شطح يبلغ باسيل القبول بمنصب نائب الرئيس فقط وقاسم يدعو السنيورة لتقديم اقتراحات متعددةبعد ساعات من قمة رؤساء الطوائف والمذاهب، عادت الطوائف إلى سجالاتها واستأنفت المذاهب مرحلة طرابلس من الفتنة المتنقلة، ببدء فرز مذهبي وإقامة المتاريس... وولادة الحكومة لا تزال متعثرة والخوف أن يكون الحمل كاذباًهل أخذ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان المبادرة لتذليل عقبات تأليف الحكومة، عبر مروحة من اللقاءات الموزعة بين فريقي الموالاة والمعارضة، لجمع الاقتراحات وجوجلتها، تمهيداً لتظهير القواسم المشتركة والبحث عن منافذ ممكنة في جدار عقبات المطالب والرفض المتبادلين؟
السؤال فرضته نوعية زوار قصر بعبدا، أمس، التي شملت: الوزيرين مروان حمادة وطارق متري، النواب: بطرس حرب وسمير الجسر وهادي حبيش ومصطفى حسين، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وفداً من حزب الاتحاد برئاسة الوزير السابق عبد الرحيم مراد، الوزير السابق إدمون رزق، والنائبين السابقين ناصر قنديل وتمام سلام.
وعلم أن سليمان أبلغ المعارضة بعدم ممانعته السير بالاقتراح الذي قدّمه النائب حسن فضل الله الأحد الفائت، والذي يقضي بأن يسمّي العماد ميشال عون القيادي في التيار الوطني الحر اللواء عصام أبو جمرا نائباً لرئيس الحكومة وأن يتولّى أيضاً حقيبة أساسية. لكنه أكّد، في المقابل، أنّه لا يؤلّف الحكومة وحده بل مع الرئيس المكلّف فؤاد السنيورة بوصفه ممثلاً لفريق الأغلبية النيابية، وهذا الفريق لم يوافق على مقترحات عدة من بينها إجراء عملية تبادل في التمثيل الطائفي للحقائب السيادية.
إلا أن موقفاً رافضاً جاء كما كل مرة من جانب السنيورة باسم فريق الأكثرية، وهو الذي حاول الحديث عن تنازلات كبيرة قدّمها للمعارضة، منها الموافقة على تخصيص تسع حقائب لها بدل ثماني، علماً بأن هذا الأمر بُتّ في اجتماع سابق بين النائب سعد الحريري والنائب علي حسن خليل. لكن السنيورة قال إنه يوافق على تولّي أبو جمرا منصب نائب رئيس الحكومة مع حقيبة خدماتية، ولكن ليس الاتصالات أو العدل.
ومع ذلك، فإن جولة نقاش متوقعة قريباً بين سليمان والسنيورة، علماً بأن رئيس الجمهورية حاول أن ينتزع عرضاً رسمياً من جانب المعارضة، ويتوقع أن يجري تواصل قريب بينه وبين العماد ميشال عون لسماع موقف الأخير الرسمي والنهائي من «الاقتراح الإعلامي» الذي قدّمه فضل الله بشأن نيابة رئاسة الحكومة وحقيبة الاتصالات أو العدل. وعلم أن سليمان أبلغ زواره، أمس، بأن الاقتراح ورده عبر الإعلام لا بصورة رسمية، نافياً أن يكون الرئيس نبيه بري قد نقله إليه في زيارته الأخيرة إلى بعبدا.

سليمان «يحفظ علاقة جيّدة مع عون»

