طرابلس ـ عبد الكافي الصمدويتميّز الخان بقناطره المعقودة وبشكله الهندسي المخالف للخانات الأخرى، كونه يمتد طولاً بينما الخانات الأخرى تمتد عرضاً، ويمتد على جانبين يفصل بينهما ممر مرصوف بالحجر الطبيعي يبلغ عرضه نحو 4 أمتار، على كلّ جانب 11 محلاً تجارياً. وهو يتألف من طبقتين: الأولى تضم المحال التجارية ومشاغل الخياطة، والثانية سكنية.
وقد اشتهر الخان منذ إنشائه بحياكة الملابس العربية والشرقية القديمة وتطريزها (العبايات والشراويل والطرابيش والزنانير وغيرها)، فارتبط اسمه بوظيفته الحرفية والتجارية، في موازاة أنّه كان وما يزال محط أنظار السيّاح العرب والأجانب من زائري عاصمة الشّمال.
ومع أنّ شركة الترميم الممثلة بالمهندسين وسيم ناغي وغابي خرياطي، هي التي رست عليها المناقصة للقيام بأعمال التأهيل، على أن يكون الإشراف لبلدية طرابلس، فإنّ الدراسة التي وضعها المهندس عبد الكريم فتال عام 1992 قد اعتمدت بشكل كبير في أعمال التأهيل الأخيرة.
وتضمنت ورشة التأهيل الأخيرة تغطية البناء بالكامل بالورقة الكلسية التقليدية من الداخل والخارج، إعادة رصف الأرضيات بالحجر الطبيعي، تركيب أبواب من الخشب لكل أبواب المحال التجارية والغرف، تركيب ستائر من الحديد المشغول فوق أبواب المحال لاتقاء مياه الأمطار وأشعة الشمس، معالجة السطح بواسطة مواد مانعة للنش، ترميم كل الخشبيات بما فيها سقف الخان، وتأهيل الخدمات والبنى التحتية من كهرباء وهاتف ومجاري مياه الأمطار وغيرها.
حفل انتهاء أعمال التأهيل أقيم في باحة الخان الداخلية، التي زيّنت بالأعلام اللبنانية والإسبانية، وصور قديمة عن الخان وأخرى حديثة للمقارنة، وتحدث فيه كل من عبد القادر الحموي باسم تجار الخان، فعبّر عن «سعادة التجار البالغة بعد نهاية تأهيل الخان، وعودة الحياة التجارية إليه».
أمّا جمالي، فرأى أنّ تأهيل الخان «سيعيد إليه حيويته وحضوره في إطار الحياة الاقتصادية والتجارية والسياحية في طرابلس»، مشيراً إلى أنّ «المشاريع العديدة الجاري تنفيذها اليوم في طرابلس، ومن بينها مشروع الإرث الثقافي الذي ينفذ حول خان الخياطين، ستسهم في إعادة الحيوية إلى مجتمع المدينة واقتصادها».
بدوره، شدّد السفير بنزو على أنّ تأهيل الخان «إنجاز مشرف يسجل لإسبانيا ولبلدية طرابلس، ويفتح المجال أمام كل من بلديتي طرابلس والميناء للتعاون على مختلف الصعد السياحية والاجتماعية والثقافية»، في حين أبدت مايور ارتياحها «لما شاهدته على أرض الواقع من إعادة تأهيل خان الخياطين، لأنه من أهم المعالم الأثرية في طرابلس».
في مقابل ذلك، أوضح رئيس لجنة الآثار في بلدية طرابلس الدكتور خالد تدمري، أنّ أعمال التأهيل «جيدة برغم الأخطاء الفنية التي وقع فيها المنفذون، وأوقعهم ذلك بخلافات مع تجار السوق (يملك التجار نحو 10 في المئة من الخان، أمّا الباقي فتعود ملكيته إلى دار الأوقاف الإسلامية)، لأنّ الكلس الأبيض الذي طليت به جدران الخان كان يتشقق وينهار في كلّ مرّة، قبل أن يُعاد طلاؤه من جديد».
وأشار تدمري إلى أنّ تجار الخان «اعترضوا على نوعية الخشب المستخدم في صنع الأبواب والأدراج الداخلية والتختيات، بسبب عدم جودته حسب رأيهم، إضافة إلى أرضية الخان الرئيسية التي لم تزاوج بشكل جيد بين حجارته القديمة والجديدة، عدا عن تكاليف الترميم التي كانت كبيرة، وهي ناهزت تكاليف إعادة ترميم التكية المولوية وتأهيلها، التي تحتاج تقريباً إلى إعادة بناء من جديد».