نادر فوزأصبح اتّفاق الدوحة تحت خطّ النار. تعدّت القضية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية والسير بحوار وطني جامع، وبدأت تظهر معالم حرب باردة متفجّرة في بعض المناطق انطلقت من البقاع فالشمال فـ...
إضافةً إلى هذه «الحروب الصغيرة»، ظهر إلى العلن اتّهام حزب الله، على لسان مسؤول علاقته الخارجية نواف الموسوي، «دولة خليجية» بالوقوف وراء تغذية الفتنة الداخلية رغم قدرتها «بإشارة واحدة على أن تجعلهم يديرون الأسطوانة بشكل مختلف»، حسب الموسوي. ليس خافياً أنّ الموسوي يقصد المملكة العربية السعودية، ولو أنه لم يسمّها بالاسم. ومن الواضح أيضاً أنّ حزب الله بعد الأحداث الأخيرة، الممتدة من 7 أيار وحتى اليوم، في غنى عن مشكلة سياسية ـــــ ذات ردة فعل شعبية داخلية ـــــ تزيد طين المشكلات بلّة. وبحسب المعارضين، الهجوم الكلامي على السعودية سببه عرقلاتها. والأسباب التي تدفع السعودية إلى العرقلة هي الآتية:
* أولاً، تجد السعودية نفسها بعد اتّفاق الدوحة طرفاً غير مباشر في التسوية التي وقّعها اللبنانيون، على حساب ارتفاع الرصيد القطري عند العرب والغرب. «ولهذا الاتفاق تداعيات تتّصل بفلسطين والعراق والوضع العربي عموماً»، بحسب مصدر في المعارضة. كما يشير إلى أنّ اتفاق الدوحة يجعل من قطر «دولة راعية للحلول، وخاصةً أنها احتفظت بعلاقات طيّبة بمعسكر الممانعة»، لافتاً إلى أنّ هذه العوامل تعطي القطريين إمكان نجاح سريع وعملي.
* ثانياً، تسعى السعودية اليوم إلى إثبات قدرتها على ضبط الأزمة اللبنانية والتحكم في قواعد اللعبة عند المدخل الغربي لسوريا، «والهدف من هذه العملية إعادة اعتماد الأميركيين للسعودية كرأس حربة مشروعهم في لبنان». فتحاول الرياض استنهاض ما استثمرته سياسياً وأمنياً ومالياً في لبنان، بعدما وقّع اتّفاق الدوحة «ووجد السعوديون أنّ هذه الاستثمارات لم تنفع في إرباك المعارضة وعلى رأسها حزب الله». ويؤكد المصدر أنّ الأحداث الأخيرة في البقاع والشمال ليست إلا نتيجة هذه المحاولة السعودية «لإظهار ما جرى ميدانياً في العاصمة والجبل غير قابل للتعميم على سائر لبنان».
* ثالثاً، يثير الانفتاح الفرنسي على النظام السوري قلقاً سعودياً، واللافت الهجوم الذي شنّه رئيس اللقاء الديموقراطي، وليد جنبلاط، على باريس بعد زيارته الأخيرة للسعودية.
* رابعاً، وللدلالة أكثر على الارتباك السعودي، انفتاح المملكة على الجمهورية الإيرانية عبر دعوة رئيس مجلس تشخيص النظام الإيراني هاشمي رفسنجاني إلى مؤتمر حوار الأديان لتداول تصوّرات حول الأوضاع في لبنان والعراق وفلسطين.
«الحلّ مجمّد في انتظار اكتمال المشهد العام للمنطقة»، يقول المصدر، متخوّفاً من أن يمرّ لبنان بمرحلة غير قصيرة من التوتّرات الأمنية تحوّل اتفاق الدوحة إلى «شيك من دون رصيد ريثما يعاد تفعيل السعودية لدورها القوي الضارب جذور سلطانه في المنطقة منذ الثمانينيات».