الحسيني وحرب ومعوّض وعدوان يسجّلون اعتراضات على آليّة الانتخاب من دون تعديل الدستوربعد ستة أشهر من الفراغ في سدة الرئاسة الأولى وبالتزامن مع ذكرى التحرير، انتخب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية وسط تظاهرة عربية ودولية هي الأولى من نوعها في جلسات انتخاب الرؤساء اللبنانيين
نفذ أمس البند الأول من اتفاق الدوحة بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بـ118صوتاً وبمباركة عربية ودولية عكسها حجم الوفود الأجنبية التي حضرت الجلسة وتحوّلت مناسبة لعقد اجتماعات ثنائية بين عدد من الوفود أبرزها اللقاء بين وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ونظيره الايراني منوشهر متكي الذي التقى أيضاً الرئيس سليمان بعيد انتخابه.
وكان رئيس المجلس النيابي نبيه برّي قد افتتح جلسة الانتخاب الخامسة عصراً وأعطى الكلام في مستهلها على التوالي للنواب بطرس حرب، الرئيس حسين الحسيني، نايلة معوض وجورج عدوان الذين أبدوا تحفظاتهم على الآلية الدستورية لانتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية. وأوضح حرب أن اعتراضه محصور في الآلية «إذ كان الأفضل أن يصار إلى تعديل الدستور حتى لا يتحول ما حصل إلى سابقة تتكرر عند كل استحقاق» متسائلاً عن أسباب «اللف والدوران لكي لا نعمد إلى تعديل الدستور ونبقي بالتالي هذا السيف من الشك».
بدوره، رأى الحسيني أنه «ليس من المناسب أن نترك علامات استفهام» مشيراً إلى أن تعديل الدستور لا يحتاج إلى أكثر من نصف ساعة، مقترحاً اجتماع الحكومة في قاعة جانبية ووضع مشروع بتعليق الأحكام التي تحول دون انتخاب العماد سليمان المنصوص عليها في المادة 49 من الدستور ثم اعتماد المادة 73 منه.
وردّ بري على النواب الأربعة لافتاً إلى أن المادة 73 هي المرعية الإجراء لا الـ74 وبالتالي تسقط المهل قائلاً لحرب «كأنك وحدك تطبق الدستور ونحن لا» ومؤكداً للحسيني أننا «لا نخالف الدستور، وإنما كنا سنخالفه لو سرنا على رأيك».
بعد ذلك طلب بري توزيع أوراق الاقتراع البيضاء على النواب، وبعد انتهاء التصويت فرز أمينا سر المجلس النائبان أيمن شقير وجواد بولس الأوراق حيث نال سليمان 118 صوتاً مقابل صوت واحد للنائب السابق جان عبيد وآخر لرئيس حركة التجدد الديموقراطي النائب السابق نسيب لحود، كما وجدت 6 أوراق بيضاء وورقة حملت عبارة «رفيق الحريري والنواب الشهداء»، فأعلن برّي فوز سليمان ورفع الجلسة بعد تصديق محضرها، وخرج من القاعة لاستقبال أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني واصطحبه الى القاعة العامة وأجلسه إلى يساره ثم توجه برّي لاصطحاب سليمان الى المجلس النيابي لأداء القسم الدستوري تمهيداً لمباشرة صلاحياته رئيساً للجمهورية.
وبعد انتهاء الجلسة الثانية التي تخللها إلقاء كلمات لكل من الأمير حمد وبري وسليمان، تقبل الأخيران التهانئ في صالون الرئيس بري من الوزراء والنواب والضيوف فيما اعتذر سليمان عن عدم تقبل التهاني لمناسبة انتخابه رئيساً للجمهورية، شاكراً جميع الذين أبدوا رغبة في الإعراب عن عاطفتهم، معتبراً «أن الأولوية هي الآن للعمل الوطني المشترك من أجل رفعة لبنان وتقدمه وازدهاره وراحة اللبنانيين وطمأنينتهم، متطلعاً الى لقاءات قريبة معهم في مناسبات متعددة».
وبعد انتهاء التهانئ، عقدت خلوة بين الرئيسين سليمان وبري في مكتب الثاني الذي اجتمع بعد الخلوة مع رئيس مجلس الشعب المصري أحمد فتحي سرور ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط، وانضم الى الاجتماع لاحقاً وزيرا خارجية السعودية سعود الفيصل وإيران منوشهر متكي اللذان كانا قد عقدا اجتماعاً ثنائياً استمر حوالى 50 دقيقة. وقد أبدى الوزير الفيصل ارتياحه للأجواء التوافقية التي يشهدها لبنان، والتي تنسحب على العالم العربي، ووصف اجتماعه مع متكي بالمهم والجيد. وسيعقد متكي مؤتمراً صحافياً، ظهر اليوم في مبنى السفارة الإيرانية في بيروت.
وعلمت (الأخبار) من مصادر دبلوماسية غربية أن السفارة الفرنسية في لبنان طلبت من الوزير المعلم تحديد موعد للقاء وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في بيروت ، إلا أن الأول لم يحدد موعداً، لأن برنامج زيارته إلى بيروت مقتصر على حضور جلسة انتخاب الرئيس.

