حسن خليل: برّي قدّم أكثر من صيغة للحل والفرصة ما زالت قائمةتنتهي اليوم المهلة التي أمل رئيس الجمهوريّة تأليف الحكومة خلالها، من دون أن يطرأ أي تقدم على هذا الصعيد بعد اصطدام عملية التأليف مجدّداً بالطلبات المتناقضة، ما طرح تساؤلات عن خيارات بعبدا لإنهاء هذه الأزمة
جمدت الاتصالات السياسية في نهاية الأسبوع المنصرم بشأن تأليف الحكومة ليبقى هذا الملف في دوّامة توزيع الحقائب بعد اتهام تكتل «التغيير والإصلاح» الرئيس المكلّف فؤاد السنيورة بسحب العرض الأخير الذي كان قد قدمه إلى رئيس التكتل النائب ميشال عون، ما حدا بالأخير إلى تجديد مطالبته بحقيبة سيادية. وينتظر أن يعلن عون إثر اجتماع التكتل اليوم موقفه من العروض على هذا الصعيد.
ويتزامن هذا الموقف مع انتهاء مهلة الـ48 ساعة التي تمنى رئيس الجمهورية ميشال سليمان أن تؤلف خلالها الحكومة، مشدداً على أنه «لا يجوز لأحد القيام بعدم التسهيل أو الوقوف موقف المتفرج، وعلى الجميع المساهمة ولو من حساباته الشخصية أو من الوعود المقطوعة لبعض محازبيه، فمصلحة الوطن هي الأهم».
وقال سليمان، أول من أمس، خلال استقباله السلك القنصلي في لبنان:
«ليس من مبرر لعدم تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وعلى الكل تسهيل ذلك. ومن لا يسهل فهو يرتكب خطأً جسيماً في حق الوطن والشعب اللبناني»، معتبراً «أن كل الوزارات سواء، وبمجرد وجود وزير ممثل لطرف في الحكومة، فبإمكانه التعبير عن رأي هذا الطرف»، متسائلاً «إذا انهار الوضع الاقتصادي وتوتر الوضع، ماذا يمكن للوزارات أن تقوم به أكانت خدماتية أم غير ذلك؟».

موسى يدقّ ناقوس الخطرمن جهته، أجرى الرئيس السنيورة، سلسلة اتصالات هاتفية، أبرزها مع رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، ووزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، وعرض معهما التطورات على الساحة اللبنانية، فيما عاد إلى بيروت أمس رئيس «كتلة المستقبل» النائب سعد الحريري بعد زيارة عمل إلى جدة استمرت أياماً عدة.
وإزاء تحميل تكتل «التغيير والإصلاح» مسؤولية العقد الحكومية، لفت عضو التكتل النائب نبيل نقولا إلى التنازلات التي قدمها التكتل طيلة الفترة الماضية «عندما سهل انتخاب رئيس الجمهورية وقبل برئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة رغم كل التحفظات على أداء الأخير منذ عام 1992، حتى إنه تنازل أيضاً عن حقه بالحقيبة السيادية مقابل وزارات شبه عادية».
ورأى «أن العرقلة تأتي من الفريق الآخر»، لافتاً إلى أن السنيورة أبلغ العماد عون أن لديه مشكلات داخل الموالاة.
من جهته، دعا المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل، إلى الابتعاد عن «تقديم خصوصياتنا وحساباتنا الضيقة على حساب استمرار هذه الأزمة»، وطالب بالإسراع في تأليف الحكومة. وقال: «ما زالت الفرصة قائمة رغم كل أجواء التشويش التي حصلت خلال اليومين الماضيين، وعلى المعنيين بهذا الملف أن يبادروا وأن يقدموا مشاريع الحلول، ونحن مستعدون. وقد مارسنا خلال المرحلة الماضية كل أشكال التسهيل»، لافتاً إلى أن الرئيس بري قدم «على مستوى الحقائب السيادية أكثر من صيغة، منها إعادة التوزير بما يؤمن التشكيل في أسرع وقت ممكن أو على صعيد الوزارات الحقائبية قدم أكثر ما يمكن أن يتصور البعض».
