strong>المعارضة تصرّ على إعلان النيّات ورعد يشيد بتفاهم جمهورَيْ المقاومة والاستقلال
بدلاً من أن تحرّك السياسة الاقتصاد، حصل العكس، أمس، فأطلق المنتدى الاقتصادي العربي حركة سياسية كبيرة من المشاركين العرب باتجاه القيادات اللبنانية، إضافة إلى أنه كسر الحظر العربي المعلن وغير المعلن على زيارة لبنان

عاد الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، إلى بيروت، بعد ظهر الخميس، وتوجّه مباشرة لزيارة المرشح لرئاسة الجمهورية، قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ثم التقى مفوض المعارضة بالحوار الثنائي النائب ميشال عون، فالداعي إلى طاولة حوار جديدة الرئيس نبيه بري، وبعده رئيس الحكومة القائمة بصلاحيات رئيس الجمهورية فؤاد السنيورة، واختتم يومه الأول بتناول العشاء إلى مائدة الداعي إلى حوار ثنائي مع بري النائب سعد الحريري. ثم استهل يومه الثاني بالمشاركة في افتتاح أعمال منتدى الاقتصاد العربي، فزيارة بري للمرة الثانية، وبعده النائب ميشال المر في حضور الوزير الياس المر، ليستقبل مساء القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون التي كانت قد زارت المر، ثم عرض «الوضع السياحي» مع الوزير جو سركيس.
ناظر المبادرة العربية، أعلن في اليوم الأول بداية عمل «يمكن أن يمثّل قاعدة للتقدم». وأوضح أن المبادرة العربية وعناصرها هي أساس مباحثاته «وكل ما هو جار الآن على صعيد الحوار الوطني أو أي مناقشة تجري الآن أو بعد ذلك»، محدداً «المنطلق والهدف» بأنه انتخاب رئيس للجمهورية. وقال إنه لا خلاف على شخصية بري لرعاية الحوار، وإن بدء لقاءاته مع سليمان «رسالة معروفة وواضحة بأنه هو المرشح التوافقي للرئاسة».
وفي كلمته أمام منتدى الاقتصاد، أمس، رأى موسى أن «المعضلة القائمة» ليست مستعصية. وحذّر من «أن استمرار الفراغ الرئاسي مسؤولية خطيرة جداً تؤدي تداعياتها إلى ضرر كبير، وطني وإقليمي». وحدد آليات الحل بـ: «يأتي مع ضرورة انتخاب الرئيس أهمية الاتفاق على حكومة وحدة وطنية يشكلها هذا الرئيس بأن يجري مشاوراته ويقرر خياراته طبقاً للدستور وأن تجري هذه الحكومة الانتخابات النيابية وفق قانون جديد يصدره البرلمان»، قائلاً إن هذا ما قررته المبادرة العربية وإنه «جرى التوافق على كل هذه المبادئ والخطوات».
ومع تسليمه «بأن الجو السياسي الإقليمي المتوتر ينعكس على لبنان»، لم يعف «زعماء لبنان من المسؤولية»، مفتياً بأن استنهاض الهمة لإنهاء هذا الوضع «أصبح فرض عين على كل لبناني ولبنانية، بل على كل عربي وعربية». وأعرب عن تأييده لمبادرة بري، بالقول إن الحوار «مسار إيجالي ودعوة لا ترفض»، داعياً، إذا نجحت مساعي إحيائه، إلى أن يكون القصد هو تأكيد كل ذلك بموقف جماعي يؤدي إلى انتخاب رئيس «دون تأخير» ثم تأليف حكومة وحدة «لا تهمّش فيها المعارضة».
وفي زيارته الثانية إلى عين التينة، لم يستبعد عقد لقاء يجمعه وبري والحريري. وقال رداً على سؤال عن جو الأكثرية إن «الجميع يريد أن يحرز تقدماً لحل» الأزمة، وإنه «ليس هناك رفض للحوار» ولا موضوع شروط «ولكننا نريد أن نرى خريطة طريق من الآن إلى انتخاب الرئيس الجديد»، ونفى وجود أفكار جديدة «بل هي دائماً المبادرة العربية»، متمسكاً بتفسيره لها.
لكنه، بعد لقائه المر، تحدث عن انطباع بأن لقاء بري ــــ الحريري «سيتمّ»، معتبراً في الوقت نفسه أن فائدة الحوار «بجلوس الجميع» للتوافق على الحكومة وقانون الانتخاب، بعدما أشار إلى «شبه إجماع على ضرورة انتخاب الرئيس». وتوقع حصول الانتخاب في 13 من الجاري، مستنداً إلى تغير «بعض الظروف»، وذكر من ذلك: الاقتراح بالحوار، موقف ميشال المر، تزايد الحركة نحو انتخاب الرئيس، وإقليمياً أن س.س «لا تمشي كده، لا بد من تحرك وفتح الباب والنوافذ وترطيب الأجواء».
من جهته، كشف المر أن اليومين المقبلين سيشهدان «بعض اللقاءات الثنائية التي تمهّد لطاولة الحوار»، ناقلاً عن موسى أنه لمس خلال لقاءاته «إيجابيةً بعدم وجود تباينات كبيرة في وجهات النظر»، وأنه مؤيد لطاولة الحوار «وإذا جرى الاتفاق على إعلان النيات في الموضوعين الأساسيين يتم انتخاب الرئيس». كما نقل المر عن سيسون، تشديدها على ضرورة إتمام الاستحقاق ودعم كل الجهود الآيلة إلى انتخاب رئيس ودعم المبادرة العربية. وقال إن الموقف الأميركي إيجابي من الحوار. وتمنى على عون ألّا يدخل الياس المر في الجدال السياسي.
ومن المشاركين في المنتدى، زار نائب رئيس الوزراء القطري عبد الله العطية، بري والحريري وسليمان، متوقعاً إيجابية من تحركات الأول «لحلحلة الأمور»، وقال: «إن شاء الله، نرى الدخان الأبيض يتصاعد من عين التينة قريباً»، واصفاً عدم وجود رئيس في لبنان بأنه «ظاهرة غريبة»، وتمنى على الجميع «أن يتفهموا الوضع ويتفاهموا في أسرع وقت ممكن». كما جال رئيس الوزراء الموريتاني الزين ولد زيدان، على بري والسنيورة والحريري وزار ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري.

