طرابلس ـ عبد الكافي الصمدفيما لم تُظهر التحقيقات مَن يقف وراء الانفجار الذي استهدف مبنى عيد في حي البازار داخل منطقة باب التبانة في طرابلس فجر السبت الماضي، بقيت الشائعات سيدة الموقف، مما فاقم أجواء التوتر، ودفع طرفي النزاع إلى التحذير من مغبة الانفلات، داعيَين الجيش إلى حزم أمره وإلى استعمال القوة عند الاقتضاء.
وكانت أجواء الاحتقان التي سبقت الانفجار قد أظهرت مدى الشحن المذهبي، وعدم قدرة أي فريق على ضبط الأوضاع، مما دفع أوساطاً سياسية متابعة إلى القول إن «طرابلس تتميز، على عكس بقية المدن اللبنانية، بتنوع أفرقائها السياسيين، موالاة ومعارضة، مما يجعل أي مشكلة فيها موضع استنكار الجميع، إلا أن حل المشكلة يحتاج إلى جهد مشترك، وهو ما ليس متوافراً بعد».
الأخطر في الأمر، اتساع دائرة التعرض للمحال التجارية والمنازل العائدة لأحد الطرفين في مناطق الطرف الآخر، سرقة وحرقاً وتخريباً، وسط تبادل للاتهامات، ما أسهم في حملة تهجير متبادلة تشبه حملات التطهير العرقي، ونزوح سكاني من مناطق باب التبانة وجبل محسن والقبة تحديداً، لم تشهده طرابلس منذ أكثر من عشرين عاماً، إضافة إلى عودة المسلحين والقناصين للظهور بين فترة وأخرى، على مرأى ومسمع من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وفي سوق الخضر الرئيسية احتدم صراع من نوع آخر بين عناصر من المجموعات المسلحة، إذ عمد بعضهم إلى نزع صور الرئيس رفيق الحريري وابنه النائب سعد، رافعاً مكانهما صوراً للرئيس نجيب ميقاتي، فعمل مناصرو المستقبل من أفواج طرابلس على رفع الصور مجدداً، إلا أن إنذاراً تلقوه بنزع الصور دفعهم إلى إزالتها، فضلاً عن حادث إطلاق النار الذي تعرض له مسؤولان عن المجموعات المسلحة، هما محمود الأسود وبلال مطر، نتيجة خلاف داخلي أدى إلى سقوط 7 جرحى.
في غضون ذلك، تضاربت الأنباء حول هوية الشيخ محمد علوش الذي قُتل في انفجار باب التبانة، ونفت مصادر في التيار السلفي لـ«الأخبار» ما روج عن علوش، لافتة إلى أنه «لم يزر السعودية إطلاقاً، وليس أكثر من شاب متدين متعاطف مع الحالة السلفية، لم يشارك في المعارك، ولا يقوى على حمل بندقية لأنه مريض ويعالج منذ فترة، كما أن جثته غير مشوهة حتى نقول إنه مستهدف، بل إن وفاته جاءت نتيجة سقوط جدار غرفة نومه فوقه»، مشيرة إلى أنه «مثلما تم تخويف الآخرين من السلفيين، يتم تخويف السلفيين والقول إنهم مستهدفون».
بدوره، أوضح عضو كتلة المستقبل، النائب مصطفى علوش لـ«الأخبار» أن «صلة قرباي مع الشيخ علوش بعيدة، وإن كنا من عائلة واحدة، ومعلوماتي عنه قليلة جداً». إلا أن علوش حذر في المقابل من خطر الحادثة، وأن قادة المجموعات المسلحة «أدركوا خطورة الأمر منذ البداية، وأبدوا خشيتهم من احتمال وجود مندسين داخل باب التبانة يعملون على افتعال الفتنة، واستدراج المنطقة إلى نزاع مذهبي، على شاكلة ما حدث مطلع الحرب الأهلية عام 1975، ما مهد الطريق حينها لدخول الجيش السوري إلى لبنان».