واشنطن تكتفي بالدعم الكلامي «سياسيّاً ودبلوماسيّاً» وتستبعد العسكري «في الوقت الراهن»
انقشع حسم الوضع في بيروت، عن مشهد غريب، يمكن أن يكون الأول من نوعه في العالم، وهو اعتماد الفريق المنتصر ــ إن صح التعبير ــ لغة تهدئة وطمأنة، فيما لجأ الفريق المنهزم، إلى تصعيد مواقفه ورفع نبرة الهجوم والتهديد!

بينما مر اليوم الأمني أمس، بين سماع أعيرة نارية متفرقة، وشائعات مكثفة، حفل اليوم السياسي بالاتصالات والاجتماعات والإطلالات الإعلامية. واستمر رئيس مجلس النواب نبيه بري، لليوم الثاني على التوالي، محور الاتصالات الخارجية والداخلية في إطار متابعة الوضع والعمل على تهدئته، وأبرزها من رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، الذي أعرب عن دعمه «للحوار بين اللبنانيين والعمل من أجل ذلك»، ومن نائبه عبد الله العطية، وزيري خارجية إيطاليا فرانكو فراتيني وإسبانيا ميغيل أنخل موراتينوس، الرئيس سليم الحص الموجود في القاهرة، والموفد الخاص لرئيس الحكومة البريطانية إلى الشرق الأوسط مايكل ويليامز، والقائم بالأعمال الفرنسي اندريه باران. كما استقبل وفداً من حزب الطاشناق، ضمّ النائب أغوب بقرادونيان والوزير السابق سيبوه هوفنانيان، في حضور النائب علي بزي.
كما تلقّى برّي اتصالاً من شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز نعيم حسن، الذي اتصل أيضاً برئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ومسؤولين آخرين، ودعا في أحاديث إعلامية، الجميع، إلى «التهدئة والتروي والتحلي بروح المسؤولية وعدم تخطي الخطوط الحمر واحترام الأعراف التي حافظ عليها اللبنانيون منذ مئات السنين، فالعيش المشترك والسلم الأهلي هما المخرج الوحيد لحل المشاكل العالقة والدولة هي الضامن الوحيد لجميع اللبنانيين».
وبينما تصاعدت المطالبة، لبنانياً، باستقالة الحكومة، جدّدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، تأكيد دعم بلادها لهذه الحكومة، وقالت في بيان تلاه الناطق باسمها شون ماكورماك: «سنقف إلى جانب الحكومة اللبنانية واللبنانيين المسالمين خلال هذه الأزمة، وسنوفّر لها الدعم الذي تحتاج إليه حتى مرور هذه العاصفة». وأعربت عن «قلق عميق» من التطورات الأخيرة التي حمّلت مسؤوليتها إلى «مجموعات مسلحة غير شرعية»، وإلى سوريا وإيران، اللتين قالت إنه بدعمهما «يقوم حزب الله وحلفاؤه بقتل مواطنيهم وإلحاق الإصابة بهم، مضعفين سلطة الحكومة اللبنانية الشرعية ومؤسسات الدولة اللبنانية».
وتحدّث ماكورماك عن «بعض الأدلة على أن تلك الجماعات المرتبطة بسوريا في لبنان قد بدأت تؤدّي دوراً فعّالاً بصورة أكبر في تأجيج نيران العنف، وأن تلك الأعمال تزعزع الاستقرار السياسي في لبنان»، واصفاً قرارات الحكومة الأخيرة بأنها «إجراءات شرعية تهدف إلى خدمة مصالح الشعب اللبناني». واستبعد تقديم أي دعم عسكري إلى الموالاة «في الوقت الراهن»، قائلاً إن الدعم الذي تنوي بلاده توفيره للحكومة سيكون «سياسياً ودبلوماسياً».

