المرج ـ أسامة القادريإلى جانب قلة هطول الأمطار هذا العام، وانخفاض منسوب المياه، وتنازع بلدات بقاعية في كميات مياه الشفة التي لا تكفي حاجاتهم واستهلاكهم غير المضبوط، والتلوّث الذي أصاب المياه الجوفية، تبرز عمليات توجيه «المياه الآسنة» إلى نهر الليطاني من دون أي رادع قانوني أو أخلاقي، فيما تتكاثر الأمراض وحالات الإسهال نتيجة هذه الملوّثات.
ليست الرائحة الكريهة التي تنبعث من مجرى نهر الليطاني هي الوحيدة التي يستدل الزائر بها إلى أن هذا النهر الأساسي والمهم في لبنان يتعرض لأكبر عملية تدمير بيئي واضحة للعيان. ويعزز ذلك ما يبرز في سهل البقاع من عملية توجيه مياه نهري جعير وشتوره إلى «مجارير» الصرف الصحي التي تلقي بأوساخها في نهر الليطاني عند أراضي بلدة المرج.
ويمكن زائر «البقاع الأخضر» أن يبدأ رحلته من سهل قب الياس تحديداً وامتداداً باتجاه قرى البقاع الغربي، وصولاً إلى بحيرة القرعون، وأن يشاهد ما يتعرض له مجرى النهر من تعدٍّ وانتهاك عبر تحويل مياه المجارير إليه. ولقد عمل البعض على التخلص من المياه الآسنة عبر رفع أغطية العبّارات لتسير في مجرى النهر المكشوف. في المقابل، يستخدم المزارعون المياه الملوّثة لري مزروعاتهم، بهدف الهروب من تكاليف الأسمدة، ولكونها تسرّع في إنضاج الثمر ونموه، دون النظر إلى ما تخلّفه هذه الملوّثات من أضرار تلحق بالمواطنين نتيجة استهلاكها.
المرج هي البلدة الأكثر تضرراً جرّاء هذا التلوّث البيئي، حيث ملّ أهلها رفع صرخاتهم في وجه المسؤولين لحل الأزمة. رئيس البلدية كمال حرب رأى أن المسؤولية لا تتحمّلها البلديات والقرى التي توجّه صرفها الصحي في اتجاه النهر، لأنها غير قادرة مالياً على أن تحل مشاكلها من دون دعم الحكومة التي تتناسى أن هناك مشاكل بيئية كبيرة تضرب المياه السطحية والجوفية. ويشير حرب إلى أنه يصب في نهر الليطاني ثلاثة أنهر في أرض المرج محمّلة بجميع أنواع الملوّثات. البردوني يحمل معه من مدينة زحلة وجوارها مياه الصرف الصحي، إضافة إلى المواد الصناعية حيث المعامل والشركات ترمي نفاياتها ورواسبها في النهر. وكذلك بالنسبة إلى نهري جعير وشتوره اللذين يجرّان معهما شتى أنواع السموم التي تتحوّل إلى روائح كريهة. «إذا أفصحت وزارة الصحة عن عدد حالات مرضى السرطان، تضرب بلدتنا الرقم القياسي فيه». ويقول حرب لو أن الحكومة قدّمت جدوى اقتصادية لتكاليفها عن مرضى السرطان والربو والأمراض الصدرية التي يسبّبها هذا التلوّث لاستطاعت بهذه التكاليف أن تنشئ عشرات محطات التكرير ومحطات فرز النفايات».