وأمل النائب علي خريس أن «تشهد الساعات المقبلة اتفاقاً على تشكيل الحكومة»، مشدداً على «أن اتفاق الدوحة كان واضحاً في بنوده، ولا يجوز تجزئة هذه البنود لأن انتخاب رئيس للجمهورية ليس كافياً وحده لتحقيق الاستقرار السياسي».
وإذ لفت عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب الدكتور حسين الحاج حسن إلى «أن اتفاق الدوحة كلٌّ لا يتجزأ ولا يستطيع أحدٌ أن يعدّل فيه أو يتنصل منه»، شدد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين على أنه «ليس بإمكان أي جهة مهما كان حجمها أن تنقلب على المعادلة التي أرساها اتفاق الدوحة»، معتبراً أن «الحل الوحيد المفتوح أمام الجميع هو الإسراع بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية».
وأكد النائب السابق عمار الموسوي «أن المعارضة مع كل ما يعزز دور التيار الوطني الحر وموقعه». وعن اتهام حزب الله بالتعطيل قال: «لو كان عندنا أجندة أخرى لكنا حققناها في السابع من أيار، ولما كنا ذهبنا إلى الدوحة».
والموضوع الحكومي وتداعياته الأمنيّة والاقتصاديّة كان محور لقاء بين وفد من «التنظيم الشعبي الناصري» ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال أرسلان في خلدة. وأكد الوفد أن «التنظيم ليس في وارد طلب المحاصصة الوزارية، وما يهمه هو حصة الوطن فقط».
وأكد الوفد «ضرورة الحفاظ على الثوابت الوطنية، وفي طليعتها حفظ سلاح المقاومة، مع ضرورة التمييز بين سلاح المقاومة ضد العدو وسلاح الفتنة الذي يحرك في الداخل».
بدوره، حذّر عضو «التكتل الطرابلسي» النائب محمد كبارة من أن الاستمرار بتعطيل تأليف الحكومة يأخذ البلد إلى المحاذير الخطيرة جداً، لكنه رأى «أن الوقائع أثبتت ما كنا نقوله عن الجهة التي تعرقل تأليف الحكومة، ولم يعد هذا الأمر مجرد اتهام، وهو السلوك ذاته الذي كان يحصل بالنسبة إلى انتخاب رئيس الجمهورية. وبات واضحاً أن الفريق الآخر لا يريد حكومة ولا يريد أن تعود مؤسسات الدولة إلى العمل ومعالجة الملفات المتراكمة والأزمات المتفاقمة».
ورأى أن الأولوية المطلقة الآن هي لتأليف الحكومة حتى نقطع الطريق على هذا الوضع الأمني المتفجر في مدينة طرابلس وفي كل لبنان، مشيراً إلى أن «كل تعطيل أو عرقلة هو تآمر على الوطن والمواطنين ويدفع نحو الخطر الكبير».
إلى ذلك، نظم حزب الاتحاد السرياني اعتصاماً في ساحة ساسين في الأشرفية، استنكاراً لقانون الانتخابات «الذي همّش حق الطائفة السريانية في التمثيل النيابي والوزاري على حد سواء» بحسب بيان للحزب.
وألقى رئيس الحزب إبراهيم مراد، كلمة في المعتصمين، أكد فيها أن السريان «ليسوا أقليات لا عددياً ولا معنوياً، لافتاً إلى أن عددهم في لوائح الشطب 28133 صوتاً. وقال: «لا نريد أن نأخذ حق أحد ولا حصة أحد. حصتنا في الدستور محفوظة وواضحة: لنا مقعد نيابي مستحق وفق القانون، ولكن بالممارسة السياسية على أرض الواقع بلعوا وهضموا حقنا، وليتنا نعرف لماذا». ودعا الرئيس السنيورة إلى «عدم قبول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي ناقصة شريحة وطنية أساسية». كذلك دعا الكتل النيابية «وخصوصاً المسيحية التي تهمّها حقوق المسيحيين والتوازن الوطني»، إلى تقديم اقتراح قانون بزيادة عدد المقاعد النيابية، أربعة مقاعد مناصفة بين المسيحيين والمسلمين «ليكون لنا مقعد في الدائرة الأولى وآخر في زحلة للأقليات، مع أننا ضد هذه التسمية»، مؤكداً الاستمرار بكل التحركات والاعتصامات «لنحصل على حقوقنا».
