المعارضة تحذّر من تداعيات التأخير وجعجع يطالب بحقيبة سياديّة أسوة بعونفيما تتكثّف الاتصالات لتطويق ذيول حوادث طرابلس، فتح التموضع الجديد للحقائب السياديّة ثغرة في جدار الأزمة الحكومية. إذ أكد الرئيس المكلّف، الذي تنقّل أمس بين بعبدا وعين التينة، حصول تقدّم على هذا الصعيد
تابع رئيس الجمهوريّة، ميشال سليمان، لقاءاته السياسية التي تركزت في جانب كبير منها على الموضوع الحكومي الذي كان أيضاً محور اجتماع بينه وبين رئيس الحكومة المكلّف فؤاد السنيورة.وأكد السنيورة بعد اللقاء، وجود تقدم في عملية تأليف الحكومة، «وإن لم تكن كل العقبات قد ذللت». وإذ أبدى ارتياحه إلى هذا التقدم، لم ينف أو يؤكد ما إذا كانت الأكثريّة قد وافقت على الطرح القائل بإعطاء رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون منصب نائب رئيس الحكومة وحقيبة أساسية، داعياً الجميع إلى «التغاضي عن الأمور الجانبية، والتركيز على الأمور الأساسية، التي تمكننا من تأليف الحكومة في وقت قريب».
ورداً على سؤال، أكد أن وزارة الاتصالات «مهمة، فهي جزء مما يسمى باريس ـــــ 3، وهو فكرة إصلاحية قمنا بالمستحيل لكي نتمكن من الحصول عليها».
وعن اتهام عناصر لـ«حزب الله» بالانتشار في صنين والطرق الممتدة إلى زحلة، أعلن الرئيس السنيورة أنه «جرى تكليف القوى الأمنية للتثبت من هذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الكلام الذي قيل في هذا الموضوع لم يطلق على عواهنه».
ثم زار السنيورة رئيس المجلس النيابي، نبيه بري في عين التينة، وغادر بعد اللقاء الذي استغرق 45 دقيقة من دون الإدلاء بأي تصريح، فيما زار وفد من
كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد الرئيس سليمان، ناقلاً إليه تحيات الأمين العام لـ«حزب الله»، السيد حسن نصر الله، مجدداً تهنئته بانتخابه، ومؤكداً «تعاون الكتلة ودعمها لمواقفه».
ورد الرئيس سليمان، مؤكداً أهمية تضامن اللبنانيين والمساهمة في الحلول لمعالجة الأزمات الراهنة سياسياً واقتصادياً وأمنياً. وركز على أن «العدو الإسرائيلي هو المستفيد الأول من ضرب التجربة اللبنانية وما تمثله من خصائص ومميزات».
وأكد «ضرورة استمرار الحوار بين اللبنانيين، وألا تؤدي الخلافات السياسية الطارئة إلى انعكاسات سلبية على الثوابت والخيارات الوطنية، وفي مقدمها المقاومة الوطنية التي هي أمانة في عنق كل لبنان لأنها مصدر قوة له».
وبعد اللقاء، قال رعد: «طرحنا جملة مواضيع سياسية، منها ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، مبدين قلقنا من التأخير في ولادتها، وما يتركه ذلك من تداعيات أمنية واقتصادية في ظل تفاقم الوضع المعيشي وتدني القوة الشرائية. وقد طالبنا بمعالجات سريعة لهذه المسائل، ووجدنا لدى فخامته كل تجاوب».
ورداً على سؤال، قال: «من نافل القول أن فخامة الرئيس يتبنى موضوع المقاومة وأهميتها، منذ كان قائداً للجيش وهو جدد تأكيد ذلك خلال حديثنا معه اليوم».
وعرض سليمان العلاقات اللبنانية ـــــ السورية مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني ـــــ السوري نصري خوري. كذلك التقى النائبين نبيل دو فريج وأنطوان زهرا الذي شدد على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، «وليضع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف التشكيلة المناسبة، فيحمّلا الجميع مسؤولياتهم».
من جهته، أعلن رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع
بعد لقائه الرئيس السنيورة في السرايا الحكومية، أن هناك «اقتراحات جديدة مطروحة، البعض منها ليس ذا فائدة أبداً، والبعض الآخر يمكن التوقف عنده»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب الإسراع في تأليف الحكومة، يجب أن تكون التشكيلة فيها الحد الأدنى من المنطق والتوازن من كل الجهات، سواء مستوى الطوائف أو الأحزاب والمجموعات السياسية في لبنان».
وقال: «إذا كان للعماد عون حقيبة سيادية، يجب أن يكون لنا كقوات لبنانية أيضاً حقيبة سيادية»، مضيفاً أن العماد عون لا يعارض هذا الأمر، وأكد أن الاتصالات معه لم تنقطع.
ورأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آغوب بقرادونيان أن ما يطرح راهناً من تموضع جديد للحقائب السيادية قد يساعد على الوصول الى تشكيلة حكومة العهد الأولى، وهو طرح تناقشه الموالاة والمعارضة.

