فداء عيتانيحديث مليء بالأسف هو ما يجري اليوم مع خصوم الأمس. أسف كبير على نهاية الزعامة السنّية الحريرية، التي مثّلت للآسفين فرصة يعتبرون الآن أنها ضاعت، ويقرّون بأن البديل هو التطرف كما يدعونه، وأن الشارع ممسوك من قوى لا تراعي وطناً. أسف آخر على ممارسات سادت الشوارع، وأسف آخر على ضحايا، وأسف على أن من ارتكب مجزرة لا يخجل من بثّ مشاهدها، بل يفخر بما اقترفت يداه، ويعدّ الضحايا كفاراً وجب الاقتصاص منهم، ويشير إلى استعداده لارتكاب مجزرة أخرى أشد، بعدما رصد تجمعاً في شارع الجميزات. أسف يحمله الخصوم لما ارتكب من أخطاء في الشارع، وأسف آخر لضيق مساحة استدراك السعار الطائفي والمذهبي، وأسف إضافي لانعدام إمكان التعاون السنّي ـــــ الشيعي من أجل ردم هوّة سحيقة من الكراهية التي ظهرت مع بداية يوم 7 أيار. وثمة أسف آخر لن يعلنه الخصوم، وأصلاً لا حاجة إلى إعلانه، بل إلى العمل على تجاوزه: الأسف على زعامة سنّية ورّطت الشارع في ما لا يطيق، وانهارت قبل أن تعي، وراحت ترفع العقيرة بصراخ يُخشى أن لا يسمعه الشارع إلا دعوة للالتحاق بأقصى العنف الديني.