strong>يُفترض أن يقول القضاء كلمته في الجرائم التي ارتكبت في البقاع أخيراً، فذوو الضحايا ينتظرون بفارغ الصبر والإصبع على الزناد، إذ إن تقصير القضاء أو تأخيره يشرّع العودة إلى التقاليد العشائرية، أي الثأر والثأر المقابل
البقاع ـ أسامة القادري
من الذي قتل سميرة شكر المظلوم وهي تطل من شرفة منزلها؟ ومن هم مطلقو النار على حسين الطقش أثناء مروره وعائلته بالسيارة على طريق بر الياس دمشق، ما أدى إلى اصطدامه بعمود كهرباء ووفاته على الفور؟ ومن هم الملثمون الذين نصبوا حاجزاً على طريق الفيضا زحلة وأطلقوا النار على بسام غازي الذي كان يعبر هذه الطريق إلى حوش الأمراء هرباً من النيران التي تستهدف طريق تعلبايا سعدنايل وأردوه قتيلاً وجرحوا ولديه؟ أسئلة تفرض على السلطات القضائية المحلية، ومن أبسط واجباتها السعي الجدي لجمع الأدلة التي تمكّنها من الإجابة بوضوح وإلّا فقد تنتفل السلطة من يد الدولة إلى حكم العشائر.
الضحايا الثلاث قتلوا بعيداً من مسرح الاشتباكات في بلدتي سعدنايل وتعلبايا، عند مفترق بلدتي المرج الفيضا وبر الياس في منطقة تبعد حوالى اثني عشر كيلومتراً لم تطلها القذائف التي تركّز سقوطها على البلدتين فقط. ويرى الطرفان أن هناك طرفاً ثالثاً يصطاد في الماء العكر رغم التباين في سرد الروايات. إذ تبين أن هناك قاسماً مشتركاً بين تلك الروايات.

رواية «المستقبل»

رواية المقربين من «تيار المستقبل» مفادها أن الضحية مظلوم قتلت قرابة الحادية عشرة والنصف من مساء يوم الاثنين، أي عند اشتعال الشرارة الأولى لاشتباكات سعدنايل، إثر مرور سيارة مسرعة من نوع «فولفو» قاتمة اللون «مفيّمة الزجاج» وإطلاق النار من داخلها عشوائياً، ما أدى إلى إصابة المغدورة برصاصة قاتلة. تتبابع رواية «المستقبل» أنه في هذه الأثناء، وبسبب تلك الرصاصات العشوائية التي انطلقت من سيارة الـ«فولفو»، أصيبت سيارة الطقش الذي كان يعبر الطريق باتجاه بلدة دير زنون، ما أدى إلى اصطدامه بعمود كهربائي عند الجهة اليمنى للطريق.
أما بالنسبة للحادثة التي أدت إلى مقتل غازي، فتجمع الروايات أن ملثمين أقاموا حاجزاً على طريق الفيضا زحلة عند بداية الاشتباكات، وأثناء مرور غازي وعائلته على هذه الطريق بهدف الهروب من الرصاص الطائش أثناء المعركة، كونه مجبراً على اجتياز طريق تعلبايا سعدنايل وصولاً إلى بلدته حوش الأمراء في زحلة، اضطر إلى اجتياز طريق الفيضا من دون أن يعلم أن الموت سيلاحقه إلى حيث ظن أنه في مأمن، فالملثمون طلبوا منه التوقف لكنه لم يمتثل، فما كان من المسلحين إلا أن ردوا عليه برصاصات قاتلة أصابته في رأسه، كما أصيب ولداه. وتقول رواية لـ«المستقبل» إن الملثمين من أنصار المعارضة أقاموا الحاجز منعاً لتحرّك شباب المنطقة إذا أرادوا مدّ أهالي سعدنايل. فيما هناك رواية ثانية لـ«المستقبل» أيضا تؤكد مقتل غازي برصاص ملثمين، إنما ترجح أنهم قطّاع طرق «نصبوا هذا الحاجز للتشليح، لأنه لا مبرر له لشباب «المستقبل» أو حتى للمعارضة».

رواية المعارضة

أما بالنسبة لرواية أنصار المعارضة، فمفادها أنه إثر الاشتباكات التي حصلت في سعدنايل وتعلبايا خرج شبان من المرج إلى مفترق البلدة الرئيسي عند الطريق العام، حيث كانت نقطة «حاجز للجيش اللبناني قبل دقائق، وأخليت بسبب الاشتباكات في تعلبايا». فأصبحت نقطة التقاء لمقاتلي «تيار المستقبل» وأصوليين، ونصبوا حاجزاً مشتركاً على طريق دمشق الدولي وبدأوا بالتدقيق في هويات المارة، وأطلقوا النار في الهواء عشوائياً، ما أدى إلى مقتل السيدة مظلوم على شرفة منزلها، وأيضاً بسبب عدم امتثال الطقش للتوقف على الحاجز، أطلقوا النار باتجاهه، ما أدى إلى إصابته في الرأس ليصطدم بعمود وجرح ابنيه محمد وعدي.
وتتابع رواية أنصار المعارضة أن «سلفيين» قدموا من قرى البقاع الغربي والقرى المجاورة لمساندة عناصر «المستقبل» في بلدتي سعدنايل وتعلبايا، ونصبوا حاجزاً آخر على طريق الفيضا زحلة ودققوا في الهويات على خلفية مذهبية، ولما لم يمتثل غازي لأوامر الملثمين أطلقوا عليه النار ظناً منهم أنه من عناصر «حزب الله» أو حركة أمل. ليتبين لهم عندما دققوا في هويته أنه «من الطائفة السنية».

ملف التحقيق ليس خالياً

علمت «الأخبار» أن القوى الأمنية ومديرية المخابرات في الجيش أصبحت على علم بكامل هوية كل من أطلق النار في كلا المنطقتين. «تنتظر رفع الغطاء عن كل المطلوبين، وكل من يكشفه التحقيق أنه تورط في هذه الإشكالات لسوقه والاقتصاص منه قضائياً». وكشف المصدر أنه تم التعرف على هوية العديد من الذين كانوا ملثمين وعلى من أطلق النار على الضحية غازي وولديه. «هناك عمل جدي للتوصل إلى الجهاز الذي يقف وراء هؤلاء الملثمين ويحركهم».