طرابلس ـ عبد الكافي الصمدولا ينبع التوتّر الأمني فقط من الأحداث الأخيرة، ذلك أنه اندلع في الأساس على خلفية الجرح المستمر في النزف منذ أحداث عامي 1982 ــ 1985 تحديداً، مرتكزاً على احتقان مذهبي سنّي ــ علوي، أسهمت التطورات في السنوات الأخيرة، والانقسامات السياسية الحادّة في البلاد، في تأجيجه وارتفاع وتيرته.
ومن هذا المنطلق، تداعى وجهاء وفعاليات باب التبّانة إلى اجتماع موسّع شكلوا على أثره لجنة متابعة، مكوّنة من عدّة شخصياتٍ (خضر ملص، محمود الأسود، سمير الحسن، مصطفى خالد وعزيز علوش) مقرّبة من الرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي و«تيّار المستقبل». وأعلنت الشخصيّات من خلال اللجنة عزمها على «تجنيب المنطقة تبعات الأحداث والصراعات القائمة في لبنان، ورفضها الدخول في الافتتان المذهبي والطائفي، والتأكيد على العيش المشترك، وإرساء الأمن والاستقرار في لبنان عامّة ومنطقة باب التبّانة خاصّة»، مؤكّدة «ضرورة قيام الجيش والقوى الأمنية بحفظ الأمن».
وقد أوضح عضو «اللقاء الوطني» خلدون الشريف أنّ «هناك عدّة محاولات من أجل عقد لقاء موسّع بين فاعليات المنطقتين لهذا الغرض»، لافتاً إلى «أننا نبارك أي خطوة تؤدي إلى المصالحة، والرئيس عمر كرامي مستعد شخصياً لرعايتها، وليس مهمّاً كيف وأين سيعقد اللقاء، المهم عقده وخروجه بنتجة إيجابية، لأن مصلحة البلد أهم من أي شيء آخر».
بدوره، أكّد إمام مسجد حربا الشيخ مازن المحمّد، الذي تتخذ اللجنة من مسجده مقراً لعملها، أن الأهالي «أجمعوا على ضرورة تحييد المنطقة من تبعات الصراع الدائر في لبنان، وعدم إقحامها في البازار السياسي، وتجنيبهم ويلات الحرب ومنع انفجار الوضع الأمني مجدّداً، من خلال التعاون مع الجهات والفاعليات الأمنية الرسمية والسياسية في طرابلس».
أما عضو اللجنة مصطفى خالد، فأشار إلى «أننا ننسق مع كل القيادات والجهات الأمنية والسياسية، وقد نجحنا في إيقاف إطلاق النار، وسحب المسلحين من الشوارع، لأننا نعمل انطلاقاً من خلفية تهدئة الأوضاع وعدم إثارة النعرات المذهبية».
في مقابل ذلك، شدّد مسؤول العلاقات السياسية في «الحزب العربي الديموقراطي» رفعت علي عيد، خلال لقائه عدداً من الشخصيات التي زارته في جبل محسن، على «وحدة أبناء طرابلس عموماً، وأهلنا في جبل محسن وباب التبانة خصوصاً، هذه المنطقة التي تعاني البؤس والعوز والفقر بسبب إهمال السلطة لها، وغياب مشاريع التنمية فيها».
ودعا عيد جميع القوى السياسية والدينية إلى «التحرك العاجل لوأد الفتنة»، محذراً من أن «محاولات بعضهم الذي لا يزال يحرّض على المقاومة وسلاحها، محاولاً تحويل الخلاف السياسي اختلافاً أمنياً، لن يجلب إلى طرابلس سوى الدمار والفرقة».