ووسط هذه الصورة، أمل البطريرك الماروني نصر الله صفير خلال قداس الأحد في بكركي، أن «نجتاز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ وطننا لبنان»، لافتاً إلى أن «المسؤولين عنه وعن مقدراته يتزاحمون على الحقائب والكراسي، فيما الشعب يئن من بطالة، وفقر، وركود حال».

دفع لبنان إلى المصير الأسودوحذر النائب مصطفى علي حسين من «حالة الخوف والقلق التي يعيشها أهالي وأبناء منطقة عكار في هذه الآونة، نتيجة الدس والشائعات التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ هذه المنطقة»، ودعا «إلى لقاء يجمع الفاعليات الدينية والسياسية، لأي تيار سياسي انتموا ولأي جهة، لوضع ميثاق شرف يؤكد التعايش الأخوي بين كل شرائح مجتمعنا. وبهذا نجنّب منطقتنا كل المآسي والويلات».
وفي هذا السياق، رأى رئيس «جبهة العمل الإسلامي» الداعية فتحي يكن أنه «بصرف النظر عن الأدوات المنفذة لما جرى ويجري من حوادث أمنية دموية في أكثر من منطقة لبنانية، كان آخرها البقاع وطرابلس وما شهدته العاصمة اللبنانية بيروت قبل ذلك، يصبّ على المدى القريب والبعيد في خانة مشروع الشرق الأوسط الجديد»، لافتاً إلى أن «المشروع الأميركي المذكور يرمي إلى تفتيت منطقة الشرق الأوسط طائفياً ومذهبياً وعرقياً وإثنياً لضمان بقاء الكيان العنصري الصهيوني متفوقاً عسكرياً واقتصادياً في المنطقة».
وختم: «أسوق هذا الكلام لقوى الرابع عشر من آذار كما للمعارضة، ليدركوا جميعاً وقبل فوات الأوان حجم المخاطر التي انزلق إليها لبنان، ومدى صعوبة الخروج منها، وليبادروا إلى الخروج من المصير الأسود المشؤوم الذي تدفعهم إليه الولايات المتحدة الأميركية، والذي لن يوفر أحداً منهم على الإطلاق».
من جهته، أصدر المنسق العام لتيار «المستقبل» في الشمال، عبد الغني كبارة، بياناً أكد فيه أن التيار «هو نهج وطني حاضن لكل أطياف النسيج اللبناني، وهو بالتالي نقيض للحالة الميليشيوية للمعارضة ولمن يوجهها من الخارج». ورأى «أن الفتنة المتنقلة ما هي إلا لمواجهة الخطاب الوطني والسياسي الجامع لتيار المستقبل».
وأعلن «أننا سنبقى إلى جانب أهلنا في لبنان عموماً، وطرابلس خصوصاً، مهما اشتدت الأزمات ومهما بلغت التضحيات، دفاعاً عن مدرسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وحفاظاً على لبنان سيداً حراً مستقلاً. وسيبقى مشروع الدولة مشروعنا، والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي هما من يحمي اللبنانيين من عبث العابثين، ولن ننجر إلى الفتنة مهما كثرت استفزازاتهم».
وفي غضون ذلك، سجّل توتر محدود بين منطقتي جبل محسن والمنكوبين، وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن اشتباكاً مسلّحاً وقع بين شبّان من المنطقتين بينما كان شبّان الجبل يحاولون شق طريق فرعي باتجاه منطقة البداوي. وقد استمر الاشتباك عشر دقائق، استدعى تدخّل الجيش اللبناني للفصل بين المنطقتين.
على صعيد آخر، شنّ عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب فريد حبيب حملة عنيفة في جميع الاتجاهات، وتحدّى العماد عون «ونوابه والمحيطين به، وهم من يدّعون الغيرة على الحقوق المسيحية أن يجرؤوا
ويطالبوا حزب الله بفصل قضاءي بعلبك والهرمل أو حاصبيا ومرجعيون، أو أن يقدموا على مطالبة حزب الله بسحب مسلحيه من المناطق المسيحية في صنين وعيون السيمان».