«حافز لتكريس
واستقلال لبنان»

وتحت عنوان بحث موضوعي «احتلال بيروت» و«تطويق» رئيس الحكومة والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط، عقدت قوى 14 آذار، اجتماعاً طارئاً في معراب ترأسه رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، وكان معظم حضوره من القيادات المسيحية. وصدر عن المجتمعين بيان تلاه جعجع، وصفوا فيه ما جرى بأنه «انقلاب مسلح على الوطن والوحدة الوطنية والدستور والتعددية. وانقضاض على العيش المشترك»، وقالوا: «بيروت لم تسقط يوماً أمام الاجتياح الإسرائيلي ولن تسقط اليوم. بيروت اجتاحتها غدراً جحافل حزب الله الذين حمتهم برموش عيونها فأداروا سلاحهم إلى صدور أهلها، فاجتاحوا أحياءهم ودكّوا منازلهم عبر الصواريخ من إيران». وأضافوا: «سيكتشفون سريعاً عمق الجرح الذي أقاموه في قلب لبنان».
وحيّوا أهل بيروت «فرداً فرداً»، والحريري «الصامد في عاصمته وبين أهله»، وجنبلاط «وحزبه، الذي أبى أن يغادر وهو ابن كمال جنبلاط الذي أبى أن يستسلم بعد أعوام من اغتياله من جانب سوريا»، معتبرين «أن هذا الانقلاب الدموي لا يستهدف بيروت وحدها، بل كل لبنان الذي لن نرضى أن يسقط مجدداً رهينة في أيدي أي كان. لن يمثّل هذا الانقلاب رادعاً بل حافزاً لتكريس سيادة واستقلال لبنان». كما رأوا «أن هذه المحاولة الانقلابية السافرة، أسقطت نهائياً شرعية سلاح حزب الله ونزعت عنه صفة السلاح المقاوم، ولن يجدي نفعاً الادّعاء أن استعمال السلاح هو للدفاع عن السلاح، فاستعمال السلاح أدّى إلى سقوط السلاح»، معلنين رفضهم «القاطع لهذا الانقلاب الذي لا يمكن أن يغيّر في القناعات، فهذه الأعمال لم تستطع أن تغيّر في مسيرة لبنان وقدرته على العيش».
ودعوا قيادة الجيش «بكل إلحاح، إلى الاضطلاع بواجباتها الأساسية في حماية أرواح المواطنين، حقناً للدماء ومنعاً لتفاقم الأزمة». كما توجّهوا «إلى كل الدول العربية لتحمّل مسؤولياتها تجاه لبنان، لأن الانقلاب هدفه إعادة سوريا إلى لبنان وإيصال إيران إلى المتوسط»، وخصّوا «دول الاعتدال العربي والإسلامي» بالدعوة «إلى مساعدة لبنان». ورأوا أن «المجتمع الدولي لا يمكن أن يقف متفرجاً حيال هذا التمادي، ويجب أن يقف ضد من يسهم في تقديم السلاح، والوقوف إلى جانب حكومة لبنان». وختموا مؤكدين التمسك «بمبادئ ثورة الأرز»، ومعاهدين «شعب لبنان، الاستمرار في تحقيق أهدافنا، ونؤكّد أن أعمال العنف لا ترهبنا. ونؤكد وقوفنا بكل قوانا خلف حكومة السنيورة الشرعية ونطالبها بالثبات في هذا الموقف الاستقلالي الذي خطّته لنفسها منذ نشأت».
وكان النائب مصباح الأحدب قد غادر الاجتماع قبل انتهائه بسبب ارتباطه بموعد مسبّق، وهاجم «الميليشيا التي تريد أن تهيمن على مقدرات الدولة عنوة بعيداً عن كل المنطق الذي من المفترض أن يكون سائداً». ودعا الجيش والقوى الأمنية إلى «أن يأخذا في الاعتبار ضرورة حماية طرابلس»، ملوّحاً، من باب التخوّف، بـ«وجود بعض الضباط من طرابلس لن يقبلوا بأن تكون المعادلات، حتى في المناطق الأخرى، غير صحيحة». وقال: «إن وضع اليد على لبنان بهذه الطريقة وأخذه رهينة أمر غير مقبول».