حزب اللّه والتعيينات الأمنيّةالعقد على صعيد تشكيل الحكومة، لأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد لم تعد تحتمل تأجيلاً». ورأت «أن المساعي الدبلوماسية التي تبذل دولياً لاستعادة المزارع لتكون تحت سيطرة القوات الدولية لا تعني تحريرها وعودتها إلى السيادة اللبنانية»، مؤكدة «استمرار المقاومة لتحرير كامل الأرض في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وسائر القرى والمناطق اللبنانية المحتلة».
وبينما رأى الرئيس نجيب ميقاتي، في لقاء حواري عقد في مقر السفارة اللبنانية في الأردن، بدعوة من الرابطة اللبنانية ـــــ الأردنية، «أن التأخر في تشكيل حكومة العهد الأولى أمر يتجاوز الخلافات اللبنانية ليعبّر عن حقيقة الترابط بين الواقع اللبناني والوضع الإقليمي والدولي الشائك»، اتهم عضو كتلة «المستقبل»، النائب أحمد فتوح «حزب الله» وحلفاءه بعرقلة تنفيذ اتفاق الدوحة وإغراق البلاد في المجهول، مشيراً أن قيام مؤسسات الدولة «نقيض المشروع السياسي للحزب وراعيه الإقليمي في إيران».

تغطية سياسية للعدوان الإسرائيلي

في غضون ذلك، رد عضو كتلة الوفاء للمقاومة، النائب جمال الطقش على بيان الأمانة العامة لـ«قوى 14 آذار»، فرأى «أن اللبنانيين باتوا يعرفون من هي الأيدي التي تضخ الفتنة وتنقلها من منطقة إلى أخرى»، مشيراً إلى أنه لا يفيد هؤلاء إلقاء التهم على الآخرين، «فالناس لا يصدّقونكم ويحمّلونكم المسؤولية كاملة عن الأجواء المشحونة في البلد».
كذلك رد النائب علي المقداد على النائب أنطوان أندراوس، واصفاً إياه بـ«المتولّد من صناديق الهدر والفساد»، معتبراً تهجمه على المقاومة ووصفها بالإرهاب «تغطية سياسية وقحة للعدوان الإسرائيلي وارتكاب المجازر بحق المدنيين وتدمير المدن والقرى بنفس الحجة الإسرائيلية»، و«تبنياً للموقف الأميركي، ما يؤكد حجم تورط هؤلاء في المشروع الأميركي ـــــ الإسرائيلي».
وفي جانب آخر، تفاعلت الحملة العنيفة التي شنها جعجع على العماد عون، وصدرت ردود من نواب تكتل «التغيير والإصلاح». ورداً على موقف جعجع من تقديم التكتل مشروع قانون معجل مكرر للدوائر الانتخابية، سأله النائب نعمة الله أبي نصر: «لماذا لا ينضم إلينا نواب القوات اللبنانية فوراً للتعجيل في عقد جلسة لإقرار اعتماد القضاء دائرة انتخابية»، مذكّراً بـ«المثل اللبناني» القائل: «انفخ في اللبن لأنه كواني وهو حليب».
وأشار إلى أنه «ما كان الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله ليوافقا على اعتماد القضاء إلا تضامناً مع مطلب العماد ميشال عون». وختم مخاطباً جعجع: «لم نفهم بأي معيار صنفت الرئيس فؤاد السنيورة ممثلاً للمسيحيين مليون مرة أكثر من العماد ميشال عون».
واستغرب النائب إبراهيم كنعان كلام جعجع، متسائلاً: «لماذا يفاجأ جعجع بهذا الأمر ما دام إقرار هذا القانون مدرجاً في البنود التي تم الاتفاق عليها في الدوحة؟». ورأى أن اتفاق الدوحة نص على إقرار القانون في جلسة القسم، «فلماذا التأجيل؟ وما الذي يضر به (جعجع) وهو يعتبر نفسه الحريص على حقوق المسيحيين؟»، لافتاً إلى أن التعطيل بدأ من تكليف الرئيس السنيورة بالتأليف.
في المقابل، رد النائب زهرا على كنعان فرأى أنه عندما يقول: «لا ضرورة لاقتراح هيئة عليا للانتخابات لأنها واردة في اقتراحات لجنة بطرس، فالأحرى أن لا يكون هناك ضرورة لاقتراح تقسيمات انتخابية أيضاً، لأنها واردة في اتفاق الدوحة». كما شن زهرا هجوماً على رئيس «تيار المردة»، الوزير السابق سليمان فرنجية، الذي «جرح مشاعر كل المسيحيين»، حين قال: «إن شاكر العبسي قد يكون يمثل المسيحيين عند الدكتور سمير جعجع أكثر من العماد عون».

