عون للسنيورة: العلاقة مع رئاسة الجمهوريّة وحزب اللّه خطوط توتّر عال لا تلعب بهاما كاد مؤتمر الدول المانحة لإعادة إعمار مخيم نهر البارد يفتتح في فيّينا، حتى كان ما خلّفته اشتباكات التبّانة ــ جبل محسن، يحتاج إلى مؤتمر مماثل، وخصوصاً أن الوضع الأمني يبدو مفتوحاً على أكثر من عنوان ومكان وزمان
استدعت التطورات الأمنية الأخيرة تحذيرات أوروبية وعربية من تداعياتها، فيما بقيت المواقف الداخلية عند حدود تبادل التهم والتنصل من المسؤوليات، إذ دعت روسيا، في بيان لوزارة خارجيتها، «الأطراف كافة التي لها تأثير على التنظيمات المتصارعة في طرابلس، إلى المساعدة في وقف المواجهة المسلحة فوراً، وإلى إعادة الاستقرار والنظام». ورأت أن ما يجري «يمثل خرقاً لاتفاق الدوحة الذي ينص على التخلي عن محاولات حل القضايا السياسية بالقوة»، لافتة إلى أن ذلك «لا يمكن إلا أن يثير القلق». كذلك رأت أن الحوادث تعقّد تنفيذ الاتفاق «بما في ذلك عملية تأليف حكومة الوحدة الوطنية التي تجري بصعوبة أصلاً، مما يهدد برجوع الوضع في لبنان إلى الوراء».
وخصّ وزير خارجية مصر، أحمد أبو الغيط، الأوضاع في لبنان بتصريح أعرب فيه «عن الاستغراب إزاء ما يجري في شمال لبنان من تقاتل غير مبرر وغير مفهوم»، متخوفاً من «أن تؤدي تلك المواجهات إلى تقويض الجهد العربي لتسوية الأزمة». وحصر «عناصر اتفاق الدوحة الرئيسية» بـتأليف الحكومة وحفظ الأمن، دون أي إشارة إلى قانون الانتخاب، متحدثاً عن «محاولات لعرقلة التوصل إلى تركيبة حكومية متوازنة في توزيع السلطات والحقائب، فضلاً عن استمرار انتشار السلاح واستخدامه من جانب أطراف لا يهمها تحقيق الاستقرار في لبنان». وأشار بيان السفارة إلى أن أبو الغيط كلّف السفير محمد بدر الدين إلقاء كلمة مصر في مؤتمر فيينا «التي ستركز على البعد الأمني في تسوية الوضع اللبناني»، مضيفاً أن اتفاق الدوحة «تضمن نصوصاً واضحة حول ضرورة حصر السلاح في يد الدولة وبسط سلطتها على جميع الأراضي».
محلياً، وجه النائب سعد الحريري نداءً إلى أهالي طرابلس، أعلن فيه وقوفه إلى جانبهم «حيال ما يواجهون من مخططات مشبوهة ومحاولات مريبة للتلاعب بأمنهم واستقرارهم»، وأهاب بهم «التزام الصبر» في «وجه أدوات الفتنة وقراراتها المستوردة من الخارج»، و«رفض الانجرار إلى أي استفزاز من أي شكل كان»، واضعاً ما يجري في سياق «مخطط يريدون من خلاله مواصلة الإجهاز على مقومات الدولة ودفع البلاد إلى منزلق خطير». ورأى أنه آن الأوان لأن يؤدي الجيش وقوى الأمن الداخلي «دورهما كاملاً في استتباب الأمن، ووقف النزف الأهلي في الشمال وكل المناطق»، مناشداً الجميع «التزام الدعوات إلى سحب المظاهر المسلحة وتمكين الجهات الأمنية الرسمية من تولّي مهماتها».

