كد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في كلمته في مجلس النواب أن لا ميثاق بين أبناء الشعب اللبناني «غير التوافق على أمنه ومصالحه، ولا بديل بينهم غير التراضي على ما يضمن لشعب لبنان هذا الأمن وهذه المصالح كي يطمئن الكل مع عيشهم المشترك، وسلامهم الأهلي، ويطمئنوا بقية الأمة العربية الى أن واحداً من أعز أوطانهم مصون بأهله، عزيز بحريته، واثق من خطاه الى مستقبله، عارف دوره في التبادل الحر للمنافع والأفكار».وهنّأ العماد ميشال سليمان على انتخابه رئيساً للجمهورية «في مرحلة هي الأدق والأخطر في تاريخ لبنان الشقيق».
وقال: «لقد انتهت برعاية من الله، أزمة خطيرة، كادت تهدّد كيان لبنان في ظروف لم تعد تحتمل انفراط الأوطان، ومع أن لبنان شهد الكثير من الأزمات، فإن رجائي أن تكون هذه الأزمة الأخيرة، منعطفاً يباعد بين لبنان ومزالق الفتنة، ونعرف أن هناك قاعدة في السياسة اللبنانية، تعتبر حلول الأزمات بمبدأ لا غالب ولا مغلوب، ولكن أسمح لنفسي هذه المرة بأن أقول إن ما توصلنا إليه، ما توصلتم أنتم إليه في الدوحة قبل أيام، لا بد أن يكون خروجاً عن هذه القاعدة الدعاية للتحفز والتوتر والإحساس الدفين بأن الفتنة قائمة حتى وإن كانت نائمة. فصيغة أنه لا غالب ولا مغلوب، تبدو أنها تؤجل الخلافات ولا تنهيها، وتزيح المشاكل ولا تحلها وكان ممكناً في الوقت الذي ظهر فيه ذلك الشعار سنة 1958، أي قبل خمسين عاماً».
وقال: «ففي تلك الأيام كنا نستطيع أن نتحدث عن أطراف لا غالب فيها ولا مغلوب، لأن أحوال الأمة كانت على خلاف ما هي عليه الآن، والواقع بأمانة، أن مخاطر الأحوال الراهنة في العالم العربي، وحوله، لم تعد تسمح بوجود أطراف يتجدّد بينها الخلاف، ما بين حين وآخر، فقد بلغنا حافة لم تعد فيها الأمور خلاف أطراف، وإنما مصير أوطان، وعند هذا الخطر «أمن الأوطان وليس خلاف الأطراف» أصبح لزاماً علينا أن نحسم، ونقطع ونقدر، ونتصرف بجسارة على أساس أن هذه الأزمة الأخيرة انتهت فعلاً، بغالب ومغلوب.. الغالب هو لبنان والمغلوب هو الفتنة، وهذا ما ينبغي أن يكون واضحاً للجميع، اليوم وغداً والى الأبد».
وأضاف: «حضرات النواب المحترمين، إن دولة قطر وأهلها، أسعدهم أن تلتقوا فيها، وأسعدهم أن تنجحوا على أرضها، وأسعدهم أن يخرج لبنان منها غالباً، والفتنة مغلوبة».
وتابع: «أن الدوحة لم تفعل أكثر من أنها فتحت ساحة لحوار حر لا تضغط عليه قوى، أو مطالب، ولا مثقلة بشكوك، أو ريب من خارج مصلحة لبنان وأمنه واعتقادنا أن فرصة هذا الحوار الحر والإرادي جاءت بنتيجتها الطبيعية.
لقد جرت من قبل لقائكم في الدوحة محاولات لحل الأزمة، وشاركت قوى عربية أخوية كريمة، ومؤسسات إقليمية مشهود لها بالكفاءة والمقدرة، وبالفعل فإن هذه الدول وهذه المؤسسات، بذلت جهوداً خيّرة، وقطعت بالأزمة خطى بنّاءة حتى لم تبق غير لمسة أخيرة، يقدر عليها الشعب اللبناني وحده، ممثلاً في قيادته، وزعاماته السياسية الواعية».
وأردف: «إن النجاح الأكبر بالطبع لكم، ولشعب لبنان، لكني أريد أن أقول بإنصاف إن معنى النجاح أوسع من ذلك وأشمل، فذلك المعنى يقول لنا إن النظام العربي نجح لأنه استطاع أن يتجاوز ظروف الخطر، وإن الدول العربية الكبيرة نجحت لأنها استطاعت أن تذلل العقبات، وإن الأمة نجحت لأنها عند حافة الهاوية، أحاطت بالأزمة، وسحبتها من الخطر الى ساحة الحوار، ومن الفرقة الى مجال التوافق، حتى تستطيع الإرادة الواعية أن تؤكد حق الحياة والتقدم، حق الحرية والازدهار».
وقال: «إنني حضرت مع شعب لبنان ساعة الحرب قبل عامين، ورأيت شجاعة المقاومة، حينما كانت المقاومة ضرورية، واليوم بعد عامين، يتاح لي أن أعود الى لبنان، والى هذا المكان، وأن أرى شجاعة الحكمة عندما أصبحت الحكمة لازمة، وفي الحالتين، فإنني فخور، لأنكم أتحتم لي فرصة وشرف أن أرى لبنان في الحالتين، وقد كان عظيماً في مقاومته، في تلك الساعة قبل عامين، كما هو عظيم في حكمته في هذه الساعة وبصورة هذا الاجتماع ودلالته».
ورأى «أن العالم العربي فيه ما يكفي من المؤسسات، والمنظمات الشرعية والمؤهلة، والقادرة على القرار السياسي، وفي مقدمتها الجامعة العربية، والمؤتمر الاسلامي، على أن الحوار يحتاج الى ساحة مفتوحة، لا تسعى وراء قرار، بل تأمل في تهيئة مناخ للحوار يسمح له عند أي خلاف بإدراك حقيقة أنه مع هذا التنوع الانساني الضخم في العالم العربي، فإن ما يجمع الأطراف أكبر بكثير مما يفرق بينهم».