أحمد باسم سبيتيواتّفقوا... بعد طول أخذ وردّ ووصل وصدّ، اتفقوا. بعد أكثر من ثلاث سنوات من لعبة الكرّ والفرّ التي شلّت البلاد وألهثت كل مَن فيها ومَن عليها، خمسة أيام كانت كفيلة بعلاج عقم الاتفاقات التي طالت معاناة سياسيينا ومعهم كل الشعب منه، وأتتنا بشارة ولادة كل انتظارنا لها، وفي الدوحة... اتفقوا!
أهي معجزة قادر أم سحر سموّ الشيخ حمد ومَن معه أم ماذا؟ فالمختلفون هم أنفسهم، ومواضيع الخلاف نفسها، حتى إن ما اتّفق عليه كان مطروحاً من قبل وما هو بجديد مختلق. فما الذي حصل في الدوحة ليقلب قواعد اللعبة؟ هو سؤال يغفل البعض عن طرحه، ويتجاهله البعض الآخر، فنحن قوم نهتمّ بالنتائج ونتجاهل الأسباب، نحن قوم نبجّل الاتفاقات ونتناسى كل ما يسبقها. نحن قوم أقنعنا فآمنّا بأن الشيطان يكمن في التفاصيل.
من قبل كان الوفاق الوطني في الطائف واليوم اتفاق الدوحة، والجدير بالذكر والملاحظة هو أن كثيراً من الأشخاص والزعماء من الذين قد أطال الله بأعمارهم كان لهم الحظ الوفير بأن يشاركوا في الاتفاقين تخطيطاً وصياغة، وإن شاء الله تنفيذاً، وما تبين هو أن خلافات زعمائنا وسياسيينا بسيطة جداً، وكل ما يحتاجون إليه لردمها رحلة قصيرة إلى إحدى عواصم الصحراء العربية حيث الهواء هناك يعبق برائحة المسك العربي والبخور الأصلي والنفط الخام، على عكس هواء بيروت الخانق والمثقل بروائح البارود المخلوط بدماء المئات ممّن قضوا عن ذنب أو عن غير ذنب، وآخرهم لم يفصلهم أكثر من أسبوع عن التمتع بمشاهدة صور التقبيل والعناق والمزاح بين الزعماء أنفسهم الذين قاتلوا وقتلوا و«استشهدوا» من أجلهم.
فيا أيتها النفس المطمئنة، هل خُذلتِ أن قُتلتِ أم كانت رصاصة رحمة ما اغتالتكِ؟ هل خانكِ زعماؤك وباعوا ما من أجله مُتّ،ِ أم أنت ثمن خلاص وطنك وشعبك؟ لا تحزني وارضي بقضائك، افرحي وافخري في عليائك، فلولاك، للأسف، ما كان اتفاق زعمائك!