قانون الانتخاب يقفز إلى الواجهة وحزب اللّه يتّهم السنيورة بالكذب والافتراءاجتمع رؤساء الطوائف في بعبدا، وانضم إليهم الرؤساء الثلاثة، والتقوا على «الخبز والملح» والمواقف التوحيديّة، من دون وضع آليات محدّدة لمصالحةالشارع المنقسم في صراع دموي سياسياً وطائفيّاً ومذهبيّاً يهدد مصيره
في ظل حال الاحتقان الطائفي والمذهبي والتوترات العسكرية المتنقلة بين المناطق، وفي خطوة أولى في سبيل إطلاق الحوار بين مختلف المجموعات اللبنانية لمعالجة أسباب التأزم الذي تشهده البلاد منذ فترة طويلة، انعقدت في القصر الجمهوري أمس القمة الروحية التي دعا إليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وحضرها رؤساء ست عشرة طائفة إسلاميّة ومسيحيّة، وممثّلون عن لجنة الحوار الإسلامي ـــــ المسيحي.
ودعا الرئيس سليمان في كلمة له في مستهل اللقاء إلى عدم التعامي «عن الدرك الذي وصل إليه لبنان، في السياسة، والاقتصاد، والأمن. والأهم القلق على الوجود والمستقبل»، مشيراً إلى «أن خلافات اللبنانيين وصلت إلى حدّ الانتحار».
ودعا «إلى العمل معاً على إبعاد ما هو داهم من الخلافات والصراعات على الأرض لمنع انعكاسها خلافات مذهبية وطائفية لا تخدم إلا مصلحة العدو الإسرائيلي، ثم ننطلق بعدها إلى البحث في مختلف الملفات الخلافية». وشدد «على وجوب الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة على نحو يعكس إرادة اللبنانيين وتطلعاتهم إلى غد أفضل»، مؤكداً «أن التضحيات والتنازلات ترخص أمام مصلحة الوطن».
وصدر عن القمّة بيان، دعا اللبنانيين إلى التعاون مع الرئيس سليمان «لتيسير مهمته في تسهيل استعادة العافية الوطنية ومعالجة قضايا الأمن والاقتصاد بالتعاون مع مجلس النواب والحكومة العتيدة التي نطالب بالإسراع في تشكيلها، لأن كل تأخير يعوق انطلاق العهد الجديد».
وأدان البيان التطرف والعنف، مؤكداً ما جاء في اتفاق الدوحة لجهة «عدم استعمال السلاح لتحقيق مآرب سياسية والاعتماد على الجيش وقوى الأمن للحفاظ على الأمن والاستقرار». وشدد على «احترام صيغة التنوع حتى يبقى لبنان واحة حرية للحوار البنـّاء، والتمسك بالأسس الدستورية التي أرساها اتفاق الطائف، وإدانة التطرف والعنف في مختلف أشكاله».
وحض «مختلف القوى السياسية على اعتماد المؤسسات الدستورية لحل خلافاتها بالحوار، ووضع مصلحة لبنان فوق كل المصالح، والتأكيد على الالتزام بوحدة الدولة شعباً وأرضاً ومؤسسات ومحافظة على السلم الأهلي والنظام البرلماني الحر، وتعزيز سلطة الدولة على كامل الأراضي».
وناشد وسائل الإعلام «وضع حدّ لتبادل الاتهامات والتحريض المذهبي، ما يتناقض مع القيم الأخلاقية التي يؤمن بها اللبنانيون الذين ندعوهم إلى الاحتكام لضمائرهم ومناشدة السياسيين إلى الارتقاء بلغة خطابهم السياسي».
وأقام الرئيس سليمان مأدبة غداء على شرف رئيس مجمع تطويب القديسين في الفاتيكان، الكاردينال خوسيه ساراييفا مارتينيس، حضرها أيضاً رئيس مجلس النواب، نبيه بري، ورئيس الحكومة المكلف، فؤاد السنيورة، ورؤساء الطوائف وشخصيات.
وبعد الغداء، عقد اجتماع ثنائي بين الرئيسين سليمان والسنيورة، عُرضت خلاله التطورات على الصعيد الحكومي، وأكد بعده السنيورة «أن موضوع الحكومة يجب أن يعالج داخلياً». وكرّر أنه لن يحدد موعداً لتشكيل الحكومة، داعياً إلى عدم اليأس واستمرار «التصميم على المتابعة مهما كانت المصاعب والعراقيل، ويجب ألا نتوتر وأن نأخذ الأمور شخصية»، مشيراً إلى الاستمرار «في الاتصالات مع جميع الأطراف، وكذلك مع (رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال) عون وكل الأمور الشخصية نزيلها، وليس لها اعتبار. ونحن نتطلع إلى الأمام».
ورداً على سؤال قال: «لا يفكر أحد في أنني متمسك برئاسة الوزراء. من يسمي رئيس الوزراء هو قوى الغالبية، وهي متمسكة بتسميتي».