ورد على كلام النائب نعمة الله أبي نصر «الذي نحترم»، معتبراً أن الرئيس السنيورة «يدعم رئيس الجمهورية الماروني ويحاول تسهيل انطلاقة عهده أكثر بكثير مما يفعل العماد عون».
وتوجه النائب حبيب إلى رئيس تيّار «المردة» سليمان فرنجية قائلاً: «ليس شاكر العبسي من يمثل المسيحيين لأنه وإياك من المدرسة السورية نفسها التي تفاخران بانتمائكما إليها. والثابت في تاريخ لبنان أن أياً من «خريجي» المدرسة السورية في لبنان لا يمكن أن يمثل المسيحيين».
من جهة أخرى، رد مفوض حزب الوطنيين الأحرار في زحلة والبقاع الدكتور عماد شمعون على ما ذكرته «الكتلة الشعبية» عن تعرض حزرتا وبلدات أخرى لممارسات استفزازية، مشيراً إلى أنه «بعد الاستفسار أفادتنا المراجع الأمنية المختصة بعدم تسجيلها لأي حادث أمني استفزازي انطلق من زحلة باتجاه أي من البلدات المجاورة». وطالب الكتلة «بإعادة النظر في بيانها وتسمية الأشخاص الذين باتت أسماؤهم معروفة لديها بحسب ادّعائها، بدلاً من الإيحاء بما من شأنه توجيه التهمة إلى الأحزاب اللبنانية السيادية».

«أمل» في بلاد جبيل

إلى ذلك، سجّلت أمس جولة لرئيس الهيئة التنفيذية في حركة «أمل»، محمد نصر الله، على رأس وفد من الحركة إلى قرى منطقة بلاد جبيل في إطار اللقاءات التواصلية التي تقوم بها «أمل» مع مختلف الأطراف وفي كل المناطق. والتقى الوفد فاعليات المنطقة، وأكد نصر الله أن «لهذه المنطقة معنى ومفهوماً يتخطىان موقعها الجغرافي لتمثّل النموذج المتقدم للتعايش بين الطوائف والمذاهب والانتماءات السياسية على تنوّعها».


«حزب اللّه» ينفي حادثة صنين والكتائب يردّ

أصدرت العلاقات الإعلامية في حزب الله بياناً ردّت فيه على اتهام الحزب بإنشاء مخيم أمني في جرود صنين، ورأت «أن قوى 14 آذار قد لجأت إلى سياسة تميّزها في خطابها الإعلامي يعتمد على: اكذب، اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس، ولكن الناس يعلمون أنهم يكذبون ويفتنون ويحرّضون».
ونفى البيان ما ذكره أقطاب من هذه القوى عن نقاط عسكرية في أعالي جبال صنين لحزب الله، واتهامهم له باعتراض أفراد، معتبراً أنه «كلام عار من الصحة ولا أساس له». وأكد وضع «هذا الافتراء برسم القوى الأمنية والقضاء لكشف هذه الادّعاءات».
وردّت مصلحة الإعلام في حزب الكتائب على نفي الحزب، فأكدت «أن المسلحين الذين أطلقوا النار ومن ثم اختطفوا الشبان الأربعة العزّل وحققوا معهم قالوا لهم بصراحة إنهم ينتمون إلى المقاومة».
وإذ أشارت إلى أن الأجهزة الأمنية حققت مع الشبان الأربعة «الذين تعرضوا للخطف»، طالبت هذه الأجهزة بالتحرك «بغية الانتشار وضبط الوضع ووقف التعديات في تلك المنطقة».
وبعد «جولة استطلاعية» في جرود صنين، رأى المنسق العام لجبهة الحرية، فؤاد أبو ناضر، أن المطلوب هو «التسليم بدور الجيش في المحافظة على الأمن، وعدم مزاحمته على تنفيذ مهمات أو رسم سياسات تدخل في صلب مسؤولياته»، معتبراً «أن تخاذل أجهزة الدولة وتقاعسها عن الاضطلاع بما ينتظره منها اللبنانيون، هما اللذان يشجعان من لا يريد قيامة لها على فرض ذاته بديلاً منها، ما يؤدي إلى تقويض المؤسسات ولجوء الناس إلى الحماية الذاتية والتسلح، وعودة الحديث عن إمكان تجدد الحرب الأهلية».