«لعلاقات مع سوريا تحت المظلّة العربيّة»

ومساءً، أولم السنيورة لضيوف المنتدى، وألقى كلمة رأى فيها أن انتخاب رئيس للجمهورية «يفسح في العودة لانتظام عمل جميع المؤسسات». وقال: «لقد آن الأوان ليتوقف سفك الدم العربي بالأيدي الأجنبية والعربية، وليتوقف انتهاك حرمات الإنسان العربي بالأفعال الأجنبية والعربية، وتخريب الاقتصاد وحياة الناس بالقرارات والتصرفات غير المسؤولة وغير المسوّغة في كل شرع وخلق ودين». وأعرب عن التطلع إلى أفضل العلاقات مع العرب «وبخاصة مع الجوار الأقرب، الشقيقة سوريا التي نريد أن نستأنف، وتحت المظلة العربية، علاقات سوية معها مبنية على الندية والاحترام المتبادل لسيادة واستقلال البلدين الشقيقين، وبالمنهج المستقيم والواضح الذي يعالج المشكلات القائمة التي تعكّر صفو هذه العلاقات».
وفي المواقف من زيارة موسى، قال الرئيس أمين الجميل إنه لا يعرف إن كان يحمل أي جديد في زيارته. وهاجم حزب الله بعنف، متهماً إياه بأنه «يريد نسف المعادلة اللبنانية»، سائلاً: «هل من الممكن أن يدوم الاعتصام في الوسط التجاري لو لم يكن مدعوماً بالسلاح؟». وقال إن المعلومات عن جريمة زحلة تشير إلى أنها «لم تكن وليدة الساعة، إذ إن أطرافاً عدة كانت على علم بها».
وتمنى سفير إيطاليا غبريال كيكيا، بعد زيارته للوزير مروان حمادة أن يكون حضور موسى، عاملاً مساعداً على انتخاب رئيس. وفي إشارة إلى دعم الحوار، قال: «بالطبع لا بد من نقاشات للوصول إلى النتيجة، لكن يجب أن ينتخب الرئيس في مجلس النواب في أسرع وقت، وفي مناخ خالٍ من أي تدخل خارجي أو ضغط، وأن يكون الاختيار لبنانياً صرفاً». فيما دعا حمادة إلى انتخاب الرئيس في الجلسة المقبلة «والكف عن اللف والدوران من خلال الحجج التي ترفع هنا وهناك، وخصوصاً أن إعلان النيات من الأكثرية قد تم عندما وافقنا على حكومة الوحدة الوطنية وعلى مبدأ القضاء كدائرة انتخابية للانتخابات المقبلة».
إلا أن الوزير جان أوغاسبيان، قال إن الأكثرية جاهزة لإعلان النيات. ورأى أن «هناك قوة دفع عربية» من جانب موسى لإيجاد إمكانات للقاء القيادات. وتحدثت النائبة بهية الحريري، خلال اللقاء التشاوري الصيداوي، عن «أمل كبير بأن يكون 13 أيار، محطة نهائية لانتخاب رئيس». وأمل النائب علي عسيران، أن تصبّ جهود موسى في مصلحة لبنان وشعبه. فيما رأى النائب مصطفى علي حسين أن المبادرة العربية «فرضت التلازم الكلي بين مختلف بنودها». وقال النائب سليم سلهب إن زيارة موسى «لن تستطيع حلحلة الأزمة لأنه لم يحن الوقت خارجياً للوصول إلى نتيجة». وحدد النائب قاسم هاشم المدخل للحل «قبل زيارة موسى وأثناءها وبعدها، بالحوار، لإعلان نيات حول حكومة الوحدة وقانون الانتخاب».
