وائل مسلمانيالطرفان على خطأ والطرفان على صواب. لكلّ فريق حجة ولكل فريق منطقه. على خطأ لأنهم يتنازعون، وكل شيء يتنازع ويتصادم يزول، وكل شيء يتناغم ينبني ويستمر.
على صواب، إذا سمعنا كل طرف على حدة، فنرى أن له معتقداته ومنطقه ورؤيته. فهو على حق بما يعتقد، لأن ما يعتقده يراه الصواب وأن رؤيته للأمور هي الأسلم.
يقع التصادم عند وجود فكر يناقض فكراً آخر، أو رؤية تلغي الرؤية الأخرى، أو طرف يرى في وجود الآخر تهديداً لوجوده. وكلّ ما تعمّق وتثبّت الفكر في موقف معيّن، كبرت النقمة بينه وبين الفكر المناقض له.
على خطأ، لأن كل طرف يدافع عن فكره ومعتقده، ويضع ملايين الأفكار التي تدعم توجّه هذا الفكر. وكل فكرة يضعها لتدعم معتقده هي حاجز بينه وبين الفكر الآخر الذي هو أيضاً يمكنه أن يضع ملايين الأفكار التي تدعم معتقده. وكلما تكاثرت الحواجز عظمت الطريقة لإلغائها.
هم على حق لكنهم على خطأ.
عائلة تجلس إلى طاولة الطعام، الأب والابن يأكلان طعاماً قدمته لهما الجارة، والأم والابنة تأكلان ما قدم لهما من الجارة الأخرى. أين التناغم؟ أين المشاركة الحقيقية؟ الجميع سيأكلون والكلّ سيجد الطعام المقدم له شهياً ولذيذاً، لأنهم جياع، حتى لو تشاركوا في الطعام، فهذا طعامهم، لم تصنعه أيديهم. حتى لو جلسوا إلى مائدة واحدة، فالطعام هو الذي يجمع أو يفرّق. الفكر هو الذي يجمع أو يفرّق.
هم على حقّ لأنهم جياع، في ضياع، خائفون. والجائع لا يرى سوى نفسه، والخائف لا يسمع سوى دقات قلبه.
هم جائعون لأنهم يجلسون إلى مائدة واحدة لا طعام عليها، ينتظرون الطعام الذي سيقدم لهم. لكنهم سيظلون جائعين، لأن هذا الطعام غير كامل، تنقصه الحياة، تنقصه البركة، ينقصه حنان الأم. ما أطيب ما نصنعه بأيدينا ويمتزج بعرق جبيننا!
هم خائفون لأنهم لا يعلمون إذا كان الطعام سيأتي أم لا، خائفون لأنهم يعلمون أيضاً أن هذا الطعام لن يشبع جوعهم. خائفون من الآخر أن يسرق هذا الطعام.
ما أعظم الإنسان حين يشارك ما يصنع، فهو يجمع وينفع. أين الحل؟
الحل في العودة إلى القلب، فالقلب هو القالب الذي يتسع للجميع. فبدون إحياء القلب هناك حرب. الحلّ هو بتناغم العقل والقلب، هذا التناغم هو السرّ، هو الذي يجعلنا نرى الآخر، نسمعه، نقبله. من دون العقل والقلب لا استمرار ولا بقاء على هذه الدرب. لسنا بحاجة إلى حزب أو للغرب. حينها نصبح أقوياء، وبوحدتنا نستقل. فقط، حينما نغذي أفئدتنا نستدل على طريق الحق، على طريق الحرية وعلى طريق السلام.