خلود أكرم سعيدنسمع كلّ يوم غير مرّة عن الثقافة ودورها العظيم في مسيرة المجتمعات البشرية. وكثرت في أيّامنا هذه التوصيفات عن الثقافة: ثقافة عنف وإجرام وإرهاب، ثقافة ممانعة ومقاومة، ثقافة دينية، ثقافة وطنية وقومية، ثقافة مذهبية وطائفية وفئوية، ثقافة عقلانية، وغير ذلك ممّا ينبت على الدوام من هذه التسميات.
الثقافة هي شيء أساسي وجوهري في حياة الإنسان، بما هي مجموعة أفكار ورؤى وتوجّهات وقيم وتقاليد وعادات وممارسات متنوعة يومية. ولذلك، تتقرّر على خلفيتها أمور مهمة ومواقف واتجاهات.
ولما كانت هذه الثقافة هي المحور الذي ترتكز عليه وتقوم وتنهض عملية بناء شخصية الفرد، وتالياً دوره في بناء الأسرة والمجتمع، فضلاً عن إسهامه في النمو والتقدم وقيام الحضارة، فلذلك ينتصب أمامنا بقوة السؤال الكبير: أي ثقافة نريد، في زمن طغى عليه عنف إجرامي إرهابي بامتياز؟ والجواب طبعاً بالتأكيد: نريد ثقافة دينية وأخلاقية دون تزمّت، أي منفتحة ومتسامحة، وثقافة وطنية وقومية عربية دون تعصب، وثقافة ممانعة ومقاومة، يكون العقل سلاحها قبل أي سلاح آخر مهما كان.
باختصار، نريد ثقافة عقلانية بكل معنى الكلمة، أي ثقافة الحرية والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان، وهي الأمور التي من دونها يحيا الإنسان في جحيم حقيقي، عبداً ذليلاً، يكتوي بالاضطهاد والقهر والحرمان، وهو ما لا يمكن القبول به أبداً، تحت أي حجة أو دعوى أو ظرف أو منطق، مهما كان نوعه.
نعم، ونقولها بصوت عالٍ: لن نرضى بغير حياة حرة كريمة هانئة، ملؤها الرخاء والرفاه والبحبوحة والازدهار والفرح والسعادة. وهذا حقنا الطبيعي، الذي لن نتنازل عنه قط. وهنا، مطلوب من القائمين على كل ما يتصل بالثقافة، من تربية وتعليم وإعلام، مكتوب ومسموع ومرئي، وغير ذلك، إيلاء الثقافة العقلانية، بما هي طريقنا الأكيد السليم إلى التحرر والنجاة من الشرور على اختلافها، وما أكثرها في عصرنا الحاضر، الأهمية القصوى.