وفيما لم تبتّ زيارة الوزير السابق سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا الخلاف القائم في شأن تشكيلة الحكومة، علمت «الأخبار» أن فرنجية لم يكن يقوم بمهمة وساطة مع رئيس الجمهورية، وأنه رفض حتى تولّيه مثل هذه الوساطة مع أي جهة أخرى، ولا سيما مع العماد عون، وهو لم يزر الأخير في الرابية بعد مغادرته القصر الجمهوري كما أشيع، بل انتقل مباشرة إلى منزله في بنشعي بعدما تركت زيارته لسليمان «انطباعات إيجابية». ولمس فرنجية «أن الرئيس سليمان يتصرف بودّ تجاه العماد عون ويرغب في إنجاز التشكيلة الحكومية قريباً».
وحسب مصادر مطلعة، فإن الاجتماع بين فرنجية وسليمان تطرق إلى عناوين كثيرة، بينها العلاقة الشخصية واستعادة حوادث سابقة، بينها معارك نهر البارد ودور الجيش، ومرور سريع على العلاقات مع سوريا، ولا سيما أن فرنجية الذي أمضى 3 ساعات في بعبدا، كان قد خرج ليعقد مؤتمراً صحافياً قصيراً بعد ساعة من الاجتماع قبل أن يعود لتناول الغداء على مائدة الرئيس. وهو قال في المؤتمر الصحافي إنه لا حاجة إلى وساطة بين الرئيسين سليمان وبشار الأسد، وقد أبلغ سليمان بذلك، فعلّق الأخير بأنه الجواب الأنسب، متحدثاً عن حوار جرى بينه وبين وفود أميركية وفرنسية وأوروبية، وهو شجع على ما تقوم به فرنسا لناحية تقوية العلاقات مع سوريا. لكنه لم يتطرق أبداً إلى موضوع العلاقة المباشرة بينه وبين الأسد.
وفي ما خصّ الملف الحكومي، قدّم فرنجية عرضاً ركّز فيه على أهمية أن يحظى العماد عون بالتمثيل الحقيقي والمناسب، وكرر أمام الرئيس ما جرى التوافق عليه في لقاء قيادات المعارضة الجمعة الفائت. وشدد فرنجية أمام سليمان «على أهمية توثيق العلاقة بينه وبين العماد عون والتعاون المشترك لمواجهة صعاب المرحلة المقبلة». ورد سليمان بأنه «يحفظ علاقة جيدة مع عون وهو لم يتناوله سلباً، بل هناك تواصل بينهما وأنه يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، وهو لا يمثّل طرفاً في النقاش الدائر». كما أشاد سليمان بنواب من كتلة عون أبرزهم وليد خوري الذي يتشاور وإياه في مسائل كثيرة تخص العلاقة مع العماد عون.
وعندما جرى عرض للمقترحات المعروضة، قال سليمان إنه لا يعارض أن يتولّى مسلمون، سنّة أو شيعة، وزارتي الدفاع أو الداخليّة، لكن سليمان سأل فرنجية عن اقتراح فضل الله وعما إذا كان عون يقبل به نهائياً. ورد فرنجية بأن عون لن يسير في تشكيلة حكومية لا يكون له فيها حقيبة سيادية، وأنه يرجّح موافقته على اقتراح فضل الله، الأمر الذي دفع سليمان إلى سؤال فرنجية عما إذا كان بمقدوره حمل جواب نهائي من عون، فرد الزعيم الشمالي بأنه «ما دام هناك تواصل دائم بينكما، فلماذا لا ترسل من يسأله رأيه النهائي في الأمر».
وقالت مصادر معارضة إن فريق 14 آذار تجاوز مسألة نيابة رئيس الحكومة، وإن السفير محمد شطح أبلغ مسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر المهندس جبران باسيل بالموافقة على تولّي وزير من كتلة عون هذا المنصب. لكنه قال إن هناك مشكلة في تولّيه إحدى حقيبتي الاتصالات أو العدل.

الفرزلي: تستطيع الأكثريّة أن تعيد النظر

وكان دور رئيس الجمهورية محور حديث النائب السابق إيلي الفرزلي، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، إذ سأل: ألا يجوز لرئيس الجمهورية، وهو شريك رئيسي، بقوة النص الدستوري، بصناعة الحكومة وتأليفها، أن يفتش عن الوسائل التي تؤدي إلى تأليفها؟». وإذ لفت إلى أن النص الدستوري لم يلحظ «بالمعنى الحرفي للكلمة» مهلة محددة للرئيس المكلّف، سأل: «هل يستطيع فخامة الرئيس أن يتجاهل هذا الواقع بانتظار القوة التي أعطت الصلاحية لرئيس الوزراء المكلّف؟»، مشيراً إلى أن القوة التي أعطته ذلك، وهي الأكثرية، تستطيع أن تعيد النظر بالأمر إذا تقرر ذلك، «وهنا دور فخامة الرئيس، من باب حرصه على عهده ومؤسساته الدستورية، وعلى توازن السلطات الدستورية».

