نادر فوزانقلب الموقف من جديد، واتّخذت البوصلة الجنبلاطية وجهةً معكوسة عن أيامها السابقة. بعد سلسلة «مهمّة» من المواقف الإيجابية تجاه المعارضة، امتدّت منذ انتخابات نقابة المهندسين حتى الانفتاح على المبادرة الحوارية للرئيس برّي، عاد رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وأطلق ناقوس الخوف من المعارضة مركّزاً هجومه على حزب الله.
يقرّ الجميع، حلفاء وأخصاماً، بأنّ القراءة السياسية المتقدمة لجنبلاط تضع مختلف القوى في حالات إرباك مستمرّة، مما يدفع أحد المسؤولين المعارضين البارزين إلى القول: «لا ثقة بجنبلاط مهما كان موقفه»، لافتاً إلى أنّ مواقف زعيم الجبل تعتمد على تحليل الإشارات والرسائل السياسية ومحاولة مجاراتها. ويلفت المسؤول إلى أنّ عدم إقفال جنبلاط لقنوات التواصل مع برّي، هدفه الأساسي «المحافظة على مواقعه في المعادلة السياسية مهما تقلّبت الأحوال».
فـ«عوامل عديدة دفعت جنبلاط إلى شنّ الهجوم الأخير على حزب الله وسوريا وإيران»، يقول أحد أقطاب المعارضة المطّلعين عن كثب على أجواء الجبل، ليعرض ثلاثة عوامل ظهرت أخيراً: أولاً، موقف حزب الله الجذري الرافض للتحاور أو الاستماع إلى جنبلاط في ما يتعلق بإعادة إحياء التحالف الرباعي، فكان ردّ الأخير عنيفاً على الحزب. ثانياً، التحضيرات القائمة في مجلس الأمن بشأن القرار 1559وتطبيقه، «وهي محور يحاول جنبلاط الضغط على حزب الله من خلاله». ثالثاً المفاوضات السورية ـــــ الإسرائيلية، والتي يمكن أن تبعد لبنان عن الصراع الفعلي في المنطقة، «فيما يسعى جنبلاط إلى إبقاء لبنان في صلب استراتيجيا الأميركيين وحلفائهم في المنطقة». رابعاً، جولة رايس في المنطقة، والحديث عن زيارة الرئيس الأميركي إلى بيروت، «مما أعاد ثقة جنبلاط بحلفائه الغربيين وردّه إلى سكّة مشروعهم».
وفي المقلب الآخر، يرفض وزير الاتصالات مروان حمادة الربط بين الوقائع التي عرضت خلال المؤتمر الصحافي الأخير للنائب جنبلاط والقضايا السياسية الأخرى كالحوار أو رئاسة الجمهورية وغيرها، فـ«الأمر ليس سوى كشف تمادي حزب الله غير المبالي بمنطق الدولة ومؤسساتها». ويؤكد حماده أنّ الزعيم الاشتراكي لم يوجّه ملاحظة للرئيس بري أو حركة أمل، «وهذا الأمر ليس للمحافظة على قنوات اتّصال مع المعارضة للبحث عن موقع فيها»، إنما هو اقتناع بأنّ لا شيء يحول دون مشاركة طائفة كبيرة، «كما أنه لا يمكن تحميل برّي مسؤولية ما يجري من اعتداءات على الدولة».
ويرفض حمادة ما يشاع عن تقاطع زيارة رايس إلى المنطقة وهجوم جنبلاط على حزب الله، «إنما التوقيت جاء نتيجة التصرفات التي لم يعد بالإمكان السكوت عنها وتحمّلها». ويضيف حمادة إنّ عرض مسألة شبكات الاتصال نهار السبت جاء بعد مسعى اللجنة الوزارية الأمنية، التي تضمّ كلاً من وزراء الدفاع والعدل والداخلية والاتصالات، مع حزب الله لنزع هذه الشبكات عبر اتّصالات لضبّاط في المؤسسة العسكرية ومسؤولين أمنيين في «الحزب»، «لكن المساعي جوبهت برفض قاطع، فكان أن عرض أحد أقطاب الأكثرية الموضوع علناً».