اتصالات وإطلالات إعلاميّة داخل «الطوق»

ورغم أن الحديث عن الـ«تطويق» جمع بين رئيس الحكومة والحريري وجنبلاط، فإن الأخير، انفرد بالإطلالات الإعلامية المكثّفة. واستقبل، وهو «المطوّق»، الصحافيين وودّعهم، وتلقّى العديد من اتصالات الاطمئنان والتطمين والتنسيق... وكان في كل ذلك على مواقفه وأكثر. فقد أعلن الحزب التقدمي أن زعيمه تلقّى «اتصالاً هاتفياً من الأمير طلال أرسلان جرى خلاله عرض التطورات الراهنة. وأبدى ارسلان استعداده لزيارة جنبلاط، مؤكداً له أن أي مسّ بكرامته أو سلامته هو أمر مرفوض بالمطلق وهو كالمسّ بكرامته الشخصية. وشكره جنبلاط على موقفه الوطني المسؤول الذي يعكس أصالته السياسية وحرصه على الوحدة الوطنية، شاكراً له هذه الالتفاتة، ومؤكداً له أنه سيتواصل معه إذا دعت الحاجة». كما تلقّى اتصالات للاطمئنان من النائب بطرس حرب ورئيس حركة التجدّد الديموقراطي نسيب لحود ورئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون. وعرض التطورات في اتصال تلقّاه من الرئيس أمين الجميل الموجود في باريس.
وفي أحاديث مع أكثر من محطة تلفزيونية، أعلن جنبلاط أن الجيش يقوم بحمايته، متمنياً أن «ينتشر لحماية النائب سعد الحريري، ونحن نؤمن فقط بالدولة». وقال: «لا أحد يستطيع أن يسيطر على بيروت، ولا أحد يستطيع أن يسيطر بشكل أحادي على القرار اللبناني، وليست هذه هي الطريقة للتعاطي، وذريعة أن الحكومة تجرّأت على السؤال عما يجري في مطار بيروت أو ما إذا كانت تلك الشبكات أمنية أو تجارية، هذه الذريعة التي أدت إلى هذا الاجتياح، ليست مقبولة». وأكّد بقاءه في بيروت «مع أهلها»، مردفاً أن حزب الله «بقوته العسكرية لا يقدر أن يلغي الآخر، والحوار هو الحل، ونحن موجودون له وإذا كانوا جاهزين فليتفضلوا». وتوقّع أن الأمور «لن تمتد إلا إذا كان الحزب قد قرر إلغاء الموالاة».
وكرّر جنبلاط اتهامه لحزب الله بأنه «يطبق النظام الشمولي»، وعلّق على قول الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله بأن السلاح لحماية السلاح، قائلاً: «وجدنا حلقة سلاح تليها حلقة تحمي السلاح وربما بعدها سنجد حلقة أخرى»، وأردف: «أنا أقبل بوجوده وأدعوه للمشاركة، وهو لا يقبل بوجودي، وقد أثبتت الساعات الماضية ذلك». ورأى أن «لا أحد يستطيع نزع سلاح حزب الله بالقوة». ودعا إلى التمييز بين «هذا الحزب وعقيدته المرتبطة بإيران وبين الطائفة الشيعية الكريمة»، وأعلن أنه يتفاوض مع بري «وأنصح بالتفاوض مع الرئيس بري، فهو رئيس المجلس، هناك ظروف أجبرته آنذاك على أن لا يصوّت مع المحكمة». ورفض استقالة السنيورة، مكرّراً أنه «رئيس الحكومة الشرعية المعترف بها من العالم». وسأل: «لماذا يستقيل، فالحكومة حاولت أن تطبّق قرارين لا يطبّقان إلا من خلال القوى الأمنية؟»، و«هل قرار الحكومة يستوجب إقفال المطار وغير المطار؟».
وفي مؤتمر صحافي عقده في العاصمة الفرنسية، وصف الجميل ما حصل بأنه «وضعُ يد عسكري على بيروت». وقال إن «هذا الانتصار الذي يظنونه، هو فخ»، و«سينقلب على أهله، ولن يغير منحى السياسة والمعادلة السياسة، ولن يدعنا نتنازل عن خطتنا، وإعادة بناء المعادلة السياسة والعودة إلى بناء المؤسسات والعمل من خلال النظام الديموقراطي». ورأى وجوب «إعادة النظر في كل المفاهيم»، متّهماً حزب الله بأنه «يفكّك المؤسسات ويسهم في تعطيل دور الجيش، وهذا يفتح الساحة اللبنانية على كل المغامرات، دعونا لا ننسى أن «القاعدة» تهدد لبنان، ولدينا معلومات عن دخول عناصر من «القاعدة في المغرب الإسلامي» إلى عين الحلوة، ما يفتح الساحة اللبنانية على كل الاحتمالات، ولا أدري إذا كان الانقلابيون في بيروت مدركين لخطورة عملهم»، مردفاً بأن استخدام الحزب لسلاحه «موضوع خطر جداً، وآمل أن يكون لنا موقف واضح في أول جلسة حوار».
كذلك اتهم الوزير أحمد فتفت، الحزب، بأنه «جيش منظّم ميليشياوي، كان يفترض أن يحارب إسرائيل، فإذا به يحارب بيروت»، وأن نصر الله قام «باستغلال قرارات الحكومة لإعلان الحرب». ورأى في الوقت نفسه «أن من يقتحم بيروت هما سوريا وإيران». وقال إن الجيش «سيدافع عن السرايا الحكومية إذا حاولوا اقتحامها». وعلى عكس جنبلاط، قال إن بري «أصبح فريقاً في الحرب الدائرة».