«المشاكل الأمنيّة مصدرها واحد ومعروف»

كذلك التقى بري وزير الإعلام غازي العريضي. فيما شهد مجلس النواب اجتماعاً بين قيادتي حركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي، حضره عدد من نواب ومسؤولي الجانبين، وأكدت القيادتان في بيان مشترك «دعم كل جهود المصالحة والوفاق التي تحصل في أكثر من منطقة»، ودعتا الجيش والقوى الأمنية «إلى التعامل بكل حزم مع أي إخلال بالأمن من أي جهة أتى». كما شددتا على إبقاء الجامعة اللبنانية «بعيدة عن المشاكل والصراعات وضبط أي إشكالات في إطار أنظمتها وقوانينها، والحوار المسؤول بين جميع الطلاب». كذلك زار وفد من «أمل» قيادة حزب الطاشناق، وشددا على ضرورة الإسراع في تأليف الحكومة «كما أقرّها اتفاق الدوحةوكان الموضوع الحكومي والإشكالات الأمنية والهجوم على حزب الله، محور كلمة لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، ألقاها في حفل تخريج أقيم في «مجمع القائم» في الرويس. ففي موضوع الحكومة، حمّل السنيورة المسؤولية «في كل تأخير»، وقال إن الرئيس المكلّف «طرح اقتراحات محددة ولم يعد يتزحزح عنها»، فيما المعارضة قدمت 5 اقتراحات مختلفة «لفتح باب للحل، وكان الجواب الدائم منه، الرفض والتمسك بتركيبة وحقائب تبرز الرغبة في عدم التجاوب وعدم إنصاف المعارضة»، داعياً إياه «وهو المسؤول عن التأليف»، إلى «تقديم اقتراحات متعددة للمعالجة، وإلى مصارحة الرأي العام بأسباب التعطيل: ما هي اقتراحاته، وما هي اقتراحات الآخرين بوضوح».
وعن المشاكل الأمنية المتنقلة، قال إن مصدرها «واحد ومعروف»، وإن «تياراً سياسياً محدداً هو الذي يفتعلها، أو بالحد الأدنى لا يتمكن من ضبط عناصره أو مؤيّديه أو من يختبئون تحت عباءته». واتهم هذا التيار بقلب الحقائق وتوتير الأجواء، وأنه «وملحقاته» يدلون بـ«تصريحات موتورة وشتائم متتالية»، مردفاً: «مهما كثر الصراخ من جوقة المتوترين، ومهما اتهمونا وشتمونا ورفعوا من مستوى خطاباتهم التحريضية المذهبية المكشوفة، فإننا سنبادل التحريض المذهبي بتعزيز الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية (...) وسنبقي الخلاف في دائرته السياسية. وإذا كان البعض يتوقع أن شدّ العصب المذهبي يمكن أن يعطيه منحة لموقع أفضل في الانتخابات فهو مخطئ، لأن هذا المنطق أصبح بالياً ولم يعد قابلاً للتسويق إلا عند المتوترين، وهؤلاء قلة».

«حوادث بيروت كسرت هيبة الدولة»

في المقابل، خلط رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، في مؤتمر صحافي عقده في معراب، الأولويات، عبر مطالبته رئيس الجمهورية بـ«الدعوة إلى عقد مؤتمر حوار وطني عاجل في قصر بعبدا لطرح الملف الأمني على بساط البحث، والاتفاق على حد أدنى في موضوع السلاح»... حتى وإن سبق هذا الحوار تأليف الحكومة»، معتبراً أن حوادث بيروت كسرت هيبة الدولة. وشكا من التعرّض لمواطنين بين جرود عيون السيمان وجرود زحلة، وبين جرود بسكنتا وجرود زحلة. وقال إن «المجتمع المقاوم يستلزم موافقة كل الشعب الذي لا يستطيع أحد إرغامه على انتهاج المقاومة». ثم خصص جزءاً كبيراً من حديثه للرد على مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله، نواف الموسوي، متهماً الحزب بأنه يتصرف بمبدأ «ما لنا لنا، وما لكم لنا ولكم». ورأى أن إعطاء حقيبة سيادية للعماد ميشال عون «يوجب» إعطاء مثلها للقوات، «وفي هذه الحال، لن يعود هناك حقيبة وزارية لرئيس الجمهورية، وهذا لا يجوز»، لافتاً إلى أن اتفاق الدوحة لم يعط الأخير وزارة الدفاع، مبرراً محاولة تجييرها له بـ«حساسية الوضع وعدم صلاحية وجود شخص حزبي في هذه الوزارة، وانطلاقا من أن الرئيس كان قائداً للجيش، وأن العهد الجديد بدأ (...) فهل هذه جريمة؟».
في هذا الوقت، واصل رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم، جولاته على القيادات لبحث موضوع قانون الانتخاب الذي يدرس في اللجنة، فزار أمس الرئيس السنيورة الذي التقى أيضاً الرئيس أمين الجميل، النائب نبيل دو فريج قائد قوات «اليونيفيل» الجنرال كلاوديو غراتزيانو، واتحاد جمعيات العائلات البيروتية الذي أعرب عن الرفض «القاطع لإعطائه مهلة لتأليف الحكومة».


