وصف رئيس المجلس النيابي نبيه برّي جلسة الانتخاب بأنها تتويج «لوفاقنا الوطني»، مشدداً على أن «الوفاق هو طريق الخلاص». وأكد أن «وحدتنا وجيشنا أساس منعتنا، ولا أحد يمكنه جعل لبنان ساحة للموت». وقال بري في كلمته بعد افتتاحه الجلسة الثانية: «باسمي وباسم مجلس النواب أقدّم أحر التهاني إلى فخامة الرئيس العماد ميشال سليمان بالثقة الغالية التي أولاكم إياها مجلس النواب باسم الشعب اللبناني بانتخابكم رئيساً توافقياً للبلاد، في لحظة تاريخية تعبّر عن اتفاق وتوافق ومحبة وتسامح بين الجميع، وتؤسس لاستعادة لبنان الاستقرار الشامل في نظامه العام، واستعادة حياته السياسية ودوره في نظامه العربي والمتوسطي والدولي». وتمنّى لسليمان التوفيق «في قيادة سفينة البلاد إلى بر الأمان».
وقال: « أودّ أن أسجّل للتاريخ أن جلسة الانتخابات الرئاسية اليوم تشكّل تتويجاً لوفاقنا الوطني الذي تحقق نتيجة لقناعة ولرغبة ولمصلحة ولضرورة لبنانية وعربية مشتركة بأن الوفاق هو طريق خلاص لبنان، ونتيجة أساسية لجهد عربي وإقليمي مخلص مثّلت محوره دولة قطر وأميرها صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس وزرائه الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني من أجل إخراج لبنان من محنته واستعادته لعافيته».
وأضاف: «إنه لشرف عظيم أن تصادف جلسة الانتخاب الرئاسية اليوم في الخامس والعشرين من أيار، الذكرى الثامنة لعيد التحرير وانتصار مقاومة شعبنا البطلة واندحار الجيش الإسرائيلي عن معظم أرضنا باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وفي الذكرى السنوية الأولى لمعركة نهر البارد وانتصار جيشنا الباسل على الإرهاب والجريمة المنظّمة، لنجعل هذا اليوم كذلك عيداً للانتصار على الخوف والفتنة والهواجس والفوضى، وعيداً للوحدة الوطنية».
و«من أجل التاريخ»، سجّل بري «للمجلس النيابي عظيم التضحيات من أجل لبنان واستقلاله، ومن أجل حفظ وحدته وسيادته وحريته ونظامه البرلماني الديموقراطي، وهو الأمر الذي مكّننا، ولو بتجاوز المهلة الدستورية، من كسب الوقت حتى هذه اللحظة لانتخابكم رئيساً للجمهورية»، مسجّلاً «لمرة واحدة، وقد تحمّلنا الكثير، أن المجلس لم يكن مخطوفاً ولم يكن مغلق الأبواب، وكان اختيارنا دائماً احترام الدستور والنظام».
وقال: «فخامة الرئيس، لقد دفع مجلس النواب السابق والحالي الشهداء من أغلى القادة البرلمانيين، الذين هم رواد بناء وإصلاح وحرية ووحدة وسيادة واستقلال، ليصل بالبلاد إلى مرحلة الدولة المدنية، دولة القانون والمؤسسات.
ولم يكن مجلس النواب وحده يسلك طريق الجلجلة إلى خلاص الوطن، حيث دفع قادة سياسيون وقادة رأي وضباط لامعون وقادة مجاهدون لبنانيون أرواحهم في مسلسل اغتيالات استهدف النظام الأمني والسياسي في لبنان، كما سقط على نفس الطريق مواطنون أبرياء استهدفهم مسلسل تفجيرات مجرم تنقّل في عدد من المناطق، وعلى طريق الخلاص دفع مقاومون مجاهدون وجنود بواسل أرواحهم وهم يتصدون للعدوانية الإسرائيلية كما للإرهاب».
