باريس ـ بسّام الطيارةتتعرض قوات اليونيفيل في الجنوب لهجمات إعلامية من نوع جديد على أيدي جهات لم يكن يتوقع منها استهداف هذه القوات. وقد استنهضت هذه الحملة أكثر من مسؤول أوروبي لـلدفاع عن اليونيفيل، كان آخرهم وزير الخارجية الإيطالي المنتهية ولايته ماسيمو داليما الذي رد على اتهامات إسرائيل بإخفاء معلومات تتعلق بحزب الله بالتأكيد «أن جهود القوة تحظى بتقدير تام من كل الأطراف وتقوم بواجباتها وفق قرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١»، بينما كررت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الفرنسية باسكال أندرياني «دعم فرنسا التام لقوات اليونيفيل التي تقوم بدورها كاملاً».
وكانت مصادر مطلعة قد ذكرت لـ«الأخبار» أن «ثمة غيوماً في أفق عمل القوات الدولية» حتى قبل الأخبار الإسرائيلية (صحيفة «هآرتز») عن «حادثة توقيف اليونيفيل شاحنة والتراجع عن تفتيشها» التي أعقبها صدور بيان إسرائيلي اتهم اليونيفيل بـ«غض النظر عن تصرفات حزب الله».
وقالت المصادر إن الأخطار المحدقة بالقوات الدولية على نوعين: سياسي وعسكري. بالنسبة إلى الثاني يمكن النظر إليه من زاويتين، إما زاوية خطر الاشتباك مع «القوات المنتظر وجودها على الأرض» وتكون مقبلة من شمالي نهر الليطاني أو عبر الخط الأزرق، وفي هذه الحال فإن قواعد الاشتباك التي تؤطر عمل اليونيفيل تمكنها من الدفاع عن نفسها والرد بقوة، أو من زاوية «الخطر الأصولي». وتشير المصادر في هذا الإطار إلى التصريحات الأخيرة للرجل الثاني في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري.
وتؤكد دوائر واسعة الاطلاع أن «فرنسا تأخذ على محمل الجد هذه التهديدات»، إلّا أن دائرة عمليّات حفظ السلام في الأمم المتحدة التي «تشاطر فرنسا رأيها» اتخذت كل السبل الكفيلة تأمين سلامة اليونيفيل.
إلا أن هذه الاحتياطات والتصريحات لا تخفف من الأخطار ذات المنبع السياسي، أي النوع الأول الذي يبقى هو المتربص الأكبر بقوات اليونيفيل ومهمتها. وتشير مصادر إلى «الترابط» بين عوامل وإشارات عدة تسبق التهديدات التي توجّه بين الفينة والأخرى إلى «اليونيفيل أو القرار 1701»، أو بكشف مخازن أسلحة أو ما شابه ترمي إلى التشكيك في عمل القوات، في محاولات متكررة إما لتحوير مهمة القوات الدولية من قوة داعمة للجيش إلى قوة «بسط سلطة في الجنوب» وربطها بالقرار ١٥٥٩، أو لتحميل القرار مهمات تتجاوزها.
ورأى مصدر أوروبي رفض ذكر هويته أن التحامل يأتي «بشكل غير منطقي من الجهة الإسرائيلية وبخلاف مصالحها»، لافتاً إلى أن الإسرائيليين يسهمون عبر هذه الهجمات الإعلامية المتكررة على اليونيفيل بدفع «الأوروبيين للدفاع عن مهمة القوات الدولية» بعكس واشنطن، التي لا «يريد المصدر أن يتصور أو يشك في عدم دعمها لمهمة القوات الدولية»، موضحاً أنها لا تصدر بيانات دعم لمهمة الأمم المتحدة لسببين: أولاً لأنه لا قوات مشاركة لها فيها، وثانياً، لأن هذا التحامل يصب في صلب سياستها «الرامية إلى محاصرة حزب الله عبر استعمال انتقائي للقرارات الدولية».
ورأى المصدر أن على «حزب الله تجنّب الوقوع في فخ من يتربّص بالقوات الدولية». كما يذهب مصدر آخر في الاتجاه نفسه ويقول «إن التعاون الأمني بين القوات الدولية وحزب الله مرضٍ بشكل وافٍ إذا أردنا أن نكون واقعيين» قبل أن يستطرد «شرط عدم الوقوع في فخ البلبلة وسوء التفاهم».
ويتفق معظم المراقبين في الدول التي أسهمت في القوات الدولية على كون الخطر الأكبر الذي يتربص بالقوات الدولية يأتي من «اندفاع الجماعات السلفية باتجاه الجنوب» الذي يمثّل «حافزاً طبيعياً لدعوة الجهاد»، وأن لـ«حزب الله دوراً في درء الأخطار عن الجنوب»، والذين يحاولون تحميل قوات اليونيفيل فوق طاقتها إما لأسباب سياسية داخلية أو لأهداف إقليمية «يلعبون بالنار»، لأن إضعاف اليونيفيل هو أول خطوة نحو «عرقنة جنوب لبنان»، وبالتالي جعل الجميع خاسرين كما هي الحال في العراق.