strong>توجّهت الأنظار أمس إلى الامتحانات الرسمية في الشمال التي غاب عنها معظم طلاب باب التبانة وجبل محسن، الذين وعدهم وزير التربية بدورة خاصة في الأيام المقبلة. وكان نحو 20 ألف طالب في العلوم العامة وعلوم الحياة قد باشروا امتحاناتهم مع مادّتي الكيمياء والفلسفة والحضارات وسط ارتياح عام للأسئلة ما عدا الشكوى من الوقت القصير المخصص لمادة الكيمياء. أما نسبة الغياب فلم تكن ملحوظة
حالت الأحداث الأمنية دون حضور غالبية طلاب باب التبانة وجبل محسن إلى مراكز الامتحانات الرسمية في الشمال، وخصوصاً أنّ ذويهم آثروا عدم خروجهم من منازلهم في ظل هذه الظروف الدقيقة، عدا عن أنّ أوضاع الأيام الماضية أثرت على تركيزهم، إضافة إلى ما أشيع عن أنّ بعضهم حمل السلاح ونزل إلى الشارع «للدفاع عن منطقتنا وبيوتنا»، ولو كان ذلك على حساب مستقبلهم.
من جهته، استعاض وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني عن اتخاذ قرار بتأجيل الامتحانات، بعد دعوات وجهت إليه من طرابلس بسبب الأحداث الأمنية التي تشهدها، بزيارة إعلامية وفولكلورية، تفقّد خلالها بعض مراكز الامتحانات في عاصمة الشمال، طمأن فيها الطلاب المتغيبين إلى أنّ دورة خاصة ستجرى لهم في الأيام المقبلةلكن زيارة قباني أتت ناقصة لسببين: الأول أنه اكتفى بزيارة مراكز الامتحانات في الميناء، بعد زيارته محافظ الشمال ناصيف قالوش في سرايا طرابلس، وهي مراكز بعيدة نسبياً عن مجرى الأحداث، ولم تتأثر بها، ولم يتفقّد أيّاً من المراكز الثمانية في طرابلس، لمعاينة كيف يُقدّم الطلاب امتحاناتهم تحت أزيز الرصاص والقنص في محيط غرفهم وقاعاتهم، فيما كان ذووهم ينتظرونهم خارجها، وسط أجواء متشنجة سادها القلق والخوف. أما السبب الثاني، فيتمثل في أنّ ثانوية طرابلس الرسمية للبنات (ثانوية الغرباء)، الواقعة في منطقة الزاهرية، وهي أحد مراكز تقديم الامتحانات، تعرضت للقصف والقنص، وسقوط قذائف في محيطها في اليومين الماضيين، ما دفع عدداً كبيراً من الطلاب إلى التغيّب عنها، فضلاً عن عودة المجموعة القليلة من الطلاب أدراجهم من حيث أتوا، وهو أمر لم يعلّق عليه قباني من قريب أو بعيد، من غير معرفة الأسباب، وإن كان قد تعهد «أنّنا سنهيّئ لكل الذين تغيبوا عن الامتحانات اليوم (أمس) لأسباب أمنية مراكز خاصة لإجرائها للتعويض عليهم عما فاتهم».
في موازاة ذلك، أوضح قباني أن «الامتحانات الرسمية التي كانت مقررة في مركز مهنية القبة قد ألغيت، وستجري اليوم الثلاثاء في دار مار الياس في الميناء، وأنّ الامتحانات مستمرة في باقي المراكز، ومن لم يصل من الطلاب بسبب الأوضاع الأمنية يخضع لامتحان لاحق».
وفي محيط ثانوية الغرباء تجمّع عدد قليل من الطلاب وذووهم للاستفسار عن مصيرهم من غير أن يلقوا جواباً، ما دفع ببعض الأهالي الذين رافقوا أبناءهم إلى القول: «لو كنا من الطبقة الغنية لكان الوزير وحكومته قد أمنوا لأولادنا حلاً لهذه البهدلة منذ البارحة، ولكننا لا نصلح برأيهم سوى للتصفيق والانتخابات، وليس للعلم».
