انتهت الأحداث الأخيرة التي أصابت الوطن منذ حوالى أسبوعين، نفض اللبنانيون غبار المعركة، وقاموا للملمة الجراح وإحصاء الخسائر. سارع السياسيون إلى عرض التكفّل بالتعويض عن الخسائر، فأُلّفت لجان للاهتمام بهذا الملف، حصل قسم من المتضررين على تعويضات، في حين لا يزال كثيرون من دون تعويض، رغم وجود لجنتين: واحدة موالية وأخرى معارضة
رضوان مرتضى

ألّف تيار المستقبل لجنة أعلن عنها في مؤتمر صحافي للمنسق العام لتيّار «المستقبل» النائب السابق سليم دياب، عقد في 19 من الشهر الجاري، حيث أُشير فيه إلى مهمة اللجنة التي ستتولى الكشف والتعويض على جميع المتضررين من الأحداث التي شهدتها البلاد خلال الأسبوع الثاني من الشهر الجاري. كما جرى التأكيد في هذا المؤتمر التزام تيار المستقبل بالتعويض عن «565 منزلاً وأكثر من 320 مؤسسة تضررت نتيجة الاعتداءات التي طاولت بيروت بمناطقها كلها». وقد أشار دياب وقتها إلى أن أكثر من خمسين فريقاً لإحصاء الأضرار في الممتلكات سينتشرون في بيروت والمناطق، بعدما رأى «أن لا فرق في التعويض بين لبناني وآخر، لأن هؤلاء بالنسبة لسعد الحريري هم أشخاص لبنانيون متضررون وتحق لهم المساعدة».
اللجان التي تحدّث عنها دياب قبل عشرة أيام بدأت عملها بمسح محال ومنازل متضررة. وخلال جولة على المتضررين، تبين وجود لجنة أخرى تعمل على الأرض بالتوازي مع لجنة تيّار المستقبل للكشف على الأضرار ودفع التعويضات، وهذه اللجنة، على ما ذكر عدد من المتضررين، تابعة لحزب الله. واللافت في عمل اللجنتين ما بدا أنه تقسيم للعمل بينهما، لكن من دون تنسيق بين الطرفين. فمن لم تزره لجنة المستقبل، زارته لجنة حزب الله وأجرت كشفاً على الخسائر التي لحقت به، والعكس صحيح. واشتكى مواطنون متضررون كثر من انتقائية عمل اللجنتين.
في كركول الدروز، انقسم الشارع بين لجنتي المستقبل وحزب الله. عدد من أصحاب المحال المتضررة قالوا إن لجنة تابعة لتيار المستقبل أجرت كشفاً على محالهم منذ أيام عدة، لكنهم لم يقبضوا شيئاً حتى الآن، ومن بين هذه المحال فرع «بان دور» في المنطقة، الذي لم ينتظر قدوم اللجنة، حيث بادرت الشركة إلى إصلاح الأضرار على نفقتها. حسام مزبودي، المدير العام لفروع الشركة، أشار إلى أن هناك لجنتين أجرتا كشفاً على فرع الشركة في كركول الدروز، وأضاف أنّ إحدى اللجنتين أخذت نسخاً عن الفواتير التي دفعها كي تعوّض عليه لاحقاً. لكنه لفت إلى أن هاتين اللجنتين تابعتان لتيار المستقبل.
من جهة أخرى، نفى عدد آخر من أصحاب المحال في الشارع نفسه أن تكون اللجنة التي مرّت للكشف على محالهم تابعة لتيّار المستقبل، حيث أكدوا أن اللجنة التي أجرت الكشف تابعة لحزب الله. ولفت بعض هؤلاء إلى أنهم في صدد قبض التعويضات عن الخسائر خلال يومين. كما لفت أحد القاطنين في تلك المنطقة إلى أنّ لجنة «المستقبل» انتقائية في عملها. فهي لم تُجرِ الكشف على محال ينتمي أصحابها إلى المعارضة، في حين أن آخرين في الشارع نفسه، ينتمون إلى المستقبل، قد قبضوا تعويضاتهم.
أحد أهالي محلة الفاكهاني في منطقة الطريق الجديدة، أكّد لـ«الأخبار» عدم قدوم أي لجنة، لا من الموالاة ولا من المعارضة، لتفقد الأضرار التي أصابت المنطقة. أما في شارع بربور، فقد أشار عدد من أصحاب المحال المتضررة إلى أنّ لجنة تابعة لتيّار «المستقبل» أجرت كشفاً على محالهم منذ ما يقارب الأسبوع، لكنّها لم تعد منذ ذلك الوقت، حتى إن بعضهم قد ملّ الانتظار، فأصلح الأضرار على نفقته الخاصة. أما بالقرب من بربور، في محلة النويري، فقد كان الوضع مختلفاً، حيث لفت أحد أصحاب محال الألبسة في السوق التجاري إلى أنّ هناك لجنة تابعة لحزب الله زارته منذ أيام عدة، ثم أرسلت مهندساً تولى مهمة الكشف وتقدير الأضرار، وبعد يومين من إجراء الكشف، قبض مبلغاً من المال تعويضاًَ عن الأضرار التي لحقت بمحلّه. وعن الآلية كيف تمّت، قال صاحب المتجر: «أحدهم طلب مني أن أذهب إلى مكتب تابع لجهاد البناء في المنطقة، حيث سيتكفّل هذا المكتب بدفع تعويض لي عن الخسائر التي لحقت بي جرّاء الأحداث الأخيرة»، وأضاف: «تقدّمت بطلب في المكتب المذكور، وضعت فيه عنواني، وفي اليوم التالي جاء مهندسون للكشف على الأضرار وحصلت على تعويض».

