ثائر غندورقبل يومين، وصل التقرير الأول للمفوّضية الأوروبية في شأن تطبيق السياسة الأوروبية للجوار في لبنان، إلى الحكومة. رئيس بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان السفير باتريك لوران، لم يعرف بعد ردّة الفعل الرسميّة على التقرير الذي يُحاول أن يوازن بين نقد الحكومة ونقد المعارضة.
يقول لوران في جلسة مع بعض الصحافيين إن المشكلة ليست في فريق دون غيره، بل هي في عقليّة الطبقة السياسيّة المسيطرة في لبنان. لكن لوران يثني في بيان صادر عنه على «الجهود الخاصة التي تبذلها الحكومة اللبنانية لتحقيق التقدّم في تطبيق السياسة الأوروبية للجوار، رغم الظروف السياسية الصعبة|.
فبالنسبة إلى سفير الاتحاد الأوروبي لا يُمكن أن يُحكم بلد بعقليّة تفصل السياسة عن الاقتصاد والاجتماع. ويُحاذر استخدام العبارات القاسية تجاه السياسيين اللبنانيين، ويكرّر الجملة ذاتها: «لم يقم لبنان بما يكفي، لكنّه يستطيع أن يقوم بواجباته إذا أراد». وينفي أيضاً أن تكون للمفوضيّة الأوروبيّة ارتباطات مع طرف دون آخر في لبنان، فيقول لـ«الأخبار»: «نحن نتعاطى مع لبنان ككل، لا كما يفعل عدد كبير من السياسيين اللبنانيين».
يذكر السفير لوران أربعة أسباب أساسيّة وراء تخلّف لبنان عن تطبيق ما التزمه: المشكلة الأولى تتعلّق بالأزمة الدستوريّة وعدم اجتماع المجلس النيابي، والثانية تتعلق بالحكومة وواقعها الحالي وعدم قدرتها على التحرّك، والثالثة عدم وعي الطبقة السياسيّة لأهميّة السياسة الأوروبية للجوار. أمّا الرابعة فهي أزمة الإدارات العامّة وبيروقراطيّتها.
ولا يعتبر لوران أن المشكلة محصورة في لبنان فقط، بل هي عامّة في منطقة الشرق الأوسط، حيث يتم وضع الخلافات السياسيّة في الأولويّة والابتعاد عن نقاش القضايا الأخرى، بينما لو نوقشت القضايا الاقتصاديّة ــ الاجتماعيّة والحقوقيّة والجندريّة والبيئيّة وغيرها، لاستطاعت الطبقة السياسيّة تخطي انقسامها الحاد بين 8 و14 آذار. وانطلاقاً من هذا الاقتناع، كشف لوران عن نيّة الاتحاد الأوروبي عقد ملتقى لبحث السياسة الاجتماعيّة في لبنان في نيسان المقبل، يجمع مختلف القوى اللبنانيّة. ويقول لوران إن هذا الملتقى كان يُفترض أن يحصل في كانون الأول، بعد الانتخابات الرئاسيّة، لكنّه تأخر مراراً بسبب تأجيل هذه الانتخابات «وقرّرنا المضي به قدماً حتى لو لم تحصل الانتخابات». وعندما يُقارن بين تقدّم لبنان وتقدّم الدول الأخرى، يجد أن الفوارق كبيرة، وهنا يعيد تكرار لازمته «يُمكن لبنان أن يتجاوز هذا الأمر».
وينفي لوران أن تكون المفوّضية الأوروبيّة قد تخلّت عن نقدها لغياب رؤية للسياسات الاجتماعيّة في عقليّة الحكم في لبنان، لكنّه يقول إن التزامات الحكومة في باريس ـ 3 شكّلت أول محطّة تقدم فيها حكومة لبنانيّة هذا النوع من السياسات. وهنا يقرّ لوران بأن هذه الحكومة لم تُقدّم بعد ما التزمته، وخصوصاً أن بعض هذه الالتزامات أقرّ في المجلس النيابي وبعضها الآخر لا يحتاج إلى قانون ليُعمل به.