strong>بعد سنتين ونصف سنة على توقيف الضباط الأربعة وصدور عشرة تقارير عن لجنة التحقيق الدولية، وبعد تلقّي وكلائهم عدداً من الرسائل من رئيس اللجنة يقرّ فيها بأن البتّ بتوقيف موكّليهم هو حصراً من اختصاص القضاء اللبناني، عقد محامو الضباط الأربعة مؤتمراً صحافياً ذكروا فيه أنهم سيدّعون على القضاة المسؤولين عن احتجاز موكّليهم
حسن عليق
رأى النقيب السابق للمحامين عصام كرم أن توصية ديتليف ميليس بتوقيف الضباط الأربعة في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري هي «توصية ذات أجل»، وبما أن كل التقارير اللاحقة لتقريرَي ميليس لم تذكر هذه التوصية، فإنها باتت ملغاة بحكم القانون.
وشدد كرم، وكيل اللواء علي الحاج، على السلطة الحصرية للقضاء اللبناني للبت بطلبات إخلاء سبيل الموقوفين، وهو ما أكّده مراراً الرئيس السابق للجنة التحقيق الدولية القاضي سيرج براميرتس والوكيل القانوني للأمين العام للأمم المتحدة نيكولا ميشال.
كرم، الذي كان يتحدّث خلال مؤتمر صحافي عقده وكلاء الضباط الموقوفين في مكتب المحامي أكرم عازوري قبل ظهر أمس، استغرب كلام وزير العدل شارل رزق عن أن المحكمة الدولية هي المرجع الوحيد للبت في قضية الموقوفين، وقول رزق «إن الورقة الصغيرة التي أعطاها رئيس لجنة التحقيق الدولية إلى وكلاء الدفاع مدوّناً عليها بضعة سطور لا يجوز أن يبني عليها وكلاء الدفاع أكثر مما تحتمل بفعل ثرثرة عُرِفوا بها».
ورد كرم على وزير العدل بالقول إن فريق الدفاع «ليس من يثرثر ولا هو يحمّل النصوص أكثر مما تحتمل، والعبرة ليست في كثرة الكلام. فالسطور القليلة التي كتبها براميرتس توضح أن سلطة البت بالتوقيف هي حصرياً من صلاحية القضاء اللبناني».
ونقل كرم عن ميشال قوله إن الأمم المتحدة لا تستطيع إصدار توصية لإلغاء توصية ميليس، لأن ذلك سيُعدّ تدخلاً في الشؤون الداخلية اللبنانية. وتوجه كرم إلى وزير العدل متسائلاً عما إذا كان يرى كلام ميشال «ثرثرة».
وأضاف: عندما نطالب بإبراز الأدلة التي في حوزة القضاء ضد موكلينا يقولون إن هذه مسألة تتعلق بسرية التحقيق. على من يخفي قاضي التحقيق الأدلة؟ هذا يخالف حق الدفاع عن النفس. وانتقد «مغالطات» ديتليف ميليس القائلة «إن اعتقال الضباط الأربعة جاء بسبب معلومات وصلت إلى اللجنة مفادها أن الضباط ينوون مغادرة البلاد»، وإن «مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة لم يوصيا بإطلاق سراح الموقوفين»، فرأى أن الكلام الأول حجة غير مقنعة، وأن الثاني باطل لأن الهيئتين الدوليتين لم تُصدرا توصية باعتقال الموقوفين لتُصدرا توصية معاكسة.
وطالب كرم بضرورة أن يكون اعتراف «مجموعة الـ«13» بتنفيذ جريمة اغتيال الحريري منطلقاً للتحقيق مع أفرادها على الأقل، بما أن الاعتراف مَلِك الأدلة»، متسائلاً عن سبب عدم قيام تحقيق قضائي مع هذه المجموعة.
وأشار النقيب كرم إلى أن التقرير الأخير للجنة التحقيق الدولية كشف عن وجود «شبكة أفراد» راقبت تحركات الرئيس الحريري ثم نفذت الجريمة، وبعد الجريمة بقي أناس منها ناشطين في مجال الاغتيال. ورأى أن ما كشفته اللجنة يؤدي إلى طرح سؤال عن سبب بقاء الضباط الأربعة موقوفين.
أما الوزير السابق المحامي ناجي البستاني، فأشار إلى انطلاق ميليس في تحقيقه من فرضية أن «الجهاز الأمني اللبناني السوري» هو الذي ارتكب جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لكن كانت لخلفه سيرج براميرتس فرضيات أخرى، أفضت في النهاية للوصول إلى «شبكة الأفراد» التي تحدّث عنها بلمار.
أما وكيل اللواء جميل السيد المحامي أكرم عازوري، فشبَّه توقيت إطلالات ميليس التلفزيونية بإطلالات الشاهد المشتبه فيه زهير الصدّيق، التي تهدف إلى «محاولة الضغط على المحقق ومحاولة استباق ما سيرد في التقرير». وقال عازوري إن ميليس يهاجم براميرتس ليبرر توقيف المحتجزين، مشيراً إلى أن اتهام وكلاء الضباط بعرقلة التحقيق «هو اتهام باطل، لأن دور الدفاع هو حماية التحقيق من الانحراف».
بدوره طالب المحامي يوسف فنيانوس بمواجهة وكلاء الموقوفين بالأدلة الموجودة لدى القضاء، لأنهم لن يفشوا أسرار التحقيق التي يُعدّ الحفاظ عليها من صلب واجبات المحامي. ورأى فنيانوس أن استدعاء شهود للاستماع إليهم هو بمثابة حجج للاستمرار بالتوقيف. وقال فنيانوس إن عدم وجود تهمة بحق الموقوفين أدى إلى أن تكون ملفات الدفاع فارغة. «فغياب الاتهام أدى إلى تغييب الدفاع».
المحامي مالك السيد كشف لـ«الأخبار» أن مجموعة من المحامين الأوروبيين تستعد للتقدم بدعوى قضائية دولية ضد المحقق الألماني ديتليف ميليس ومساعده غيرهارد ليمان، إضافة إلى الضباط الذين حققوا في قضية الحريري. وقال السيد إن الدعوى ستكون في المرحلة الثانية أمام القضاء اللبناني. وذكر أن المسؤولين عن استمرار التوقيف هم المدّعي العام التمييزي اللبناني والمحقق العدلي في قضية الحريري إضافة إلى ميليس وليمان.
استجواب سيو وطربيه
من ناحية أخرى، استجوب المحقق العدلي في قضية اغتيال الحريري القاضي صقر صقر المدّعى عليهما الموقوفَين مصطفى مستو وأيمن طربيه. واستمر الاستجواب خمس ساعات متركزاً على دورهما في بيع الخطوط الخلوية المشتبه في استخدامها خلال مراقبة تحركات الرئيس الحريري حتى يوم تنفيذ الجريمة.