وقال السنيورة: «اعتدت الاختلاف في الرأي الذي لا يفسد في الود قضية، فالقضية ليست شخصية أو قضية توتر عال أو منخفض».
وكرّر أن هناك «أربع حقائب سياديّة»، مشيراً إلى أن البلد بحاجة إلى
أن «يكون هناك وزير داخلية حيادي يشعر جميع اللبنانيين بأنه لهم، وليس عليهم، ووزارة الدفاع، أنتم تعلمون أهميتها وبمعرفة فخامة الرئيس الذي له باع طويل في هذا الشأن»، وقال: «إذا أرادت الأقلية أخذ (وزارة) المال، فبكل حبور وسعادة، وإذا أرادت الخارجية كذلك». وشبّه الوضع الحالي بأنه «كالعاصفة في الفنجان»، مشيراً إلى أن «ما يجري من حولنا من أمور تخصنا أهم بكثير من هذه الأمور التي نضيّع بسببها الفرص، والبلاد تواجه عشرات المشكلات التي نتعامى عنها، مشكلات حياتية ومعيشية ومخاطر المنطقة».
وقال: «لا أحد يملك حلولاً سحرية، كلنا نسهم في الحلول».
وعن دور الرئيس المكلف قال: «سأهدي كل من لم يقرأ الدستور نصه، لكل حقه ورأيه، لكننا نعيش في بلد يعتمد القانون ولا جمرك على الكلام»، مشيراً إلى أن «كل من له مصلحة يحاول أن يعرقل».

لعبة مكشوفة تمهيداً للانتخاباتكما رد على تحميل عدد من نواب طرابلس «حزب الله» مسؤولية الاشتباكات فيها، داعياً هؤلاء النواب وتيارهم السياسي إلىالإقلاع «عن الغوغائية، وتوجيه الاتهامات العابثة، وأن يبذلوا، في المقابل، المزيد من الجهد لضبط عناصرهم المتوترة الذين ينقلون الفتنة من منطقة إلى أخرى في لبنان»، مشيراً إلى «أن هذا التيار السياسي هو المسؤول عن الحوادث الأمنية في أكثر من منطقة لبنانية خدمة لمشروع الفتنة المذهبية المسيئة إلى الاستقرار في البلاد، في إطار لعبة مكشوفة لشد العصب المذهبي، تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة».
ودعا «إلى الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية وعدم إضاعة الوقت».
واستنكرت الأمانة العامة لـ«منبر الوحدة الوطنية» إثر اجتماعها برئاسة الدكتور سليم الحص «التأخير المتمادي في تشكيل الحكومة»، ورأت أنه «إذا كان الرئيس المكلف عاجزاً عن حسم عملية التأليف بالسرعة المنشودة، فهو مطالب بالاعتذار كي يكون في الإمكان تسمية سواه».
وأكد النائب ميشال المر أن «نجله ليس المشكلة»، مشيراً إلى أن «المشكلة الحقيقية تكمن عند خلفية من يدعم هذه الأفكار». وقال إن «الحملة القائمة ضدّه لا تضعفه بل تقوّيه».
ورأى المر إثر لقائه عدداً من السفراء أن الرئيس السنيورة «ليس بمشروع حرب كما قال البعض، بل هو شرعيّ، ويقوم بدوره كرئيس مكلف».
في غضون ذلك، أعلن المسؤول عن العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر، جبران باسيل أن اجتماع المعارضة الرباعي بحث الصيغ البديلة، ورأى «أن البديل هو إقرار قانون الانتخاب، بعدما نفذت المعارضة المطلوب منها في اتفاق الدوحة لناحية رفع الاعتصام وانتخاب رئيس، فيما لم تنفذ الموالاة بند حكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب»، مشيراً إلى أن الرئيس بري سيدعو إلى جلسة عامة لإقرار قانون الانتخاب.
من ناحيته، رأى وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت «أن المعارضة لا تريد، وليس لديها القدرة على تطبيق اتفاق الدوحة، وهي تضع العراقيل أمام التشكيلة الحكومية على طريقة «ما بدك تجوّز بنتك، غلّي مهرها» وكأنهم يقولون لنا أعطونا الدولة نقبل معكم». واعتبر «أن حزب الله، بعد الذي حصل في بيروت، بات ميليشيا فعلية».
وعلق على حوادث الشمال، مؤكداً «أنه لا يمكن ردع الأهالي عن حمل السلاح من الآن فصاعداً، بعد تجربة بيروت، رغم أن خيارنا كتيار مستقبل ليس السلاح».
ورد النائب محمد الأمين عيتاني على تصريحات العماد عون بشأن السلاح وقال: «إذا كان النائب العماد ميشال عون لا يملك جهازاً أمنياً يوفر له المعلومات، فهذا يدفع إلى الاعتقاد بأنه مرتبط بجهات إقليمية تضخ له المعلومات، وتضعه مسبقاً في أجواء خرائط الاشتباكات التي سيفتعلها لتقويض السلم الأهلي، وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية».