«طرقاتنا ستكون آمنة ومدينتنا آمنة»

وكانت قيادات المعارضة، قد بادرت منذ صباح أمس، إلى تبرير ما حصل ورفض اعتباره انتصاراً لفريق على آخر، فأكد النائب ميشال عون أنه «انتصار للبنان … بالعودة إلى الميثاق الوطني، إلى إعادة التوازن بين مكوّنات المجتمع اللبناني التي كانت مفقودة، مما سبّب لنا مشاكل سياسية وتدخلات عالمية في لبنان وضرب الاستقرار، وبقينا في الأزمة أكثر من سنتين ونصف سنة، نعيش الأزمة التي لا تنتهي»، مذكّراً بتنبيهاته السابقة للعالم إلى إمكان الوصول إلى حالة التصادم «لكن مع الأسف لم نلقَ الإصغاء الكافي لنحل المشكلة قبل وقوعها»، وبتحذيراته من التسلّح ومن دعم «حكم همّش اللبنانيين وطائفتين كبيرتين وابتزّ طائفة».
وقال عون: «اليوم، سنرجع إلى حياتنا العادية، طرقاتنا ستكون آمنة، ومدينتنا آمنة».
سنتطلّع إلى الماضي القريب لاكتشاف الجرائم التي ارتكبت في لبنان، وننظر الى المستقبل لنبني لبنان، هذه الأحداث أعادت القاطرة الى السكة الصحيحة. آمل أن يكون تعاملنا بعضنا مع بعض من هذا المنطلق، وأطمئن كل الناس: لا أحد معرّض للاضطهاد، ولكن البعض الذي شذّ كثيراً وتجاوز صلاحياته، على مستوى مسؤولين لا على مستوى شارع أو شعب، هم معرّضون لتحمّل مسؤولياتهم السياسية». وختم متمنياً أن «نخرج من مخيمات المدينة والسرايا في وقت واحد».
وعقد رئيس الحزب الديموقراطي طلال أرسلان، مؤتمراً صحافياً، قال فيه إن الجبل «لا يمكن أن يرتهن لأحد خارج إطار المقاومة الوطنية وخارج إطار الدفاع عن هذه المقاومة الوطنية»، واصفاً يوم أمس بأنه «يوم جديد جرت فيه استعادة بيروت إلى حضنها الطبيعي، لأن بيروت هي بيروت المقاومة»، وأن ما حصل «هو استعادة لسيادة لبنان واستقلاله، تحرّرنا في الأمس من حكم السفارات، وأكّدنا للعالم أن المهم هو الاحتكام للدستور ولمؤسساتنا الدستورية ولا أحد يبقى لنا، لا سفارة ولا أجنبي، نحن نعرف مصالحنا أكثر بكثير من غيرنا». وقال: «لم نعد نستطيع تحمل جواسيس يبيعوننا يومياً على طاولة إسرائيل». وشكر قائد الجيش العماد ميشال سليمان على «موقفه وحكمته»، وقال له: «إن كل قرى الجبل مفتوحة أمام الجيش اللبناني».
وأشار الى اتصاله بجنبلاط، قائلاً: «إن كرامته الشخصية لا نقبل نهائياً أن تمس، سلامته وأمنه أيضاً من سلامتنا وأمننا، وكرامته من كرامتنا على المستوى الشخصي»، موضحاً أنه لم يتكلم معه «في السياسة نهائياً». وقال «هناك أمور كثيرة يجب التحاور في شأنها ولكنْ هناك أمور تمس سيادتنا واستقلالنا ومقاومتنا التحاور في شأنها محرّم، ليس كل شيء خاضعاً للنقاش والبيع والشراء. التساهل ممكن في أمور لا تعدّ من الثوابت».
وإذ أعرب رئيس حركة التوحيد وئام وهاب، عن الأسف لما حصل، قال: «كنا قد نصحناهم خلال سنتين بأن هذه الطريقة في الحكم لا تجوز، ولكن يبدو أن الصوت الأميركي والصوت السعودي كانا أقوى منا». ورأى أن «عهد الذين استفادوا من دم الشهيد رفيق الحريري خلال 3 سنوات، انتهى»، مطالباً بـ«الحفاظ على أمن الناس وعدم التدخل في شؤونهم السياسية». وحذّر «من نقل الفتنة من بيروت إلى الجبل»، موجّهاً نداءً إلى الجيش ليتسلّم مراكز الحزب التقدمي الاشتراكي في الشوف. وطمأن الى عدم التعرض لأحد، وإلى أن المعارضة «لن تتصرف بشكل انتقامي»، طالباً «من كل العناصر المنتشرة في الجبل الذهاب الى منازلها وترك السلاح، وسنعتبر اليوم هو اليوم الأخير في هذا الوضع». وقال إن «أحداً لم يربح، كل الناس خاسرون، ولبنان وحده يجب أن يربح». وخاطب السنيورة: «عليك أن تغادر، والمطلوب هو إعادة صياغة لكل الحكم والسلطة في لبنان». وختم محيّياً الجيش الذي «أثبت حرصه ووحدته وكان رائعاً في أدائه»، وقائده «الذي عالج الأمور بدون ارتكاب أخطاء».
وأيضاً ذكّر رئيس جبهة العمل الإسلامي فتحي يكن، بالتحذيرات لقيادات الموالاة «بالكفّ عن لعبة الموت التي تحركها الأصابع الأميركية والصهيونية، والتي تودّ أن تدفع بلبنان إلى المصير نفسه الذي وصل إليه العراق»، وبعدم الرهان على دعم أميركا وتأييدها «لأنها في ساعة الصفر لن تغني عنهم شيئاً». وخاطب هذه القيادات بالقول: «لقد بعتم عمقكم بالعمق الصليبي الصهيوني، ورضيتم بالوصاية الأميركية، وأضرمتم نار العداوة والبغضاء بين الشعبين الشقيقين اللبناني والسوري، واستبدلتم الذي هو أدنى بالذي هو خير، وواددتم من حاد الله ورسوله. قمتم بإلغاء كل الزعامات السنية البيروتية واستبدلتموها بأشخاص ما عرفت السنة إلى حياتهم وأخلاقهم وبيوتهم سبيلاً. وظّفتم المرجعيات السنية لمصالحكم ولم توظفوا مصالحكم لمصلحة أهل السنة والجماعة. نتمنى عليكم اليوم أن ترحلوا عن هذا البلد لأنكم كنتم شؤماً عليه».
وعقد في دارة النائب السابق وجيه البعريني في وادي الريحان، لقاء موسع حضره ممثلون عن أحزاب وقوى المعارضة، وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير وفعّاليات اجتماعية وتربوية، وصدر عنهم بيان اتهموا فيه الحكومة بفتح المعركة «بقرارات متسرعة» وبـ«إقدامها على تقديم شكوى على حزب لبناني مقاوم إلى مجلس الأمن الدولي ... بينما اسرائيل تخترق الأجواء براً وبحراً وجواً». وأكدوا أن الصراع سياسي وليس مذهبياً. وتوجّهوا الى الحكومة بالقول: «أما آن لك أن تقفي موقف الأبطال والرجال وتنزلي عن صهوة كبريائك وبرجك العنكبوتي وتدركي، ولو بعد حين وقبل فوات الأوان، أن البلاد لا تدار بالأحقاد والأحساد ولا بالمكابرة والعناد».
وأصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي، بياناً أعرب فيه عن تقديره «لأهالي بيروت الأوفياء الأشراف، الذين انتصروا لهوية وكرامة بيروت، عاصمة للصمود والمقاومة»، و«انتفضوا ضد طغمة فاسدة متسلطة حاولت تشويه صورة بيروت والمس بكرامتها وتغيير هويتها العربية». ورأى أنه «بات حريّاً بفريق 14 شباط سابقاً وحكومة فؤاد السنيورة اللاشرعية سابقاً والساقطة حالياً، أن يخضعوا لخيار تسوية مشرّفة تحفظ غير المرتكبين وتلفظ المسيئين وزارعي بذور الفتنة والفرقة التي دفع لبنان أثمانها خيرة من شبابه، سواء أولئك الذين استُشهدوا برصاص غدر السلطة، أو أولئك المغرّر بهم بالمال الحرام»، خاتماً بالقول: «غداً يوم آخر للبنان المقاومة والصمود والكرامة والعنفوان».