كذلك، حدد النائب محمد رعد مدخل الحل في الاتفاق على «نيات تحقيق الشراكة الوطنية»، راهناً جلسة 13 أيار «بانعقاد طاولة الحوار والاتفاق على جدول أعمالها بالكامل». وقال عن مطالبة الحريري بلقاء مع بري: «إذا كانت زيارته للتفاوض فالمفوّض هو الجنرال عون، أما إذا كانت اجتماعية للتداول فالباب مفتوح ساعة ومتى يريد، كما أوضح الرئيس بري». وثمّن «تفاهم جمهور المقاومة مع الجمهور الاستقلالي الحقيقي في الشارع المسيحي وخصوصاً التيار الوطني الحر»، قائلاً إن التيار وجمهوره «أثبتا يوماً بعد يوم صدقيّتهما في الحديث عن سيادة واستقلال لبنان الذي نريده معهما مستقلاً عن أية وصاية».
ومن الرابية، أعلن النائب أسامة سعد، الوقوف إلى جانب التيار «ضد الهجمة على مواقفه الوطنية»، وقال إن التيار «في موقع وطني ويجب الحفاظ على هذا الموقف». وإذ أكد أن المساعي لا تزال مستمرة على أساس المبادرة العربية، اتهم فريق الموالاة بأنه «ما زال يناور، بدليل رفضه الحوار». وأوضح أن المعارضة تطلب الآن إعلان نيات أي «ضمانات لا تفاصيل».
ودعا حزب الطاشناق، الجميع «إلى الجلوس إلى طاولة الحوار وبحث إعلان النيات». وأكد أن تحالفه الانتخابي مع عون «تحول إلى تحالف سياسي»، وأن وجود ممثلين له في تكتل التغيير والإصلاح «صادر عن قرار مستقل وإرادة حرة». كما أكد، أن تحالفه مع المرّ قديم «ويستمر دون شك».

معوّض في واشنطن وصفير إليها

أما البطريرك الماروني نصر الله صفير، الذي ذكر في حديث إذاعي، أن زيارته للولايات المتحدة ستشمل لقاءات سياسية أبرزها مع الرئيس الأميركي والأمين العام للأمم المتحدة، متمنياً أن تساعد واشنطن «على توطيد الأمن والسلام»، فرأى أن نتيجة جلسة 13 أيار معروفة «إذا قسنا الحاضر على الماضي»، محملاً مسؤولية تعطيل الانتخاب الرئاسي لـ«جميع النواب». وكرر دعوته إلى الحوار داخل البرلمان، مردفاً أن المطلوب الآن انتخاب رئيس جمهورية و«هو الذي يشارك بعد ذلك في الحوارات لأن هذه هي وظيفته».
ومن واشنطن، أعلنت الوزيرة نائلة معوض التي التقت نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، وعدداً من المسؤولين الآخرين، عنواناً واحداً لزيارتها هو أولوية انتخاب الرئيس، ومصدراً واحداً للتعطيل هو «إقليمي أي سوري». ونقلت عن رايس رفض بلادها للتوطين، وعن تشيني «أن لا مساومة على المحكمة الدولية بأيّ شكل من الأشكال»، وأن «زمن الصفقات على حساب لبنان وسيادته، قد ولّى». وذكرت أنها طالبت بالدعم لتطبيق القرارين 1559 و1701 وصولاً إلى تنفيذ اتفاقية الهدنة.