سيدة كلاستمنّيت لو كنت عمياء وخرساء، حيث كنت أشاهد الحدث من ركن في منزلي، عبر شاشة التلفزة، وأنا أقلّب المحطّات واحدة تلو الأخرى، إذ بُهرتْ عيناي لما رأيت.
شعرت للوهلة الأولى وكأنني مسمّرة أمام عرض فيلم تاريخي عبر العصور الجاهلية، والقبلية، لهبوب العاصفة الهوجاء. ظننت نفسي أسافر إلى بلاد الصحارى حيث القبائل والجمال، إذ بي بين حقيقة الواقع والدهشة. أردت أن أصحو من هذه الرؤيا المأساوية. ثلاثة أيام مضت، وأنا بين صحوة وضياع. غضبٌ مشحون بحقد الطائفية، والأنانية والمصالح الشخصية الطامعة والسافلة. أإلى هذه الدرجة وصلت الحال بزعماء فارغين، أوصلوا البلاد إلى عمق الهاوية، ليكونوا رجالاً بلا أفعال وأفعالاً بلا أسماء؟ جعلوا من أوطاننا غمامة سوداء، غربة كاحلة، سماءً شاحبة، وقدراًَ أحمق، مصيراً ضائعاً ما بين غابة من الوحوش الكاسرة، وحقيقة تائهة، وموقعاً يتجاذب فيه مدّ وجزر، مراكب تعلو تارة وتغرق أطواراً دون أن ترسو على شاطئ الأمان، تخاطب حكومة بلا عنوان، تمارس الإدمان بمصّ دماء ما تبقى من أحياء.
جعلوا من هياكل الإنسان أشلاءً منتشرة على أرض ملوثة من أقدام السلطويين. لم يعد من صبر واحتمال، إن الشعب يلفظ أنفاسه الأخيرة في بلد يحتضر.
«يُطلب فوراً حاكم أعلى، يحكم بيدٍ من حديد على كل من تسبب بنزف الدماء وتدهور الأوضاع»، وبناء وطن جديد عنوانه «العدالة والمساواة، ونظامه الحكم المبرم لكل مَن لا يعمل لمصلحة الوطن والشعب»، دون الأخذ بالمصالح الخاصة، مع التمسك بالاستقلالية لمعالجة كل الأمور الداخلية دون اللجوء لأية تدخلات أجنبية.