رندلى جبوروالمفارقة التي سجلتها صفير أن «الزبائن» أخبروا «الطلاب المحامين» ما لم يخبروه يوماً إلى المحامين الأساسيين أو إلى أي متابع آخر لهم، وهنا بعض تفاصيل هذه التجربة:
الطالب كونستانتان كاليونجي الذي تابع بعض المساجين، وخصوصاً الأحداث منهم في رومية مع جمعية عفيف عسيران، رأى أنّ «الدخول إلى السجن كان أحلى تجربة، لأنّ ما شاهدتُه يشكل رادعاً لعدم ارتكاب أي عمل مخل بالقانون»، ويخبر بشغف: «حكيت مع من يتعاطى المخدرات والقاتل والمغتصب، بعدما غرقت في السنوات الثلاث الأولى في الكتب والنظريات»، فانتفضت إنسانية كاليونجي وطالب بمتابعة الملفات حتى النهاية، بدءاً بالهيئة الاتهامية، وصولاً إلى إصدار الأحكام، وأسف لضيق وقت المشروع الذي بدأ لكنه «لن ينتهي فور انتهاء الامتحان»، وخصوصاً أنه بنى علاقة تواصل مع ذوي المتهمين.
أرجأت الإدارة أحد الامتحانات لأن بعض طلابها «كان عندن جلسة بقصر العدل»، هكذا بدت إدارة الكلية متعاونة مع الطلاب والمشروع الذي كانت أبرز العراقيل فيه كثرة الدروس والمواد التي لا تعطي العمل الميداني حقه بالكامل، لكن الطلاب تحملوا مسؤولياتهم وتوأموا بين النظري والعملي، كما توأموا بين «القانون والإنسانية» في ممارسة هذا «الستاج»، وحققوا نتائج مهمة، لعل أبرزها أنهم استطاعوا الإضاءة على بعض الجوانب التي لم يتنبه لها متابعو الحالات الأساسيون.
والمزج بين القانون والإنسانية تحدثت عنه الطالبة نادين أبي عازار التي «صُدمت» بما يجري في «سجن نساء الخازن»، حيث تتعرض المسجونات لعقاب جزائي وإنساني، كالضرب وسجن امرأة حامل وإبقائها مع ابنتها داخل السجن وغير ذلك.
«المأساة» التي بدأت أبي عازار محاولة معالجتها ستستمر فيها بشكل مواز لتخصصات أخرى تلائم طموحاتها، واصفة التجربة بالرائعة.
لم يتخبّط الطلاب وحيدين في «ملفاتهم»، بل تابعهم اختصاصيون «مجاناً»، فسجّلت المحامية جوسلين كرم من جمعية عفيف عسيران إيجابيات باتجاهين: الأول أن طلاب الحقوق تحوّلوا إلى محامين وعايشوا الواقع، والثاني أنها والمحامين المتابعين «غطسوا» من جديد في البحث. وتسرد كرم حادثة أثرت جدياً فيها، مفادها أن أحد الطلاب رفض في البداية العمل في السجن رومية، ثم سرعان ما تبنى حالات تفاعل معها.