركة في الحكومة، تؤمّن الاطمئنان للبنانيين، حيث يستطيعون من خلالها أن يدبروا قضاياهم الكبرى».
ورأى النائب أسامة سعد في كلمة باسم تحالف الأحزاب الوطنية أن محاولات فريق السلطة جعل القضايا الأمنية مدخلاً للحل السياسي لا يعبّر فقط عن قصور سياسي لدى هذا الفريق، بل أيضاً يحمل في طيّاته مخاطر تفجير الأوضاع الأمنية على نطاق واسع، معتبراً «أن إنجاز حكومة المشاركة الوطنية بات أمراً ملحّاً وضرورياً ولا يجوز التأخير في تأليفها أكثر من ذلك».
وطالب الأمين القطري لحزب البعث في لبنان، الوزير السابق فايز شكر، رئيس الجمهورية والأجهزة الأمنية بـ«العمل لمصادرة أسلحة الفتنة المتنقلة في مختلف المناطق اللبنانية، وخصوصاً في مدينة بيروت، عكار، سعدنايل، جلالا وجب جنين وغيرها».
بعد ذلك، توجه الحضور إلى شارع الرئيس حافظ الأسد عند مدخل النبطية الفوقا، حيث أزيحت الستارة عن النصب التذكاري للرئيس الراحل بالتعاون مع بلدتي النبطية والنبطية الفوقا.



منبر الوحدة الوطنية يعتب على «الأخبار»

جاءنا من «منبر الوحدة الوطنية» التعليق الآتي: استوقفنا تعليقكم على موقف منبر الوحدة الوطنية، إذ أعلن تخلّيه عن صفة القوة الثالثة وانتقاله إلى موقع المعارضة البنّاءة لحكومة تجمع ما كان يسمّى موالاة وما كان يسمّى معارضة. وتتساءلون عمّا إذا كان الخيار حقاً التزام سبيل المعارضة البنّاءة أم اقتطاع مكان في التركيبة الجديدة؟
ونحن نتساءل: ما الضير وما العيب في أن يقتطع المنبر مكاناً له في التركيبة الجديدة، والمنبر أولاً وآخراً حركة سياسية؟ أليس من البديهي أن يرسم لنفسه خطّاً سياسياً متميّزاً؟ والمنبر كان أساساً في موقع مستقل عن الموالاة والمعارضة، وفي هذا الموقع كان يقوم بدور المعارضة البنّاءة إذ يتمايز في الموقف عن كلا الفريقين: فريق الموالاة وفريق المعارضة، مع أنه كان يجهر بتبنّيه المواقف المبدئية التي تأخذ بها المعارضة بما في ذلك المقاومة للاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من التمسك بعروبة لبنان والوحدة الوطنية اللبنانية ووحدة الأرض اللبنانية.
وتتساءلون بشيء من الاستغراب كيف يمكن التوفيق بين نهج المعارضة ومعارضة المقاومة المتمثّلة في الحكومة ببعدها الجماهيري ورمزية قضيتها.
إننا سنعارض الحكومة على وجه بنّاء، وإذا كانت المقاومة منضوية في هذه الحكومة فهذا لا يجعل أداءها بمنأى عن الانتقاد.
ونحن من الذين يعتقدون أن حزب الله لا يبارى في ساحة الوغى، في مقاومة الاحتلال، ولكنه في السياسة ليس معصوماً عن الخطأ، ولطالما ارتكب أخطاءً، كان منها تحالفه في الانتخابات النيابية الماضية مع قوى لم تكن تجاريه في الموقف والاستراتيجيا.
أما إعلان الأمين العام للمنبر الدكتور سليم الحص عزوفه عن تقبّل أي موقع سياسي بعد سقوطه في انتخابات عام 2000 وهو في سدّة رئاسة الوزراء، فلا يتعارض مع العمل الوطني الذي يمثّل بطبيعته نشاطاً سياسياً من دون أهداف سياسية وصولية.
عتبنا على «الأخبار» أنها لا تنصف منبر الوحدة الوطنية، وهي كثيراً ما تتجاهل البيانات التي تصدر عنه.