strong>نجح أزهر البقاع في جمع قيادات من الموالاة والمعارضة ناقشوا سبل إخراج البقاعين الغربي والأوسط من دائرة التوتر الأمني، ولكنه لم ينجح في نيل موافقة الجميع على بيانه الختامي الذي رأته المعارضة منحازاً للموالاة!
البقاع ـ عفيف دياب
لم تتوصل القيادات البقاعية التي اجتمعت بعد ظهر أمس في أزهر البقاع ـــ مجدل عنجر إلى أي نتيجة تذكر، سوى مناشدتها كل الأفرقاء العمل على تجنب الفتنة وفتح طريق مطار بيروت الدولي وجميع الطرق المقطوعة، من دون تسمية معبر المصنع الذي أصبح في عهدة مجموعات تنتمي إلى توجهات حزبية وسياسية عدة من خارج إطار تيار المستقبل الذي شارك منسقه في البقاع أيوب قزعون في اجتماع الأزهر، بحضور ممثلين آخرين عن قوى المعارضة، ولا سيما ممثل حزب الاتحاد الذي يرأسه النائب السابق عبد الرحيم مراد الذي جرت بينه وبين مقربين جداً من الموالاة اتصالات هاتفية ومباحثات عبر موفدين عقدوا طوال ليل أول من أمس اجتماعات مكثفة في البقاعين الأوسط والغربي، أفضت إلى التوافق على تجنيب المنطقتين أي موجات من العنف، والعمل ميدانياً على إزالة عناصر التوتر، وتحديداً فتح الطرق المقطوعة بسواتر ترابية وسحب المظاهر المسلحة التي غابت من مختلف مناطق البقاع الغربي والأوسط، باستثناء نقطة المصنع التي شهدت صباح أمس تطوراً أمنياً تمثل بإطلاق رصاص وقذائف صاروخية أصاب بعضها مركز الأمن العام ومبنى الجمارك اللبنانية، حيث لم تعرف الأسباب الحقيقية الكامنة وراء إطلاق النار، إذ قال بعض المسلحين في المصنع إنهم ردوا على مسلحين كانوا في سيارات رباعية الدفع في جبل يشرف على منطقة المصنع من ناحية الأراضي السورية أطلقوا الرصاص على نقطة المصنع، فيما قالت رواية أخرى إن بعض المهربين كانوا يعبرون في المنطقة اعتقد أنهم من المعارضة فـ«أطلقنا عليهم الرصاص»، بينما ذكرت رواية ثالثة أن المسلحين الذين يقطعون طريق المصنع أطلقوا النار والقذائف الصاروخية كرسالة تحذيرية إلى المعارضة والقول لها إن أي فتح للطريق بالقوة العسكرية سيواجه بمثلها.
وبغض النظر عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الرصاص والقذائف الصاروخية، فإن فتح معبر المصنع أصبح مرتبطاً بفتح طريق المطار، وهذا ما أكد عليه اجتماع اتحاد بلديات السهل في البقاع الغربي الذي شارك فيه رؤساء بلديات من الموالاة والمعارضة على حدّ سواء، وأعلنوا في بيانهم الالتفاف حول الجيش اللبناني وتسهيل مهمته وفتح جميع الطرق فوراً، ولا سيما «طريقي المصنع والمطار»، مؤكدين رفضهم الانجرار وراء الفتنة، في وقت لم ينجح فيه اجتماع أزهر البقاع الذي حضرته قيادات حزبية واجتماعية وفاعليات موالية ومعارضة، والنائب عاصم عراجي، في «رأب الصدع» حيث «هرّبت» عملية إصدار البيان الختامي الذي جاء لمصلحة الموالاة من دون الأخذ بهواجس قوى المعارضة التي كانت مشاركة بفاعلية في الاجتماع والتحضير له من أجل تجنيب البقاع الغربي والأوسط موجات من العنف المرفوض من الجميع. وقالت قيادات معارضة كانت مشاركة في اجتماع الأزهر الذي ترأسه المفتي خليل الميس، إن البيان الختامي «صيغ بأسلوب لم يأخذ رأينا فيه، وإن عملية الصياغة تمت غدراً». وأضافت «نحن لبّينا دعوة المفتي الميس لحضور الاجتماع بهدف تجنيب المنطقة الفتنة، ولكن يبدو أن بعض حضور اجتماع الأزهر لا يريدون تجنيب المنطقة الفتنة، لا بل يمعنون في الدفع نحوها، ونحن لن نسمح لأحد بأن يأخذ البقاع الأوسط والغربي إلى مزيد من الانقسامات السياسية أو زرع توترات أمنية الجميع بغنى عنها». وتابعت هذه القيادات البقاعية المعارضة بالقول : «ليل أمس (أول أمس) أجرينا اتصالات مكثفة مع المفتي الميس، وأبلغنا أن الأجواء نحو مزيد من التهدئة. ولكن للأسف كل هذه الوعود تبخرت».
وكان بيان الأزهر قد شدد على تسهيل مهمة الجيش اللبناني و«هو المسؤول أمام الله والوطن عن أي تجاوز أو خلل يلحق بأهلنا في البقاع من أي طرف كان، ولكي لا تتكرر في البقاع مأساة بيروت» طالباً من «الذين أغلقوا المطار والمرفأ والطرق المسارعة لفك هذا الحصار المؤذي لكل أبناء الوطن»، كما دعا البيان إلى «فتح كل المنافذ المؤدية إلى لبنان»، متمنياً أن تأخذ المبادرة العربية «طريقها إلى التنفيذ بالسرعة الممكنة، وذلك من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وما يستتبع ذلك من حكومة وحدة وطنية تجمع الشمل، وصولاً إلى قانون انتخابي يحفظ حقوق الجميع، وأن يستأنف الحوار برعاية عربية».
وبعيداً من الخلافات السياسية وفشل كل الوساطات الهادفة إلى تقريب وجهات النظر، فإن التوترات الميدانية تراجعت حدّتها، ما ساهم في عودة النشاط إلى الأسواق التجارية في البقاع الأوسط والغربي وراشيا، لا سيما أن جميع الطرق الداخلية أصبحت سالكة مع وجود مكثف للجيش اللبناني الذي عزز من قواته في بعض المناطق البقاعية، في وقت برز فيه إقدام الحزب التقدمي الاشتراكي على إقفال مركزه في راشيا ـــ ضهر الأحمر وتحرك ميداني لافت لقوى معارضة في البقاع الغربي ومناطق متفرقة من قضاء راشيا.
(شارك في التغطية: أسامة القادري، شريف سريوي ونقولا أبو رجيلي)