عمشيت ـ جوانا عازارأمّا رئيس بلديّة عمشيت الدكتور أنطوان عيسى فتحدّث عن «عرس عمشيت التي نامت على الخلافات واستفاقت على حلّ يعيد السلام والوحدة والحريّة». عيسى أعلن أن: «الاحتفالات ستكون عفويّة في عمشيت والمنطقة، وستنقل جلسة الانتخاب مباشرة على شاشات عملاقة ستوضع في ساحة الجيش في عمشيت، وستواكب الموسيقى الوطنيّة الحدث، كما ستقدّم بلدات المنطقة عروضاً فولكلوريّة خاصّة بكلّ منها، وستقدّم المأكولات على الطريقة اللّبنانيّة». فالبلديّة تتولّى التزيين وإنارة الشوارع، وسبق أن وزّعت خمسة آلاف علم لبنانيّ وستوزّع المزيد منها». ولا يخفي الجميع فرحتهم بالنهوض الموعود بالمنطقة بعد أن عاشت فترة الحرمان، ويقول عيسى «عمشيت تستفيق لتعيش حلم تنتظره منذ زمن، خاصّة أنّ قضاء جبيل محروم، من هنا الدور الإنمائي الذي ينتظره الجميع إلى جانب الدور السياسيّ». وفي هذا الإطار تحدّث عضو تكتّل التغيير والإصلاح النائب وليد خوري ابن عمشيت عن «إحصاء قام به عن الفترة الممتدّة بين سنة 1992 وسنة 2004، تبيّن خلاله أنّ قيمة المشاريع المخصّصة لمنطقة جبيل تبلغ فقط أربعة ملايين دولار». الخوري يرى انتخاب سليمان «ردّ حقّ هذه المنطقة التي أعطت الكثير إلى لبنان»، وأضاف: «العماد سليمان كان في الأساس مرشّح العماد عون وكان مرفوضاً من الأكثريّة، والحلول التي توصّل إليها لقاء الدوحة هي مطالب التيّار الوطنيّ الحرّ منذ سنتين» معرباً عن ثقته الكبيرة بالعماد سليمان «ابن المدرسة نفسها للعماد عون والمتمتّع بالقدرة على حلّ النزاعات ومتابعة أدقّ التفاصيل المتعلّقة بعمشيت والمنطقة وكلّ لبنان». رئيس قسم عمشيت الكتائبي روكز زغيب تحدّث عن «التزام الكتائب بدعم العماد سليمان إلى أبعد الحدود، لأنّه الأمل في نقل لبنان من الواقع الذي يغرق فيه، كونه الرئيس التوافقيّ للجميع».
ولا تقتصر مظاهر الاحتفال على عمشيت فقط، بل تتعدّاها إلى المنطقة، وتتزيّن مدينة جبيل بدورها بصور العماد سليمان، ومنها صورة عملاقة وضعت على السرايا باسم بلديّة جبيل.
في البقاع، «لم أعد أفهم شيئاً». جملة تسمعها كيفما جلت في الشوارع أو في المقاهي التي غصّت بروادها الذين أجمعوا على قول شيء واحد: «المهم اتفقوا لأننا لا نريد حرباً أهلية جديدة، والوضع لم يعد يطاق» قال أحد الأطباء المعارضين في زحلة الذي كان يناقش زميلاً له يرى نفسه من المحايدين: «لا يمكن لأحد في لبنان أن ينتصر على شريكه في الوطن. كان على فريق السلطة أن يقتنع بذلك، ولكن يبقى الأهم أن اتفاق الدوحة أرضى جميع الأطراف ولا غالب أو مغلوب». في وقت يجد فيه زميله «اتفاقاً طائفياً ـــ مذهبياً سيزيد الشرخ في المجتمع اللبناني، والاتفاق ليس لبنانياً بل فرض قسراً على زعماء الموالاة والمعارضة الذين لا يقوون على رفض تعليمات مرجعياتهم العربية والإقليمية والدولية. للأسف لا أحد سيحاسبهم على الدماء التي أهرقت في الأيام الماضية»، ويتابع «الاتفاق يبقى أفضل من الحرب الأهلية، وهو لم يحقق طموحاتنا ورغباتنا، بل حقق غرور قيادات أظهرت أنها مستعدة لإحراق البلد من أجل السلطة، لا رأي لنا في شكلها ومضمونها دائماً».
لا غالب ولا مغلوب. تسوية أرضت طارق في شتورة الذي كان ينوي إقفال مكتبه للسفريات جراء تراجع عمله و«شي متل الكذب. فجأة هبط الشغل علينا». أكثر من عشرة حجوزات أجريتها في ساعة واحدة لبقاعيين في الخارج سيأتون لتمضية فصل الصيف في المنطقة، وأعتقد أن الشغل سيكون كثيراً في الأيام المقبلة. كان على الموالاة والمعارضة أن لا يختلفوا على وزير بالزائد أو نائب بالناقص.. البلد أهم من الجميع».
هل أنت متأكد من أنهم اتفقوا؟ سؤال طرحته باستغراب مع ابتسامة السيدة أم عمار خلال ابتياعها الخضر من بائع متجول في تعلبايا: «بكرا بيرجعوا بيختلفوا على الوزرا .. الله يساعدنا. ما بعرف كيف بدنا نخلص من كل هالزعما اللي دمروا البلد. مش معقول كيف صاروا يحبو بعضن. كانوا مبارح يخونون بعضهم البعض وهلق صاروا حلفاء وأصحاب». «شيء إيجابي الاتفاق» حسب المحامية سيمونا بعد خروجها من قصر عدل زحلة عائدة إلى بيروت: «مجرد الاتفاق على وقف الاقتتال السياسي ـــ العسكري بين الموالاة والمعارضة شيء إيجابي جداً. لقد تعبنا وشلّت حركتنا الاجتماعية والاقتصادية. وأنا لا أريد الاطلاع على تفاصيل الاتفاق، فكل ما أريده هو عودة الحياة إلى طبيعتها. الاتفاق أفضل الممكن، ولا أريد أن أدخل في سجال من المنتصر أو المهزوم. كل الشعب اللبناني مهزوم، لأنه لم يعد يستطيع تحمّل قيادات قرارها في الخارج وحوّلوا بلدنا إلى ساحة. لا أدري من أجل من يموت شبابنا ويدمّر بلدنا. تحاربوا وتقاتلوا ومن ثم في دقائق اتفقوا وانتهت الأزمة ببوسة ذقن».
وفي صيدا، أعلنت البلدية أنها، بمناسبة اتفاق الدوحة، رفعت الفرق المختصة الأعلام اللبنانية على مبنى القصر البلدي وسط المدينة وفي الساحات العامة وعلى مدخل صيدا الشمالي. كما رفع عدد من المخاتير والمواطنين صور المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان.
في طرابلس، انعكس اتفاق الفجر القطري انفراجاً، وتنفّس الجميع الصعداء. فبعد أن ساد العبوس الأوجه مساء أول من أمس مع توارد الأخبار من الدوحة عن صعوبات الحلّ، بدا كلّ واحد متبسّماً بعد زوال شبح الخوف عن عينيه. المواطنون نزلوا مبكّراً إلى الشارع، وراحوا يتصافحون، ويتبادلون التهاني والتباريك، حتى لو كانوا من مشارب سياسيّة متباينة.
(شارك في التغطية: عفيف دياب، نيبال الحايك، رامح حمية، خالد الغربي وعبد الكافي الصمد)