strong>لا يأخذ الجميع الرياضة على محمل الجد. فالأزمات السياسية المتلاحقة أسهمت في عدم إيفاء الصحافة الرياضية حقها، فيما ينظر البعض إلى عمل الصحافي على أنّه لا يعدو كونه مجرد تسلية وترفيه، وبالتالي يضعه في منزلة دونية مقارنة بزميله في الصحافة السياسية
حسن زين الدين
هل يكفي حبّ الرياضة والاطلاع عليها لممارسة الصحافة الرياضية، أم إنّ التخصص الصحافي له الأولوية في خضمّ مزاحمة سوق العمل، وهل يرغب طلاب الإعلام في العمل في هذا المجال؟ يحبذ بعض طلاب كلية الإعلام والتوثيق العمل الصحافي الرياضي، أو على الأقل تجربته، بينما يدع البعض الظروف تأخذ مجراها. «العمل في الصحافة الرياضية احتمال مرجّح ضمن خططي، فأنا أحبّه»، يقول زياد النابلسي (سنة أولى صحافة). ويضيف: «هناك مجالات عمل أوفر لهذا القطاع في الخارج، وخصوصاً في الدول الخليجية، حيث تنتشر القنوات الفضائية والمطبوعات الرياضية بكثرة». ويرى أنّ الإعلام الرياضي المحلي يضم بعض الأسماء المعروفة. ويشير زياد إلى أنّ تطور الإنترنت أثّر على الصحافة الرياضية سلباً وإيجاباً، إذ أُتخمت فئة كبيرة من المهتمين بالرياضة بالمواقع والمنتديات الرياضية الكثيرة، فباتوا يطّلعون على بعض الأخبار الرياضية قبل صدورها في الصحف. ويوضح زميله حسن فقيه (سنة ثانية) أنّ «التخصص الصحافي ضروري، لكنه غير مشروط، إذ ثمة أسماء لم تدرس الصحافة لكنها تملك خبرة وتاريخاً، أثبتت من خلالهما كفاءتها»، لكنّه يؤكد أنّ صفة الإبداع في العمل الإعلامي تفتقدها معظم الصفحات والبرامج الرياضية.
من جهته، يوافق طارق الحاج (سنة ثانية) زميليه ويجد أن التخصص الصحافي والاطلاع الرياضي يكملان بعضهما البعض، و يتابع « يتوجب على الصحافي ،كي ينجح، أن يعطي من قلبه في الرياضة لا لمجرد العمل فحسب» فبحسب تعبيره « قريباً لن يكون عندنا رياضة لبنانية».
يتطلّع بلال محمد (سنة ثالثة)، إلى خوض الصحافة الرياضية على سبيل التجربة فحسب، وإن كان يرى أنّها عمل صحافي بامتياز لجهة طريقة صياغة الموضوعات والتغطيات والتحقيقات ، وأنّ الصفحات الرياضية مقروءة والدليل وجود صفحتين أو أكثر للرياضة في الصحف اليومية. ويقول: «تحتاج الرياضة إلى مجهود ومتابعة، وليست كما يظن البعض مجرد تسلية». وعلى رغم رؤيته بأن الصفحات الرياضية أصبحت نمطية ومتشابهة وتفتقر إلى العمق في مقاربة المواضيع، فإنّ بلال يجد أيضاً أنّ تراجع المستوى الرياضي أثّر على مردود الصحافة الرياضية، كما أنّ الوضع الاقتصادي انعكس على القراء وبعض المطبوعات التي تقلّص نشاطها. ويلفت إلى «أن الوضع السياسي والطائفي، يؤثران بدورهما كثيراً، فبات البعض يفهم انتقاد الصحافي لهذا الاتحاد أو ذاك الفريق كأنه انتقاد لهذه الطائفة أو ذاك المذهب». وطالب بخطة نهوض رياضية تتشارك فيها وزارة الشباب والرياضة والصحافة الرياضية.
من جهته، يبدي محمد جرادي (سنة ثالثة) رغبته في العمل الرياضي، لكنه سرعان ما يستدرك «بس الرياضة ما بتأمنلك مستقبلك بهالبلد إلاّ إذا سافرت لبرّا». ويرى أنّ الصحافة الرياضية تحمل بعداً وطنياً من خلال مشاركة المنتخبات والفرق الوطنية في المسابقات الخارجية ورفع اسم لبنان، وبالتالي فإنّ مسؤولية الصحافة الرياضية كبيرة ومهمة في هذا المجال، غير أن النظرة في المجتمع بأن الصحافي السياسي أو غيره أعلى شأناً من الرياضي غير دقيقة، فجميعهم يؤدون المهنة نفسها.
أما اهتمام الطلاب بالعمل الصحافي الرياضي، فلا ينعكس اهتماماً بمشاريع التخرج الرياضية الطابع. ويعزو أستاذ مادة الصحافة في الكلية الدكتور أحمد زين الدين السبب إلى أنّ الطلاب يعتقدون أنّ الموضوع الرياضي ليس من الأولويات، وخصوصاً في بلد كلبنان يطغى فيه الهم السياسي على سواه، فيتوجهون نحو مواضيع في ميادين أخرى سياسية، اجتماعية أو فنية. ويلفت زين الدين إلى أن تقييم المشاريع الرياضية، إذا قدمت، لا يختلف عن غيره: «فنحن نهتم ببنية النص مهما كان، سياسياً أو رياضياً أو غيره، فالصحافة بنظرنا مهنة واحدة بصرف النظر عن المضمون». ولفت إلى أن أساليب العمل الصحافي الرياضي لا تدرّس كمادة منفصلة، بل في المنهج الدراسي في الكلية مادة «صحافة متخصصة» تدخل فيها الرياضة من ضمن اختصاصات أخرى. وعن أهمية الاختصاص في مجال العمل الصحافي الرياضي، يقول زين الدين: «يجب أن تعالج الصحافة الرياضية مثلها مثل غيرها الأمور بعمق، ولا تكتفي بمجرد التغطيات التي أصبحت شائعة، وخصوصاً عبر التلفزيون، وهذا للأسف غير متوافر كثيراً، ربما لغياب الاختصاص أو الرؤية الاستراتيجية للعمل الصحافي».
ثمة رأي تطرحه الطالبة ميرا أبو هاشم (سنة أولى مرئي ومسموع)، التي لا تحب الرياضة ولا تعلم شيئاً عنها، هو أنها لن تتوانى عن العمل في هذا المجال في حال اصطدامها بعد تخرجها بواقع سوق العمل «فأنا أمتلك أساسيات المهنة، ولا يبقى إلاّ أن أعمل على بناء ثقافتي الرياضية».
هكذا تعاني الصحافة الرياضية من إهمال في بلد سرقته السياسة، في وقت تفرض الصحافة الرياضية في العالم وبعض البلاد العربية نفسها بقوة ولها مكانتها المميزة في المجتمع مع وجود مطبوعات متخصصة بالرياضة تصدر بشكل يومي.


دورة تدريبية

ينظّم «المركز اللبناني للتربية المدنيّة» ومؤسسة «مهارات» دورة تدريبية في الصحافة الاستقصائية، بالتعاون مع كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية وبدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، لطلاب الإعلام يُمنح المشاركون في نهايتها شهادة خبرة.