أبو المسيحيّين والابن المدلّل

وسبقت الجلسة مواقف سياسية وقانونية من آلية انتخاب العماد سليمان، فرأى رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أن إجراء انتخاب سليمان رئيساً من دون تعديل الفقرة 2 و3 من المادة 49 من الدستور «مخالفة دستورية يرتكبها الرئيس بري عبر الاجتهاد الأحادي».
لكنه أعلن أن «القوات» ستشارك في جلسة الانتخاب والاقتراع.
ورد جعجع على وصف رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون بأنه «أبو المسيحيين» موجهاً إليه السؤال الآتي «كنت لمدى 15 سنة متربّعاً في أهم المقاعد الوزارية والابن المدلل لآل الأسد وآنذاك كان أولاد «أبي المسيحيين» يتعرّضون يومياً للاضطهاد والملاحقات، فهل الآن بدا لك أن عون هو أبو المسيحيين؟»، معتبراً أن هذا «دليل على المناورة الكبيرة التي تحصل من أجل زيادة الشرخ داخل الصف المسيحي، وتحاول سوريا وحلفاؤها تنصيب العماد عون كأنه فعلاً أبو المسيحيين».
ورأى أن عون «له قناعة بأن مصلحة المسيحيين لا تتحقق إلا إذا وصل للرئاسة»، مشيراً إلى أن «طرح عون كان حكومة انتقالية لا انتخابات رئاسة جمهورية».
من جهته دعا رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم في حديث الى إذاعة «صوت لبنان» الى تحصين تفسير المادة 74 بثلاثة شروط حتى لا يصبح الأمر اجتهاداً. وقال: «المادة 74 تعفي من مدة السنتين عند الوفاة أو الانقطاع وثمة تفسيرات، هذه المادة تساوي من حيث المضمون بين الوفاة والفراغ وبالتالي لم يعد من حاجة لتعديل الدستور لأن ما يسري على الوفاة يسري على الفراغ».
وسجّلت لقاءات لعدد من الوفود بالمسؤولين اللبنانيين بعدما أولم لهم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي استقبل مساءً الوفد السعودي. وكان الرئيس سليمان قد التقى قبل انتخابه وفد مجلس الشيوخ الأميركي، الذي نقل رسالة دعم وتأييد من مجلس الشيوخ الأميركي للدولة اللبنانية والجيش.
كما زار الوفد رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري بحضور القائمة بأعمال السفارة الأميركية ميشال سيسون. وجدد النائب نيك رحال «دعم الشعب الأميركي والكونغرس للشعب اللبناني والحكومة الجديدة» بناءً على طلب وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس. والتقى الحريري الممثّل الأعلى للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا بحضور سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان باتريك لوران والوفد المرافق، كما التقى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والوفد المرافق، وعرض معه التطورات السياسية في لبنان.
بدوره التقى الوزير متكي نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان مهنئاً بذكرى التحرير واتفاق الدوحة، كما زار متكي ضريح الشهيد عماد مغنية. وكان متكي قد قال لدى وصوله الى مطار الرئيس رفيق الحريري: «أتيت على رأس وفد رسمي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية حاملاً معي بحراً زاخراً من التضامن والتكافل والتآزر مع تطلعات الشعب اللبناني العزيز في هذه المرحلة» مؤكداً «أن استتباب الأمن والهدوء والاستقرار في لبنان، هو استتباب للأمن والاستقرار في المنطقة برمّتها».