مبادرة إنقاذيّة ودعوة ثلاثيّة الى الحوار

في هذا الوقت، فإن الرئيس سليم الحص الذي لفت إلى أنه «من المسلّم به أن لبنان لا يمكن أن يكون فيه غالب ولا مغلوب»، وأن «لا مستقبل للبنان الوطن بغلبة فريق على فريق»، طرح مبادرة جديدة، طالب فيها رئيس مجلس النواب وحزب الله «بأن يتبنّيا مبدأ انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية فوراً، على أن يشرّع الرئيس المنتخب بالدعوة فوراً إلى حوار وطني يجري تحت رعايته، أمّا القرارات المتسرعة التي اتخذتها الحكومة منذ أيام، فهي في حكم المعطّلة فعلياً، فلنعتبرها في حكم غير الموجودة، وينبغي أن لا تكون هذه القرارات في أي حال حائلاً دون خطوة إنقاذية عبر الدعوة لانتخاب رئيس الجمهورية فوراً». وأضاف: «الأخبار تفيد أن مؤسسات معينة يجري تسليمها الى الجيش اللبناني، ولم يعد ثمة مبرر لعدم تسليم قائد الجيش زمام رئاسة الجمهورية لمباشرة الحوار الوطني المطلوب من أجل إنقاذ المصير الوطني، بعدما بلغ الخطر على وحدة المجتمع والوطن أقصاه».
ورأت الأحزاب الأرمنية الثلاثة: الطاشناق والهنشاك والرامغفاري، في بيان مشترك إثر اجتماعها أمس في مقر الطاشناق، أنه «يجب على جميع الأفرقاء اللبنانيين، تحمّل مسؤولياتهم، وتغليب المصلحة الوطنية وتحكيم العقل، والعودة الى الحوار البنّاء لإعادة إنهاض لبنان وتعزيز وحدته الوطنية»، معربة عن إيمانها «بأن اللبنانيين سيتغلّبون اليوم، كما في الماضي، على هذه المرحلة الصعبة وسيعيدون لبنان إلى سابق عهده».
وفي مواقف المراجع الدينية، دعا الشيخ عبد الأمير قبلان، إلى الاتعاظ مما جرى «لنفتح صفحة جديدة ونتلاقى في ما بيننا». وانتقد عدم التجاوب مع الدعوات الى الحوار ومع المطالبة «بالتراجع عن القرارات الكيدية»، مردفاً: «نحن لا نريد عداوة مع أحد، ولا سيما النائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط، لذلك نطالب بأن تتمّ المحافظة على جميع الزعماء وأولهم الحريري وجنبلاط». واتهم أميركا وإسرائيل باغتيال الرئيس رفيق الحريري، ودعا إلى تسليم «كل المكاتب إلى الجيش، ولينزع السلاح من بيروت لأننا مع الجيش والدولة، نحن مع العدالة والاستقامة». وإذ عزا العلامة السيد محمد حسين فضل الله «هذا الواقع الصعب» إلى «الارتجالية في القرارات الحكومية الخارجة على أبسط مقوّمات الوفاق الداخلي والتوازن الطائفي»، لفت إلى أن مسألة المقاومة «لا يمكن أن يجري التعاطي معها على طريقة التعقيدات اللبنانية الداخلية، بل لا بد أن ترتكز على حالة جدية من الهمّ الوطني والحوار الداخلي».




