ثائر غندورمن يُراقب حركة الشيوعيين في الأيّام الأخيرة، فلا بدّ أن يُلاحظ تصاعد وتيرة نشاطهم. فقصر الأونيسكو جمع يومي أمس وأول من أمس قادة الحزب إلى جانب رفاق لهم من خمسة عشر حزباً شيوعياً ويسارياً في منطقة المتوسّط بأوروبييها وعربها. وأول من أمس جمع الشيوعيون في عشاءٍ في أنطلياس فعاليات المنطقة، إضافة إلى عدد من مهندسي تيّار المستقبل وحركة «أمل»، وممثلين عن أغلب القوى الحزبيّة، وذلك قبل أيّام من معركة المعارضة والموالاة على نقيب المهندسين. وأمس أيضاً أحيا الشيوعيون الذكرى الأربعين لرحيل عضو مكتبهم السياسي مهدي خليل في احتفال حاشد. كما جمع الشيوعيون لجنة المتابعة للقاء اليساري التشاوري في اجتماع امتد أكثر من أربع ساعات.
وكان لافتاً بروز عنصر الشباب في تنظيم هذه الفعاليات التي أتت بعد إضراب نقابي ناجح قاده عضو المكتب السياسي في الحزب حنّا غريب. كما برزت استعادة أعضاء من المكتب السياسي لحضورهم وعملهم، بعدما طغى شخص الأمين العام الدكتور خالد حدادة على من عداه في الفترة السابقة. لكن حدادة تحدّث مرتين في هذه النشاطات، فأعاد تأكيد ثوابت الحزب في الداخل: المقاومة، قانون الانتخاب والإصلاح السياسي، الموقف من الهجمة الأميركيّة، رفض المشروع النيوليبرالي... كما قال كلاماً لطيفاً عن مقاومة السوريين لمحاولات عزلهم، وحاداً عند الحديث عن العلاقة مع السعوديّة والولايات المتحدة.
لماذا يجهد الشيوعيون في جمع يساريي منطقة المتوسّط وشيوعييها إلى طاولة واحدة؟ «لمواجهة عسكرة البحر المتوسّط» يقول مسؤول العلاقات الخارجيّة في الحزب الشيوعي الدكتور مفيد قطيش. ويُضيف أن من أهداف هذا اللقاء نقل الصورة الحقيقيّة للتدخّل الأميركي في لبنان إلى الأوروبيين خصوصاً، لأن ما ينقله الإعلام مجتزأ. ويشير أيضاً إلى تراجع الحديث عن التدخل العسكري الأميركي في لبنان، رغم أنهم أعلنوا منذ يومين عن مناورات عسكريّة في المتوسّط لحلف شمال الأطلسي وبعض الدول العربيّة، انطلاقاً من قاعدة عسكريّة لهم في اليونان. ولهذه الأسباب سيعود هؤلاء إلى بلادهم للمطالبة بإزالة القواعد الموجودة وعدم السماح بإقامة قواعد عسكريّة للأميركيين في هذه الدول.
أمّا على صعيد تنظيم العلاقة بين القوى اليساريّة في لبنان، فقد اجتمعت اللجنة المنبثقة من اللقاء اليساري التشاوري، ولكن في غياب نائب الأمين العام للحزب الشيوعي سعد الله مزرعاني وحضور سائر الأعضاء. استغرقت نقاشات هذه اللجنة أكثر من 4 ساعات، تخلّلتها اختلافات وتوافقات، ولكن «كان لافتاً لقاء مجموعة أشخاص مختلفين كثيراً، وهي ظاهرة صحيّة، وبرزت قدرة على اتفاقهم على الجوهر»، بحسب ما يقول أحد الحاضرين للقاء. كما بدأت هذه اللجنة بتكوين شخصيّتها المستقلّة عن «الشيوعي»، وهو الأمر الذي تم بموافقة ممثلي الحزب. وعُيِّن موعد التحرّك المشترك في الأول من أيّار المقبل لأخذ الوقت الكافي قبل عقد اللقاء اليساري التأسيسي، وانبثقت من الاجتماع لجنة صياغة ولجنة تنسيق أو أمانة سرّ نواتها حدادة وزهير رحّال.