أنطون الخوري حربيطل الأسبوع الحالي على حركة سياسيّة ناشطة، تتصدّرها مبادرة غير معروفة المضمون لرئيس مجلس النواب نبيه بري تحمله في جولة على دول منها السعودية وسوريا، إضافة إلى فرنسا.
تهدف مبادرة بري، بحسب أوساط كتلته النيابية، إلى شرح تصوّره الجديد لحل الأزمة السياسية، انطلاقاً من التمسّك بالرئيس التوافقي، والتفاوض على حكومة انتقالية لمواكبة ما بقي من الفترة الزمنية المؤدية إلى إجراء الانتخابات النيابية. وبخلاف ما يشاع عن رفض المعارضة لترئيس المرشح ميشال سليمان، يبدو بري متمسّكاً جداً بشخص سليمان، مع استنباط فكرة الحكومة الانتقالية لإزالة العقبات التي واجهت القبول بهذا الترئيس في مرحلة اقتراح حكومة الوفاق الوطني.
فإذا كان الخلاف على توزيع المقاعد الوزارية في الحكومة بين السلطة والمعارضة قد أدى إلى استحالة القبول بانتخاب سليمان من دون الاتفاق على السلّة الكاملة، فإن من شأن طرح الحكومة الانتقالية إزالة التعقيدات السالفة عبر تحديد شكلها ومهمتها. ذلك أن طرح هذه التركيبة الحكومية في الشكل سيكون محصوراً بتمثيل الطوائف الأساسية فيها، على قاعدة الأحجام، أما المضمون العملي لمهمتها فهو محدد بثلاثة قرارات: إقرار قانون انتخابي يتفق عليه الفريقان، وتثبيت الاستقرار الأمني، ومعالجة بعض المشكلات بغية منع الوضع الاقتصادي من الانهيار، وفي رأس هذه المشكلات رفع أجور العاملين، ومكافحة الغلاء.
لكن الأجواء الحكومية لا توحي بالترحيب بمبادرة بري، ذلك أنه في مقابل جولة رئيس المجلس، يقوم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بجولة تشمل مصر والسعودية وفرنسا، حاملاً اقتراحاً قديماً جديداً مختلفاً عن اقتراح بري، يقوم على حشد الدعم السياسي الإقليمي والدولي لمطلب انتخاب رئيس للجمهورية دون ربطه بأي مطلب آخر.
تقول مصادر حكومية إن أهمية جولة السنيورة تكمن في شرح عواقب خروج سليمان من قيادة الجيش بعد أشهر دون التوصل إلى انتخابه رئيساً، ما سينعكس سلباً على دور الجيش الوطني. كما سيركّز السنيورة في جولته على جدية الكلام الذي يكرره سليمان باستمرار عن «القنبلة الموقوتة» التي يحملها بين يديه ولا يعرف متى ستنفجر. وسيؤكد السنيورة أن بداية هذا الانفجار تكمن في الفراغ المحتمل في قيادة الجيش بعد رحيل سليمان. كما سيركز على مطالبة حكومات تلك الدول بالضغط لمنع المعارضة من ربط انتخاب سليمان بمطلب الحكومة الوفاقية وقانون الانتخاب، ذلك أن السنيورة سيشرح لحلفائه الخارجيين أخطار مطالبة النائب وليد جنبلاط بترميم حكومته ما لم يأت ذلك كنتيجة للحوار مع المعارضة الذي ينادي به الأخير والذي لا يرى فيه تيار المستقبل ومسيحيّو السلطة خيراً يُرجى.
من ناحية أخرى، حملت مصادر في المعارضة على كلام قائد الجيش، متخوّفة من كونه «ينقض كل الكلام الذي سمعناه عن البنية المتماسكة للجيش منذ تسلّم سليمان قيادته عام 1998، والذي ينادي به دوماً كأهم إنجازاته التي يعوّل عليها لتزكية نفسه للرئاسة. فهل يريدون من جولة السنيورة تطويق جولة بري لفرض أولويات مفكرتهم الخاصة على المعارضة؟ وهل هم واهمون إلى هذه الدرجة؟».