وهاجمت «حركة التنمية والتجدّد» التي يرأسها عضو التكتل الطرابلسي النائب محمد كبارة العماد عون معتبرة أنه «أصبح الآن يلعب بخطوط النار فعلاً». وحذّرت عون من «أن خط التوتر العالي يصعق بالقدر الكافي كل من تسوّل له نفسه العبث السياسي باللعب على التوتير المناطقي والطائفي والمذهبي، وكل من يتواطأ على البلد ومن يحاول المسّ بالتوازنات الوطنية التي اتفقنا عليها في الطائف».
ووسط هذه الأجواء غادر رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري بيروت الى السعودية في زيارة عمل.
على خط آخر، بدأ رئيس لجنة الإدارة والعدل، النائب روبير غانم، جولة على الكتل النيابية، تمهيداً لدرس اللجنة اقتراح قانون الانتخاب الجديد، والتقى لهذه الغاية أمس رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع في معراب، وقال بعد اللقاء: «سنسير في قانون الانتخاب وفي التقسيمات الإدارية الواردة في اتفاق الدوحة والإصلاحات التي نريدها ونسعى إليها».
بدوره شدد جعجع على «ضرورة الإسراع في تحضير المشروع لجهة التقسيمات التي كان قد اتفق عليها في الدوحة، بالإضافة إلى الإصلاحات الواردة في قانون فؤاد بطرس».
وفيما رأى عضو «تكتل التغيير والإصلاح»، النائب إبراهيم كنعان، في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «المواقف حتى اللحظة تعطيلية لقانون الانتخاب تحت ذرائع متنوعة، منها ما هو دستوري ومنها ما هو سياسي، أوضح النائب بطرس حرب أن المعلومات المتوافرة لديه تقول إنه لا نية لدى الرئيس بري لدعوة الهيئة العامة لإقرار قانون الانتخاب أو التقسيمات الانتخابية قبل تشكيل الحكومة».
في غضون ذلك، تابع رئيس الجمهورية الأوضاع الأمنية في طرابلس، وأجرى اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش بالنيابة، اللواء الركن شوقي المصري، واطلع منه على الإجراءات الأمنية التي اتخذها الجيش في طرابلس. كذلك اتصل بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي للغاية نفسها، مركزاً على أهمية التنسيق بين الجيش وقوى الأمن الداخلي لإنجاح المهمة الأمنية في طرابلس.
وتفقد الرئيس عمر كرامي الجرحى الذين أصيبوا من جراء الحوادث في منطقتي باب التبانة وجبل محسن وجوارهما، والذين يعالجون في المستشفى الإسلامي وعددهم نحو 57 جريحاً. ووصف كرامي هذه الحوادث بأنها «عبثية لا طائل منها»، وأيد ما قام به مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار بجمعه أفرقاء المنطقتين، وأمل «أن يكون أداؤه عنواناً لأعمال رجل الدين»، لافتاً مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني «إلى ضرورة أن يقتدي بهذا الدور الذي قام به المفتي الشعار». ورأى أن «ما حصل حتى الآن هو هدنة نرجو أن تكون طويلة، من أجل أن تستغل لإنهاء هذا الوضع الشاذ»، موضحاً أنه لم يحضر الاجتماع الذي عقد في دار الفتوى في طرابلس بسبب وجوده خارج المدينة».
وحيت «هيئة العلماء المسلمين» في عكار وطرابلس، في أول بيان لها بعد تأسيسها، الرئيس سليمان «لاستجابته السريعة للنداءات التي دعت إلى حفظ أمن مدينة طرابلس وأمن الوطن، تنفيذاً لخطاب القسم». وثمنت الدور «الرائد والفاعل والحكيم» للمفتي الشعار في إخماده حريق المعارك في طرابلس.

أفكار مصريّة بشأن مزارع شبعا

على صعيد آخر، وبعد الاهتمام الدولي بمزارع شبعا المحتلة، أعلن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، سليمان عواد، على هامش مباحثات بين الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في شرم الشيخ، أن مصر تؤيد وضع المزارع تحت إشراف الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن «هناك أفكاراً مصرية بهذا الصدد، على أن يتقرر في ما بعد كيفية تسليمها إلى لبنان أو سوريا».
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني في حديث إلى وكالة «آكي» أن إيطاليا قادرة على أداء دور إيجابي للمساعدة على العمل باقتراح وضع مزارع شبعا تحت وصاية الأمم المتحدة.
وفي مقابلة مع صحيفة «إل تمبو»، قال فراتيني إن «هذه المزارع وفرت ذريعة لحزب الله لكي يكون هناك بصورة مسلحة... وإذا أزلنا هذا العذر أيضاً فسنساعد حكومة الرئيس السنيورة على نزع سلاح جميع الميليشيات».