الطاشناق يطالب بوزيرين أرمنيّين

وبعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي يفتح الملف الحكومي اعتباراً من يوم غد حيث يباشر الرئيس سليمان الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيد، فيما بدأت الكتل بتحديد الحصص التي ستطالب بها. وفي هذا الإطار طالب النائب أغوب بقرادونيان بوزيرين «واحد من المعارضة وهو محفوظ لنا وثان ننتظر من الموالاة تسميته» للطائفة الأرمنيّة.
وأشار الى أن حزب الطاشناق سيجتمع خلال يومين ليقرر اسم وزيره، مشيراً الى أنه يفضّل عدم توزيره وعدم الجمع ما بين الوزارة والنيابة.
بدوره رشّح النائب ميشال المر نجله وزير الدفاع الياس المر ليكون وزيراً في الحكومة المقبلة. وأكد أنه لا يخشى من أن تعرقل التفاصيل تنفيذ اتفاق الدوحة.
من جهته رأى نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «اتفاق الدوحة» وصل إلى النتيجة التي نادت بها المعارضة طويلاً «وكان في الإمكان أن نصل إليها كاملة قبل ستة أشهر أو سنة ونصف». وعزا سبب عدم الاتفاق إلى التدخل الأميركي. وحدد قاسم في «حفل التكليف» الذي نظمته «جمعية النور» في قاعة الزهراء مهمّات المرحلة المقبلة بـ«وضع الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بلبنان، ولمعالجة الأزمات التي ترتبت على كل المواطنين اللبنانيين، والمهمة الثانية أن تعالج كل القضايا في إطار المؤسسات وفي جوّ حواري يؤدّي إلى التفاهم والتعاون كي تخرج النتائج من حكومة الوحدة الوطنية، أو من سبل الاتفاق بالطرق المختلفة سواء عبر لجنة الحوار أو غير ذلك برعاية رئيس الجمهورية».



الضيوف المشاركون

حضرت جلسة انتخاب العماد ميشال سليمان وفود عربية ودولية، وُصفت بـ«غير المسبوقة» في تاريخ لبنان، وتوزّعت على الشكل الآتي:

عربياً

أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه ووزير الخارجية حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ومديرة مكتب الأمير (ابنته) الشيخة هند. رئيس مجلس الشعب المصري أحمد فتحي سرور ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط. ممثل أمير الكويت عبد الرحمن سالم العتيقي ورئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي. وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ورئيس مجلس الشورى صالح بن حميد. وزير خارجية العراق هوشيار زيباري.
وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان. وزير الدولة المغربي للشؤون الخارجية السيد الطيب الفهري. مستشار الرئيس السوداني مصطفى عثمان إسماعيل. ممثل السلطة الفلسطينية عبد الرحيم مملوح. كاتب الدولة للشؤون الخارجية التونسي عبد الرؤوف الباسط.

دولياً

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية علي باباجان. الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، وزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس، وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني. وزير الدولة للشؤون الخارجية في الفاتيكان دومينيك مومبرتيني. وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي. نائبة رئيس البرلمان الأوروبي مارتين رور. الموفد الرئاسي السويسري ديديه فرتر.
نائبة رئيس البرلمان الفرنسي كاترين جيميسون. المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمتابعة تطبيق القرارين 1559 و1701 تيري رود لارسن. وفد الكونغرس الأميركي وضم ستّة نواب (بينهم 3 من أصل لبناني): نيك رحال، جاك هيدن لينغستون، جون المر ليندر، داريل عيسى، تشارلز جوزيف ميلانكون، وراي هنري لحود. رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان باتريك لوران.
السفراء والقائمون بالأعمال وممثلو البعثات الدبلوماسية العرب والأجانب في لبنان.

■ strong>لبنانياً

الرئيسان السابقان إميل لحود وأمين الجميل (اللذان حضرا جلسة أداء اليمين فقط). رئيسا الحكومة السابقان: سليم الحص ونجيب ميقاتي، فيما تغيب الرؤساء: رشيد الصلح وأمين الحافظ وعمر كرامي. رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع.