هيثم خزعلاقترب موعد الامتحانات الرسمية، وبدأ سيناريو القلق يتمكّن من الأهل والطلاب على حدّ سواء، فكلما اقتطعت ورقة من روزنامة أيام الانتظار زاد التوتر بانتظار أول أيام الامتحان. لم يسعف الحظ علاء في تخطي عقبة الشهادة المتوسطة العام الماضي، إذ كان الفاصل بينه وبين النجاح عشر علامات فقط، هذا في الدورة الأولى. أما في الدورة الثانية، فالإحباط هيمن عليه وصدمة الرسوب شتّتت تركيزه وضاءلت قدراته الاستيعابية، ما جعل مجموع علاماته في الدورة الثانية أقل بعشرين علامة منه في الدورة الأولى، على حد قول أم علاء. وتؤكد الوالدة أنها وأباه لم يقصّرا مع ابنهما في شيء. فعلاء في مدرسة ذائعة الصيت وقسطه يتخطّى المليوني ليرة، فضلاً عن حصص التقوية في المواد العلمية التي تنظّمها المدرسة، والدروس الخصوصية التي تلقّاها ولا يزال. وتذكر أم علاء أنّ ابنها أمضى سنواته التعليمية في المدرسة ذاتها إلى أن رسب في الثامن أساسي. «كنا أمام خيارين: إما أن يعيد علاء السنة أو ننقله إلى مدرسة أخرى بعد أن نحصل من مدرسته القديمة على إفادة نجاح، وهذا ما حصل». وتبرّر أم علاء تغيير المدرسة بالخوف من أن تهدر سنة من عمر ابنها، والخجل أمام الأقارب والأصدقاء من رسوب ولدها في الثامن وهو ما تعدّه أمراً مهيناً، فيما ترى أنّ الرسوب في الامتحان الرسمي أمر طبيعي باعتبار أنّ هناك عوامل عدة تتداخل في الاستحقاق مثل الخوف وتشديد المراقبة وصعوبة الأسئلة، ويمكن الناس حينئذٍ أن يتفهّموا.
من جهتها، لم تنجح ريهام في تخطي عقبة شهادة الآداب والإنسانيات في السنة الماضية في الدورتين الأولى والثانية، وهي تتحضّر الآن للدورة الثالثة. تعزو والدة ريهام السبب إلى السنة التي أمضتها ابنتها في المدرسة الرسمية، إضافة إلى صعوبة التعامل معها كمراهقة «حيث نتلافى الضغط عليها مخافة تحطيم شخصيتها ونكتفي بالنصح حيناً، واللوم حيناً آخر». وتروي أم ريهام كيف تخطت ابنتها امتحان الشهادة المتوسطة من الدورة الأولى قبل أن تنتقل إلى مدرسة رسمية لتكمل تعليمها الثانوي، موضحة أنّه ليس لدينا ثقة بالتعليم الرسمي في الصفوف الأساسية، وخصوصاً في ما يتعلق باللغة الثانية. أما في المرحلة الثانوية، فالوضع مختلف، وما اكتسبه التلميذ في المدرسة الخاصة يساعده على إكمال الصفوف الثانوية في المدرسة الرسمية. رسبت ريهام في الثانوي الأول فأعادها أهلها إلى ثانوية خاصة، حيث تخطت الصف نفسه بنجاح، لكنها رسبت في الثانوي الثاني فنقلها الأهل إلى ثانوية خاصة أخرى كي تتلافى إضاعة سنة إضافية. حالتا ريهام وعلاء هما عيّنة من حالات كثيرة مشابهة، لا يسلّم فيها الأهل برسوب أبنائهم مخافة كلام الناس، وحرصاً على ألا يضيع الأولاد سنة من أعمارهم. لكن السنة الضائعة قد تصبح سنتين أو أكثر حين يقع التلامذة في مصيدة الشهادة الرسمية.
يقول أحد الأساتذة في معرض نصيحته للأهل إن عليهم معالجة نقاط الضعف الكامنة وراء رسوب أولادهم حتى لو اضطر التلميذ إلى إعادة السنة، فخسارة سنة واحدة قد تكون آنية ومقبولة أمام خسارة المستقبل، والهروب إلى الأمام لا يحل المشكلة بل يفاقمها.