الفتنة المتنقلة... تنديد وأسف ومطالب

وأيضاً، حذر مفتي الجمهورية، الشيخ محمد رشيد قباني، من «الخلل الأمني الذي يحصل بين الحين والآخر في مختلف المناطق لترهيب المواطنين»، مشدداً على «ضرورة العمل على وضع حد للعنف المتنقل لتعزيز السلم الأهلي والوحدة الوطنية»، و«سحب السلاح من كل المناطق لعدم عودة الاقتتال». ورأى «أن الخلاف الجاري هو سياسي محض ويجب أن يبقى ضمن هذا الإطار».
وإذ أسف البطريرك الماروني نصر الله صفير لحوادث طرابلس واستنكرها، سأل: «كيف يصطلح البلد وتنهض المؤسسات، وكل واحد يريد كل شيء لنفسه؟ ولماذا مع شروق كل شمس تطالعنا مشكلة جديدة؟». واتهم عضو قوى 14 آذار ميشال معوّض، بعد تناوله الغداء في بكركي، حزب الله، بأنه يقوم بـ«استكمال الانقلاب على لبنان وعلى المؤسسات الشرعية وعلى الطائف والدوحة بالقوة».
وسأل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان: «لماذا هذا القتال، ومن الرابح في هذه المناوشات؟»، مطالباً بنزع السلاح من «مناطق الاقتتال الداخلي، وإقفال المكاتب المسلحة في الأزقة، ومحاسبة من يجر البلد إلى الويلات والخراب». وقال: «علينا أن لا نسمح لملك الجن بالتدخل في شؤوننا الداخلية بهدف بث الفتن والتفرقة». ودعا العلامة السيد محمد حسين فضل الله، خلال لقائه وفداً من تجمع علماء جبل عامل، الجميع إلى أن «يرحموا استقرار هذا البلد وسلامه، ويعملوا على إطفاء النار التي يحاول البعض من هنا وهناك أن يشعلها، ليحرق اللبنانيين لحساب الجهات والمشاريع الخارجية».
وحمّل النائب مصطفى علي حسين، مسؤولية الحوادث، إلى «من هم في السلطة ومن كانت لهم اليد الطولى في تأزيم الأوضاع عبر سياسة التفرد والاستئثار». كذلك حمّلت لجنة المتابعة لأحزاب المعارضة «ميليشيات السلطة» مسؤولية افتعال الحوادث «بهدف إبقاء البلاد بحالة عدم استقرار أمني وسياسي يخدم مشروع الفريق الحاكم في الاستئثار بالسلطة وعدم تأليف حكومة الوحدة الوطنية تنفيذاً لاتفاق الدوحة». وأكد المكتبان السياسيان للجماعة الإسلامية وحركة أمل، إثر لقائهما أمس في مقر الجماعة في عائشة بكار، «أهمية تجنيب الساحة الإسلامية الفتنة المذهبية، وضرورة نشر الخطاب السياسي المعتدل الذي ينعكس هدوءاً وارتياحاً في الشارع».
وناشد الأمين العام للجماعة الإسلامية، الشيخ فيصل مولوي، أبناء طرابلس «التسامي فوق الجراح ومنع الأعداء من الإيقاع بين أهل المدينة الواحدة»، محيّياً أهالي سعدنايل وتعلبايا «للجوئهم إلى تحقيق المصالحة الأخوية». وحذر لقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية، من «استمرار استخدام السلاح في الداخل من بعض القوى المحسوبة على فريق السلطة والموالاة، انتصاراً لمشروع الفتنة البغيضة وسعياً لتحسين بعض المواقع السياسية وتحصينها». ومن الشمال دعا رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، الجميع «إلى عدم الانجرار وراء الفتن المذهبية المتنقلة، التي لا تخدم سوى أعداء الوطن والأمة».

الصفدي يشك في وجود طابور خامسوإثر اتصالات تشاورية في شأن الوضع، طالب الرئيس نجيب ميقاتي برفع الغطاء عن المخلّين بالأمن وسوقهم إلى القضاء. وشدد على وجوب «وقف الشحن الطائفي واعتماد خطاب سياسي هادئ يجمع بين اللبنانيين، وصولاً إلى إرساء تفاهم على الحكومة الجديدة كمقدمة للقيام بالمعالجات الضرورية على الصعد كلها».
وفيما كانت تجري لملمة حوادث طرابلس، أعلن الرئيس أمين الجميل عن تعرّض شبان لإطلاق رصاص في جرود جبل صنين «من مواقع محصنة بين الصخور»، وأن مسلّحين ملثّمين احتجزوا عدداً منهم لبعض الوقت، واستجوبوهم عن انتمائهم السياسي «قبل أن يفرجوا عنهم إثر اتصالات أجراها المسلحون بقيادتهم بواسطة أجهزة لاسلكية»، معتبراً أن هذه الحادثة «تعطي صورة واضحة عن معنى الحوادث الدامية المتنقلة... وتعطي الدليل على حجم انتشار السلاح على كامل الأراضي في أيدي مسلحين هم في معظم الأحيان معروفون منا جميعاً»، مضيفاً: «والأخطر، أن كل هذه الحوادث تترافق مع مواقف وتصريحات لقيادات في «حزب الله» والمعارضة، أقل ما يقال فيها إنها شديدة اللهجة وتعلن صراحة عن النية بإقامة «دولة المقاومة» و«المجتمع المقاوم» في لبنان مهما كان الثمن».
على صعيد الوضع في البقاع، رعى قائمقام بعلبك عمر ياسين، اجتماعاً لعلماء البقاع، صدر عنه بيان يحرم الاقتتال بين المواطنين، وحذر «من ينخرط في اقتتال كهذا من أي طرف كان»، من أنه «يعدّ مخالفاً لأحكام الشرع الإسلامي، وخارجاً عن مقتضيات الوحدة الإسلامية والوطنية».