وتابع: «ففي الجنوب، سطّر المقاومون أروع أساطير البطولة، وأثبتوا مجدداً عجز القوة الإسرائيلية عن تحقيق أهدافها في تشويه لبنان وجعله هامشاً ورصيفاً لمشاريع التوطين، عبر شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
وفي الشمال سطّر أبناؤنا الخلّص من ضباط وجنود الجيش اللبناني البواسل أروع البطولات بمواجهة الإرهاب والجريمة المنظّمة في مخيم نهر البارد، ومحاولة جعله قاعدة ارتكاز للإرهاب في لبنان. واليوم وقد عادت تهديدات الرسائل الصوتية بجعل لبنان ساحة للإرهاب عبر تهديد أمننا الوطني وكذلك قوات «اليونيفيل» واستهداف جيشنا الباسل، نقول: إن وحدتنا كما جيشنا هما أساس منعتنا، وإن أحداً في الدنيا لن يمكنه جعل لبنان ساحة للموت، لأن لبنان لن يكون إلا حديقة للحياة الكثيرة والمزدهرة».
وراى ان المجلس النيابي يفاخر «بأنه في الأزمات تحوّل إلى رمز للحوار» معددا ماتم انجازه خلال جلسات الحوار مشيرا الى انه «بقي موضوع «الاستراتيجية الدفاعية» الذي لن يجد أجدر من فخامتكم لإدارة حوار حوله، وصولاً إلى حفظ سيادة لبنان واستقلاله ضد العدوانية والأطماع الإسرائيلية».
وشكر « كل من أسهم معنا في سلوك خريطة طريق الحوار إلى التوافق ولبّى دعوتنا وشرّفنا بحضوره اليوم، وإنجاز هذا الاستحقاق الذي يؤسس لاستعادة مؤسساتنا الشرعية لحضورها ولدورها» خاصا بالذكر قطر وجميع الملوك والرؤساء والأمراء العرب واللجنة العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية معالي عمرو موسى. وحاضرة الفاتيكان والجمهورية الإسلامية الإيرانية بشخص وزير خارجيتها، وتركيا والاتحاد والبرلمان الأوروبيين، ووزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا في محاولة بلورة مشاريع للحلول. كما شكر روسيا «على دعمها الملموس، والولايات المتحدة الأميركية في كل حال وعلى أي حال، نظراً إلى أنها اقتنعت بأن لبنان ليس المكان المناسب لمخاض مشروعها للشرق الأوسط الكبير، الذي لن يجد له برأينا مكاناً مناسباً لآلام الولادة وللولادة في الشرق الأوسط».
كذلك شكر رئاسة الاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان الأوروبي ورئاسة الاتحادات البرلمانية الإسلامية والعربية والآسيوية والفرنكوفونية والأورو ــــ متوسطية. وشكر «على المستوى الوطني، اللبنانيين على صبرهم وتضحياتهم، وكذلك المرجعيات الروحية اللبنانية ومؤسسات الرأي الإعلامية».
وأردف: «فخامة الرئيس، لقد أطلت قليلاً، ولكن بعض أبسط حقوقي، وأنا الذي تألّم وعاش القلق والضغوط، ووقعت عليه هموم المبادرات من منطلق مسؤوليتي الوطنية كرئيس لمجلس النواب اللبناني، وتلقّيت حراب الكلام والتهويل من كل اتجاه، أن أصرخ في هذه اللحظة في برية العالم طالباً السلام لبلدي، متوجهاً إلى أهلي العرب عبر ممثّليهم هنا وفي كل مكان بالقول: إذا كنتم اختلفتم انطلاقاً من لبنان، فاتفقوا بعد اتفاقه... أعتذر إن كان لبنان فرّقكم، واعتز كثيراً بأنه اليوم يجمعكم، بهذا يصان لبنان وبهذا وحده يصان العرب».
وختم: «أمدّ لكم يا فخامة الرئيس باسم زملائي النواب يد المجلس النيابي في ورشة عمل لا تهدأ من أجل إنجاز القوانين اللازمة لتسهيل تنفيذ مقررات باريس ــــ 3، ومن أجل أن لا تبقى قوة عمل وإنتاج شعبنا تتآكل في خدمة الدين العام، ومن أجل استكمال تحرير أرضنا في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ونزع الألغام الكامنة في أرضنا وفي نفوسنا».