عمر نشابةمقار ميليشيا «المستقبل» في طلعة شوران وأوتوستراد قريطم وشارع رينيه معوض ومبنى ماي فير في شارع الصيداني والمبنى الملاصق لوزارة الاقتصاد في شارع صوراتي تحوّلوا إلى مقار لميليشيات «الماضي». ولم يمتثل هؤلاء لما جاء في بيان «المعارضة الوطنية اللبنانية» في 10 أيار عن «إلغاء جميع المظاهر المسلّحة في مدينة بيروت، لتكون العاصمة في عهدة الجيش الوطني».
الساعة الثانية عشرة ظهراً، يُسمع صرير جنازير ملّالات دورية للجيش اللبناني تمرّ في شارع الحمرا الرئيسي، حيث ما زال أغلب المحال التجارية مغلقاً.
يتهامس المواطنون الخائفون من الفوضى بتساؤلات عن سبب عدم سلوك دوريات الجيش شوارعهم الداخلية، وعدم تسلّم القوى النظامية كل المراكز الميليشياوية. كما يستغرب بعض المواطنين تركيز الجيش على حماية جزء من شارع بلس حيث يقع منزل السنيورة، على الرغم من أنه استبدله بالسرايا الكبيرة في وسط بيروت حيث يمكث منذ أكثر من عامين. يذكر أن أكثر من خمسين ناقلة جند وآلية مدرّعة تابعة للجيش وقوى الأمن الداخلي انتشرت في محيط منازل نواب وسياسيين في رأس بيروت، بينما لم تسيطر القوى النظامية على كل المراكز الحزبية التي كانت قد انسحبت منها ميليشيا المستقبل أثناء الاشتباكات.
يشعر بعض الناس في رأس بيروت بخيبة ويأس يدفعانهم إلى التفكير، لا بل الحلم، بالسفر. فالمطار وطريق المصنع مغلقان، ولا «فيزا» ولا مال ولا مكان يلجأون إليه. أما البعض الآخر، فيأمل أن تمرّ هذه المرحلة الصعبة بسرعة وتبسط سلطة الدولة الحقيقية، الراعية لجميع أبنائها، والغائبة حالياً حتى عن السرايا الحكومية ووزارة الداخلية. تسأل سيدة: «من المسؤول عن أمننا؟» ولا تجد من يجيبها.
الساعة الثالثة بعد الظهر، يقرّر شرطيان في قوى الأمن الداخلي، تابعان لفصيلة حبيش، أن يقوما بجولة راجلة في المنطقة. ينصحهما ضابط بعدم حمل سلاحيهما الأميريين، وعدم المرور أمام المسلّحين الذين انتشر بعضهم في محطّة محروقات مهجورة في شارع الصيداني، على بعد أمتار من مكتب المباحث الجنائية العامة، أحد أهمّ مراكز الشرطة في العاصمة.
ذكر بيان المعارضة أنها «ستواصل العصيان المدني لتحقيق مطالبها المطروحة»، لكن في رأس بيروت مظاهر ميليشياوية محسوبة على المعارضة تبدو من خلال تصرّفاتها مشغولة بأمور لا علاقة لها بحماية المقاومة وسلاحها، ولا يمكن على الإطلاق نعتها بـ«العصيان المدني».