اتصالات مصريّة في شأن مزارع شبعا

في مجال آخر، استقبل سليمان أمس، سفير مصر أحمد فؤاد البديوي، الذي أطلعه ــــ بحسب المكتب الإعلامي في القصر ــــ على «نتائج التحرك الدبلوماسي المصري في المحافل العربية والإقليمية والدولية، ولا سيما في ما خص دعم موقف لبنان من استعادة سيادته على مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، والاتصالات التي تحصل في هذا السياق وردود الفعل عليها». وأمل البديوي، بعد اللقاء، تأليف الحكومة «في الوقت القريب، لينعكس ذلك إيجاباً على الوضع الداخلي». كذلك استقبل سليمان وفدين من كتلة التنمية والتحرير والحزب القومي، ونقل عنه النائب آغوب بقرادونيان تفاؤله بقرب تأليف الحكومة. وتابع الاستعدادات لانعقاد القمة الروحية، التي أسف المجلس الإسلامي العلوي لعدم دعوة الطائفة إليها.
وكانت التطورات الأخيرة محور حديث النائب ميشال عون بعد ترؤسه الاجتماع الأسبوعي لتكتل التغيير والإصلاح، حيث شكا من المراوحة في تأليف الحكومة، واتهم الرئيس المكلّف بأنه يبدو غير مستعجل، مردفاً: «إذا كان يظن أنه سيبقى في تأليف الحكومة قدر ما بقينا في الاعتصام، فهذه ليست حالة». وتمنى «وضع مهلة زمنية لمدة التكليف، وأن تحصل استشارات جديدة بعدها». وقال: «هناك بعض من الشواذ في خطاب دولته السياسي. وهناك إهمال أمني»، كاشفاً عن وجود «تهديدات لبعض المواقع في البقاع». كذلك تحدث عن «انتشار مسلح أوسع (من طرابلس) في كل عكار». واتهم نواب طرابلس «بالتواطؤ في ما يحصل في مدينتهم» انطلاقاً من ردودهم على تحذيره في شأن التسلح. وحمّل وزيري الدفاع والداخلية مسؤولية الوضع الأمني «قبل سواهما». وطالب رجال الدين «بالتوقف عن التجييش الطائفي». ورأى أن كل الحوادث «هي ترجمة لوعد بلغ إلينا منذ زمن، وهو الصيف الساخن»، مشيراً «إلى تصريحات سابقة لمسؤولين غربيين وشرقيين، ولأناس منعوا مواطنيهم من المجيء إلى لبنان في الصيف، نشعر كأن التخطيط في مكان ما، والتنفيذ على الصور المتحركة المكلفة عندنا في لبنان تنفيذ هذه التعليمات».
وكرر مواقفه من التصريح الأخير للرئيس السنيورة، ودعاه إلى ترك موقع رئاسة الجمهورية في رئاسة الجمهورية «واترك الرئيس»، قائلاً له: «للمرة الأخيرة أسمح لك بأن تتكلم فيها». وأضاف: «انتبه، أنت رئيس مكلّف، عليك أن تلتزم دوراً رئاسياً سليماً». وقال له عن العلاقة مع رئيس الجمهورية وحزب الله «هذه خطوط توتر عال لا تلعب بها». وأكد المضي في مشاورات تأليف الحكومة «لأننا لا يمكن أن نكون خاضعين لرئيس مكلف يوزع الوزارات». وطالب بتوزير إلياس المر «بحسب الكتلة التي يتبع سياستها وليس كحيادي»، معتبراً أن الرئيس المكلف «هو من يخلق المشاكل فليحلها بنفسهكذلك سأل النائب حسين الحاج حسن: «كم من الوقت يلزم الرئيس المكلف لتأليف الحكومة وهو لم يلتزم إلى الآن بأي مهلة؟ ألم يحن الوقت ليبادر إلى تأليفها للتخفيف من معاناة اللبنانيين وليلتفت إلى أن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والإنمائية تضغط على الناس (...)؟ ألم يحن للرئيس المكلف أن يدرك أن ما ينادي به من باريس 3 يحتاج إلى حكومة وحدة وطنية وإطلاق عمل المجلس النيابي حتى تتحرك العجلة الإنمائية في المناطق المحرومة».
ورأى رئيس تيار التوحيد وئام وهاب أن التأخير في تأليف الحكومة «أصبح يرتد سلباً على العهد بشكل أساسي»، متمنياً على رئيس الجمهورية «أن يضغط ويتحرك بفعالية لتأليفها، لأن فؤاد السنيورة مش فارقة معو». وقال النائب السابق فيصل الداوود إن «فترة السماح انتهت»، وعلى السنيورة «الاعتذار عن التكليف وإفساح المجال أمام شخصية أخرى توافقية». ورأى عضو قيادة حركة أمل عباس عيسى «أن البعض يستهويه الفراغ ولا يتعاطى مع خطورة المرحلة بما تتطلبه من اهتمام وتضحية لتجاوز الوضع الصعب الذي تمر به البلاد».
وفي زيارة تفقدية لبلدة مجدليا، أعلن رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان أن «موعد إطلاق عميد الأسرى سمير القنطار من السجون الإسرائيلية بات قريباً». ووصف ما يحدث في لبنان بأنه «انقسام سياسي بامتياز، وليس انقساماً طائفياً أو مذهبياً»، محذراً من تحويله إلى انقسام طائفي مذهبي «نعرف كيف ندخل فيه، لكن لا نعرف كيف سنخرج منه».