شهاب: لا تمييز في عملنا

في المقابل، نفى منسّق تيار المستقبل في بيروت خالد شهاب أن يكون هناك أي انتقائية في دفع التعويض، لافتاً إلى أن اللجنة صرفت حتى الآن تعويضات لـ3000 وحدة، وقد ذكر أنه حتى الآن جرى تقديم 5000 طلب إحالة، مشيراً إلى أنه يتوقع أن يصل العدد إلى 10000 طلب إحالة عن الأضرار. كما شدّد منسّق تيار المستقبل على أن اللجنة تدفع التعويضات للجميع من دون تمييز، بناءً على تعليمات النائب سعد الدين الحريري. أما عن آلية سير عمل اللجنة، فقال شهاب، إن اللجنة التابعة لتيار المستقبل ترسل مهندسين لإجراء كشف على الأضرار بعد أن يتصل بها المتضررون. وأضاف: نحن نتحاشى إرسال المهندسين من تلقاء أنفسنا إلى أي من المحال المتضررة في كل المناطق، تحاشياً لأي حساسية يمكن أن تحدث، ودرءاً لأي رد فعل سلبي من أصحاب المحال المتضررة».

حزب الله: لا تعليق

حاولت «الأخبار» الحصول على تعليق من حزب الله عن وجود لجنة للتعويض عن الأضرار تابعة له، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل عند الاتصال بالمصادر الرسمية للحزب. لكن أحد المسؤولين المحليين في حزب الله قال لـ«الأخبار» إن لجنة تابعة للحزب تكشف على الأضرار التي لحقت بالمواطنين جراء الأحداث الأخيرة، وتدفع تعويضات لهم. وتحدّث عن آلية للعمل شبيهة بما تحدّث عنه منسق تيار المستقبل في بيروت، لناحية تقدم المواطنين من اللجنة لإبلاغها عن الأضرار. وبعدها، ترسل اللجنة مهندساً يكشف على الأضرار ويقدر قيمة إصلاحها. وخلال يومين، يحصل المتضرر على مال التعويض نقداً. كما أُشير إلى أن المتقدمين بطلبات التعويض هم من مختلف المناطق التي حصلت فيها الاشتباكات. ولفت أيضاً إلى أن عمل اللجنة قارب على نهايته لجهة التعويض على كل المتقدمين إليها.