فداء عيتاني«دولة أم مقاومة»؟ شعار أحد الإعلانات السياسية التي تبثّها قناة «المستقبل»، مفترضة، على ما يبدو، أن المشاهد سيختار الدولة وينبذ المقاومة، إلا أن دولتنا التي عرفناها منذ كان لبنان هي دولة فئة لا دولة مواطن، الأغنياء فيها أقل من خمسة بالمئة، ونظام الضرائب يعتمد الفرد لا المداخيل، مما يعني أن الأثرياء يدفعون كالفقراء، بينما آليات مراقبة المصاريف والنفقات العامة غامضة ملتبسة غارقة في الفساد. لا يشك المواطن لحظة في كون المسؤولين غارقين في النهب المنظم للدولة، وكل مواطن يشاهد بأم عينه مراكمة زعماء البلاد للثروات من دون أن يحدّد أي منهم مداخيله ومصادره المالية، ويعلم الصغير والكبير في هذه البلاد أن العمالة ــــ بالمعنى الحرفي ــــ هي من سمات الزعامة السياسية وأن التبعية للدول الخارجية هي من أولياتها، وأن العمق المحلي مفقود في إدارة الشؤون الداخلية، وأن القيادة الممسكة بزمام الحكم منذ نصف قرن إلى اليوم هي من تستجلب التدخل الخارجي، من فرنسا إلى إسرائيل مروراً بأميركا وطبعاً سوريا. ليس من مصلحة دعاة هذه الدولة أن نتذكر أفضالها علينا، وإن وجب الاختيار فلن يقع على دولة كهذه.