الفاتيكان في صدد مبادرة إنقاذيّة للسلام في المنطقة «وخصوصاً لبنان»

كشف البابا بنديكتوس السادس عشر، خلال لقائه بطريرك الروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام وأساقفة الطائفة، في الفاتيكان أمس، أنه في «صدد التفكير في اتخاذ مبادرة إنقاذية للسلام في منطقة الشرق الأوسط وخصوصاً لبنان الذي يشكل محور الاهتمام نظراً إلى ما يمثله من قيم ومن تنوع يجب الحفاظ عليه وتحصينه». فيما حذر لحام من أن استمرار الأزمة في لبنان «سيجعل طرق الحل مقفلة، لا بل ستضعنا كلنا أمام حائط أسود، حائط يصبح حاجزاً من الصعب تجاوزه بين اللبنانيين، ويصبح معه التلاقي والعيش معاً واللحمة الوطنية سراباً وخداعاً».
وطلب لحام من البابا صلاته «لأجل لبنان الذين تحبّون ولأجل كل اللبنانيين، وأن يلهم الله المسؤولين والزعماء وقادة الدول للإسهام بإخراج لبنان من محنته ومتابعة رسالته في الداخل والخارج، وأن يكون شاهداً حياً على الحوار بين الأديان، كما كان وكما يجب أن يبقى، لأنه إن سقطت «التجربة اللبنانية» بفرادتها وتنوعها، لا سمح الله، والتي سمّاها سلفكم البابا يوحنا بولس الثاني في الإرشاد الرسولي أنه: «لبنان أكثر من بلد. إنه رسالة»، تسقط معها كل محاولات التقريب بين الحضارات والثقافات والأديان».
وختم معرباً عن يقينه بأن «صدام الحضارات هو المولد الأساسي للعنف والعصبيات القاتلة، وهذا ما يجب أن نسعى إلى تغيير مساره حتى تتلاقى الثقافات وتتفاعل الحضارات في ما بينها، بدل أن تتقاتل وتتصارع وتدمر».
وفي خطبة ألقاها بعد ترؤسه قداساً احتفالياً في كاتدرائية القديس بولس «بازيليكا سان باولو»، في حضور رئيس البازيليك الكاردينال موتزيميلو ودبلوماسيين وممثلين للرهبانيات الموجودة في روما، وبعدما شدد على «وجوب أن تبقى العلاقة بين المسيحيين، بكل تنوعاتهم، علاقة محبة وعلاقة تفاهم وسعي حثيث من أجل الدفاع عن وحدة الكنيسة والدفاع عنها»، وجّه لحام نداءً إلى اللبنانيين «بوجوب الدفاع عن لبنان ككيان لمحبة وموطن للتلاقي، بعيداً عن تهديد الواحد للآخر، إذ لا يجوز أن يحمل سلاح لبناني ضد لبناني، ولا يجوز أن يرمى حجر من لبناني على لبناني، ولا يجوز أن يحقّر لبناني لبنانياً، بل أن نبقى متّحدين متفاهمين لنعمل معاً للنهوض بوطننا من جديد».
وتعليقاً على التطورات الأخيرة في بيروت وبعض المناطق، طالب لحام المسؤولين كافة والمرجعيات الروحية والسياسية بـ«العمل معاً من أجل إنقاذ رسالة لبنان ودور لبنان ومعنى لبنان الذي له الكثير من الفضل في إرساء قواعد السلوك الحضاري والديني والمدني في العالم»، مكرراً أمنيته في «أن يصار إلى اتفاق سريع على وقف الأحداث وعودة السلام إلى هذا البلد الذي ينتظر انبلاج الفجر من جديد... ولا فجر، ولا شمس، خارج إرادة أبناء لبنان».




حضور اجتماع 14 آذار

حضر اجتماع معراب، الى جعجع: الوزيران جو سركيس ونايلة معوض، النواب: أنطوان زهرا، ستريدا جعجع، إيلي كيروز، جورج عدوان، عاطف مجدلاني، هادي حبيش، جواد بولس، بطرس حرب، مصباح الأحدب، هنري الحلو، فؤاد السعد، صولانج جميل ويغيا جرجيان، النواب السابقون: فارس سعيد، كميل زيادة ونسيب لحود، ميشال معوض، سامي نادر، إيلي محفوض، إيلي خوري، جوزف أبو خليل، أنطوان ريشا، سليم الصايغ، ميشال خوري، رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون، الياس أبو عاصي، إدي أبي اللمع، أحمد الايوبي، بهيج حاوي، روجيه إده، الصحافي وسام سعادة، منير بركات، مارون الخولي والياس الزغبي.