أما في بيروت، فالامتحانات انطلقت وسط أجواء هادئة لم يعكر صفوها سوى حرارة الجو. ففي ثانوية الأشرفية الرسمية للصبيان، خرج البعض غاضباً من مسابقة الكيمياء «السئيلة والطويلة»، على حد تعبير التلميذة في مدرسة اللعازارية جيسي عون. ومن الطلاب من عبّر عن ارتياحه لسهولة المسابقة رغم طولها «غير العادل»، كما يقول أنطوان سلوم وهو تلميذ مدرسة الناصرة في الأشرفية. إلا أنّ التلاميذ تنفّسوا الصعداء لأنّ المواضيع المطروحة في مسابقة الفلسفة والحضارات «أتت من القسم الذي درسناه»، يشير غسان علم الدين من مدرسة زهرة الإحسان. ويشرح علم الدين «الخطة» المتّبعة من معظم تلاميذ العلوم العامة «ندرس قسم العلوم لأنّه الأقرب إلى اختصاصنا، فإذا أتى سؤال من هذا القسم ننجح وإذا لا «منكون أكلنا الضرب».
من جهة ثانية، بدا استياء التلاميذ واضحاً من الرقابة المشدّدة، «ما كان فينا نتنفّس»، كما تلفت إحدى الطالبات التي كادت تأخذ صفراً على مسابقة الكيمياء «لأن المراقِبة رأتني أسأل رفيقتي سؤالاًَ».
وفي صيدا، توزّع المرشحون على ستة مراكز رئيسية في صيدا مخصصة لطلاب أقضية صيدا وصور وجزين، وسط إجراءات أمنية اتخذتها عناصر قوى الأمن الداخلي عند مداخل المراكز وبلغ عدد الطلاب المرشحين لهذه الامتحانات 1961 طالباً وطالبة وغاب منهم عشرون طالباً. وشكا الطلاب والمراقبون في مركز متوسطة صيدا الرسمية للبنات من مشكلة روائح وأصوات المولدات الكهربائية وقامت رئيسة المنطقة التربوية جمال بغدادي برفع الشكوى إلى وزير التربية والمدير العام للوزارة فجرى اتخاذ قرار سريع بنقل الطلاب من هذا المركز إلى مركز ثانوية صيدا الرسمية الأولى للبنات المقابل للمركز الأول، ابتداءً من صباح اليوم الثلاثاء. أما في مدينة النبطية، فبلغ عدد المرشحين 546 طالباً، في علوم الحياة توزّعوا على مركزين، الأول في مدرسة عبد اللطيف فياض الرسمية (362 مرشحاً) والثاني في مدرسة النبطية الثالثة الرسمية (184 مرشحاً).
وفي العلوم العامة، ضمت ثانوية النبطية الرسمية للبنات 239 مرشحاً، تغيب منهم ثمانية وانسحب واحد بعد بدء المسابقة الأولى. وأبدى الممتحنون انزعاجهم من مسابقة الكيمياء التي كانت طويلة ولا يكفي الوقت المحدد لإنهاء المسابقة، ولم يسجل التلاميذ أيّ ملاحظة في ما يتعلق بمسابقة الفلسفة.
وفي البقاع، خضع 2361 طالباً للامتحانات التي تغيّب عنها 74 طالباً وطالبة. وتوزع المرشحون على 14 مركزاً في زحلة وجب جنين وبرالياس وأبلح وبعلبك واللبوة، بعد نقل مركزي سعدنايل وتعلبايا إلى زحلة لأسباب أمنية نتيجة الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة، واستبدال ثانوية بر الياس بتكميلية البلدة. وتفاوت الموقف من أسئلة مادة الكيمياء، ففيما أكدت الطالبة لبنى صوان من ثانوية سعدنايل الرسمية أنّها سهلة للطلاب الذين استعدوا جيداً للامتحان، شكا الطالب محمد يزبك من ثانوية علي النهري الرسمية من صعوبة الأسئلة. كما عبّر عدد من الطلاب عن امتعاضهم من وقت المسابقة ومن عدم السماح لهم بالاقتراب من ذويهم خلال فترات الاستراحة بين مادة وأخرى أو الخروج إلى باحات مراكز الامتحانات.


(شارك في التغطية: عبد الكافي الصمد، ليال حداد، خالد الغربي، كارولين صباح، نقولا أبو رجيلي، علي فوعاني ونيبال الحايك)