قانون الانتخاب في اقتراح مُعجَّل مُكرَّر من تكتّل التغيير والإصلاح

تقدم النائب إبراهيم كنعان باقتراح قانون معجل مكرر، مُوقَّعاً من النواب: ميشال عون وكنعان وغسان مخيبر ونعمة الله أبي نصر، لاعتماد القضاء دائرة انتخابية، على أن يبقى استثناءً وفق قانون الانتخابات لعام 1960، قضاءا مرجعيون ـــــ حاصبيا دائرة انتخابية واحدة، وكذلك بعلبك ـــــ الهرمل، والبقاع الغربي ـــــ راشيا. ويتضمن تقسيم بيروت وتوزيع المقاعد فيها، كالآتي: الدائرة الأولى: الأشرفية، الرميل، الصيفي (خمسة نواب). الدائرة الثانية: الباشورة، المدور، المرفأ (أربعة نواب). الدائرة الثالثة: ميناء الحصن، عين المريسة، المزرعة، المصيطبة، رأس بيروت وزقاق البلاط (عشرة نواب).
وأشارت الأسباب الموجبة للاقتراح، إلى أنه يأتي عملاً باتفاق الدوحة، وفي ضوء اتفاق المؤتمرين «على اعتماد القضاء طبقاً لقانون الانتخاب الصادر في 26 نيسان 1960 دائرة انتخابية مع بعض التعديلات المتعلقة بالدوائر الانتخابية في محافظة بيروت»، وعلى إحالة البنود الإصلاحية الواردة في اقتراح القانون الذي أعدته اللجنة الوطنية برئاسة فؤاد بطرس «لمناقشته وفقاً للأصول المتبعة».
ولفتت إلى أنه «تبقى الحاجة ماسة إلى إقرار التعديلات التي تطول الدوائر بشكل مفصل، على أن تطبق عليها لاحقاً الإصلاحات الأخرى بعد بحثها وإقرارها في اللجان النيابية المختصة». ويأمل الاقتراح إدراج المقعد المخصص للأقليات المسيحية ضمن الدائرة الأولى في بيروت.