تحريم الاقتتال والاعتداء على الممتلكات

على صعيد آخر، تابع مفتي طرابلس والشمال، الشيخ الدكتور مالك الشعار، أوضاع منطقتي التبانة وجبل محسن، فأجرى اتصالات بالقادة العسكريين والأمنيين، واطلع منهم على الإجراءات الكفيلة بالحد من موجات السرقة وإحراق المنازل والتعدي على الممتلكات، ونوه بدورهم في التصدي بحزم للمخلين بالأمن وللمعتدين على الحرمات. والتقى المفتي الشعار في مكتبه في دار الفتوى محافظ الشمال ناصيف قالوش، وجرى تقويم للوضع الأمني في طرابلس.
من جهة أخرى، عقد اجتماع حاشد في دار الفتوى بدعوة من المفتي الشعار حضره خطباء المساجد في طرابلس والمنية والضنية والقلمون، دعا فيه المفتي الشعار الخطباء إلى أن «يحرصوا في خطبة يوم الجمعة على إشاعة معاني التراحم والجوار في الإسلام وتحريم الاقتتال والاعتداء على الحرمات والمنازل والممتلكات»، وأهاب بهم استنكار أي شحن مذهبي أو طائفي.
كما أجرى المفتي الشعار اتصالات بعدد من نواب طرابلس وقياداتها السياسية وتداول معهم «التطورات الأمنية التي تميل إلى التفاؤل».
من جهته، أكد عضو التكتل الطرابلسي، النائب محمد كبارة، بعد زيارته مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني «أننا لا نريد غير سلاح الشرعية، وأننا مع كل إجراء عادل وموضوعي ومتوازن يتخذه الجيش اللبناني، فلا يجوز أن يتهاون في فرض الأمن، وغير مقبول أن يتحول الجيش إلى قوة مراقبة، وإنما نريده أن يقوم بدوره كاملاً في حفظ الأمن وحماية المواطنين وممتلكاتهم ومنع تكرار هذه الحوادث».
وحوادث طرابلس كانت محور لقاء بين الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي، الشيخ بلال سعيد شعبان، ووفد من تيار بيروت الكرامة برئاسة الشيخ خالد عثمان.
وصدر بيان عن المجتمعين رأى أنه «لا يمكن أن يصطلح الوضع إلا بإجراء مصالحة فعلية حقيقية على المستوى الشعبي، لا على المستوى الرسمي فقط»، مؤكداً «أن الخلاف سياسي بامتياز»، ودعا إلى إعادة تفعيل لجان الأحياء والمساجد. كما دعا إلى إجراء تحقيق فعلي في ما جرى ويجري.
واستنكر «الحزب العربي الديموقراطي» أعمال الشغب «التي تقوم بها الجماعات المدسوسة من حرق البيوت والمحال التجارية ومحطات البنزين، وما يتسرب عن إعلام تلفزيون «المستقبل» من بث الفتن والسموم لتغذية النعرات الطائفية».
وأعلن أن «أكثر من 90% من البيوت المحروقة والمحال التجارية تعود ملكيتها لأبناء الطائفة الإسلامية العلوية»، متمنياً على الجيش إحكام قبضته على مناطق التوتر. كما تمنى على الوسائل الإعلامية إجراء مقابلات مع سكان جبل محسن من أبناء الطائفة السنية وسؤالهم إذا حصل لهم أي مكروه.
ووجه رئيس «حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي»، الدكتور عبد المجيد الرافعي، نداءً إلى أبناء التبانة وجبل محسن، دعاهم فيه إلى «العودة إلى أصالتهم، وألا يدعوا الطابور الخامس يدخل بينهم، وألا ينحرفوا عن المطالب الوطنية والاقتصادية والمعيشية إلى مواجهات داخلية لن يجنوا منها سوى الخراب والقتل».
من جهة أخرى، تابعت حركة «أمل» لقاءاتها الحزبية، فزار وفد قيادي منها برئاسة رئيس المكتب السياسي جميل حايك مقر حزب الاتحاد، حيث كان في استقباله رئيس الحزب، الوزير السابق عبد الرحيم مراد، وعضوا قيادة الحزب أحمد مرعي وهشام طبارة.
وتباحث الطرفان في التطورات السياسية الراهنة، وصدر إثر الاجتماع بيان أكد «أن ما يجري في الساحة الوطنية هو صراع بين نهجين سياسيين لا علاقة فيه للانتماء الديني أو المذهبي، وأن استخدام المذاهب يأتي في إطار لعبة الصراع السياسي لتعزيز مواقع الأطراف التي لا تحمل فكراً أو مشروعاً وطنياً نهضوياً، بل تستخدم المذهب لحسابات الخارج على حساب الوطن وأبنائه». وتوافق المجتمعون «على الإسراع في تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على قواعد ما اتفق عليه في الدوحة».