ليال قانصوهذهبت جارتنا أم نبيل كعادتها أمس إلى السوق محاولةً استطلاع أسعار بعض أنواع الخضر والمواد الغذائية التي تشهد ارتفاعاً في أسعارها.
تحمل ورقة وقلماً في يدها وتدوّن عليها أنواع السلع وأسعارها، حتى باتت تُعرف في السوق بـ«جاسوسة» الأسعار أو رقيب الوزارة.
حشرية غريبة هدفها الوحيد تغذية معلوماتها الاقتصادية في مواجهة جارتها، التي تصرّ على عدم التطرق إلى القضايا المعيشية. وبعدما كانت جارتنا أم نبيل نجمة الصبحيات في أحاديث الزواج والطلاق والتبصير في الفنجان صارت خبيرة في الشأن الاقتصادي، وبإمكانها أن تعدّد لك الأسباب الكامنة وراء كلّ هذا الجنون في الأسعار، مع نكهة سياسية خاصة، ودائماً قبل أن تنتهي الجلسة تتوجّه أم نبيل إلى جارتها بالقول: «شو بدي أعمل أكل اليوم؟».
أم نبيل في السوق وتدور من محل لآخر وتنظر من واجهة إلى واجهة، حتى بائعو الخُضَر المتجوّلون لم يتخلصّوا من حشريتها الكثيرة، وأسئلتها عن ثمن البندورة اليوم وكم كان البارحة وكم سيصبح غداً، وهي تجول وتجول وبعد العناء الطويل حيث إنها لم تحمل في يدها كيساً واحداً، لاحت لها من البعيد لافتة كتب عليها «خبر عاجل». تقدّمت أم نبيل بخطى متسارعة وهي تحلّق عن بعد في هذه العبارة التي دُونت باللون الأحمر وكادت أن تقع لمرات عدة، حيث تعثرت ما بين بائعي الخضر وأصحاب البسطات حتى وصلت إلى الخبر العاجل وهو أن 3 كيلو من فخاد الفروج ثمنها 12 ألف ليرة لبنانية، أي بانخفاض مقداره 3 آلاف ليرة عن الأسبوع الذي سبق. جيّد قالت في سرّها، غداؤنا اليوم هو الفروج المحمّر. وبيدين مرتعشتين فتحت حقيبتها، ولكنها لم تجد أكثر من عشرة آلاف ليرة عليها أن تدفع منها ثمن الخبز وغيره. فذهبت مباشرة ودون تردّد لشراء كيلوات من البطاطا وبعض أنواع الخضر الرخيص.
ربما لن تذهب أم نبيل غداً إلى السوق كما أخبرتني ابنتها دلال... لأنها وبحسب خبرتها، فالأسعار إلى ارتفاع ولن تستطيع شراء أي شيء... فلماذا العناء؟