الشرع: لم نعُد نخشى أيّ شيء

رأى نائب الرئيس السوري، فاروق الشرع، أنّ سوريا باتت مرتاحة على كل الصعد، مشيراً إلى دور الدبلوماسية السورية في القضايا العالقة في المنطقة والعالم. حديث الشرع جاء أمس في مقابلة تلفزيونية على شاشة «المنار»، تطرّق خلالها إلى مواضيع عديدة، أبرزها المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، التي وصفها الشرع بـ«الاستطلاعية لتحضير إمكان الانتقال إلى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الإسرائيليين». وقال الشرع إنّ سوريا لم تتوقّف عن المطالبة باستئناف المفاوضات مع الدولة العبرية، فـ«هذا الموضوع غير محرّم، ونحن مستعدّون لمتابعته في حال وجود الركائز الأساسية لبداية عملية سلام جدية وفق اتّفاق مدريد». وعن ضرورة إشراك لبنان في هذه المفاوضات، أكد الشرع أنّ المناطق المحتلة تمثّل جبهة أمنية واحدة، «وهذا الربط مقصود بحكم المفهوم الأمني، إلا أنه غير مُملى على أحد». وعن مزارع شبعا ووضعها تحت وصاية الأمم المتحدة، شدّد الشرع على أنها مسألة لبنانية داخلية مرتبطة بسلاح المقاومة.
ولدى سؤاله عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، رفض الشرع وصفها بـ«السيف المُصلَت على سوريا»، إلا أنّه رأى أن استخدام هذه القضية من قادة وأنظمة ودول هو ما يجعل من المحكمة الدولية سيفاً يهدّد سوريا. غير أنّ مرحلة الخوف والعزلة والاتهام جرى تجاوزها، وفقاً للشرع الذي قال: «لم نعد نخشى أي شيء».
وعن اتفاق الدوحة، قال الشرع: «لا نتحدث هنا عن حلّ جذري متكامل، لكن الاتفاق نجح في الحدّ من المآسي والمعاناة التي يعيشها اللبنانيون». وأعاد الشرع تأكيد أنّ مصلحة سوريا تكمن في وجود لبنان قوي ومعافى «ويحب عدم نكء الجراح، والرهان السياسي الوحيد الناجح هو على نجاح العلاقة بين لبنان وسوريا».
وشدد الشرع على ضرورة تكامل الدور العربي «الذي أنتج حلاً في لبنان» والمنبثق من العلاقة بين الشعوب العربية، مؤكداً أنّ سوريا تتعاطى مع كل القضايا من الموقع العروبي والقومي، لافتاً إلى ضرورة عدم وجود «دور عربي على حساب دور عربي آخر». كما نفى الشرع وجود مشكلة بين دمشق والقاهرة، إذ «لا يوجد ما يحصل بيننا لتكون هناك مشكلة».
وبالانتقال إلى الوضع الإقليمي، تحدث الشرع عن العلاقات السورية ـــــ الإيرانية «التي لم تتغيّر منذ قيام الثورة الإسلامية»، مؤكداً أنّ الحديث عن مشروع سوري ـــــ إيراني هو «إما قصر نظر وعدم فهم للمسائل المعقّدة، وإما خضوع لإملاءات خارجية». ولفت الشرع إلى وجود مواقف وقضايا عربية لا يمكن المساومة عليها، متمنّياً قيام مشروع عربي إسلامي بديل من المشروع الأميركي في المنطقة.
وعن زيارة الرئيس السوري المرتقبة إلى باريس لحضور اجتماع قمة الاتحاد من أجل المتوسط، أشار الشرع إلى وجود توقّعات كبيرة يعوّل عليها من هذه الزيارة، ذاكراً خصوصية العلاقة بين سوريا وفرنسا. واستدرك الشرع قائلاً: «الأمر لا يخلو من الشكوك والحذر ما دامت الإدارة الفرنسية لا تزال جديدة وقيد الامتحان».
وعن الحصار والعقوبات المفروضين على سوريا، رأى الشرع أنّ الأوضاع ستستمرّ على حالها أو تزداد سوءاً، ما دام هناك صراع عربي ـــــ إسرائيلي، فـ«موقع سوريا الجغرافي وموقفها السياسي من مجمل القضايا يجعلانها في حصار أميركي بإيعاز إسرائيلي». ورأى أنّ المنطقة تمرّ بحالة من الهدوء غير المقصود «نتيجة فشل المشروع الأميركي الضخم في كل الدول، كما أنّ الجميع بحاجة إلى فسحة من الهدوء وإعادة ترتيب البيت الداخلي».