رامي زريقيعدّ قضاء عكار أفقر الأقضية اللبنانية. وقد أشارت دراسة حديثة وضعتها الأمم المتحدة إلى أن 63% من عائلات عكار تعيش دون حد الفقر. تتميز منطقة عكار عن غيرها من المناطق اللبنانية بأن معظم سكانها هم من الريفيين الذين لا يزالون يعتاشون كلياً أو جزئياً من الزراعة. وبالرغم من وجود مساحات كبيرة من الأراضي الخصبة وخاصة في منطقة السهل، ومن اعتدال المناخ والوفرة النسبية للمياه، لا تزال الإنتاجية الزراعية والمردود المادي الناتج منها متدنيين. فأساليب الزراعة في عكار شبه بدائية إلا في بعض المزارع التي يملكها كبار المستثمرين.
عاشت منطقة عكار تحت رحمة الإقطاع والباكوات والآغوات حتى منتصف القرن العشرين، ولا تزال العلاقات الاستغلالية تلوّن حاضرها وخاصة فيما يتعلق بتوزيع ملكية الأراضي الزراعية. وقد دلّت دراسة الأمم المتحدة المشار إليها أعلاه إلى أن نسبة التفاوت الاقتصادي في عكار هي أعلى نسبة في لبنان. وقد أهملت الدولة اللبنانية منذ قيامها منطقة عكار وحرمتها الاستثمارات في البنى التحتية والتعليم والصحة. كذلك لم تلتفت أكثرية الزعامات السياسية المحلية إلى حال العكاريين إلا في المواسم الانتخابية التي يطلق عليها اسم «مواسم الزفت»، ليس نسبة إلى «العملية الديموقراطية» بل لأنها المواسم الوحيدة التي ترى فيها الطرقات الريفية بعض هذه المادة الثمينة المنتشرة في ساحة البرلمان والمفقودة في المناطق النائية. يولد العنف السياسي من البؤس والحرمان وتنمو الأصولية في بؤر اليأس والآفاق المسدودة. يقع اليوم قضاء عكار تحت احتلال الفقر والتفاوت. على الدولة أن تعي ضرورة تحرير عكار من هاتين اللعنتين قبل أن تقوم جهة أخرى بملء الفراغ.