strong>رشا أبي حيدرتغير المناخ يفرض نفسه على كل شيء، في الاقتصاد والديموغرافيا والسياحة، وفي الحياة بكل مكوناتها. انحباس حراري يؤدي إلى ذوبان الأنهار الجليدية، وارتفاع مستوى البحر ما سيؤدي إلى كوارث طبيعية تهدد صحة ملايين الأشخاص.
منظمة الصحة العالمية تلقّفت الموضوع، فاختارته عنواناً لليوم العالمي للصحة تحت شعار «حماية الصحة من تغيّر المناخ الذي يستهدف الكرة الأرضية. فلنساهم جميعاً في الحماية من أثر التغيرات المناخية على صحتنا».
الأنشطة البشرية هي السبب الرئيسي في التغيّر المناخي، لكن بإمكانها أن تكون الحل أيضاً. هذا ما أجمع عليه الحاضرون خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في هذه المناسبة في مبنى الإدارة المركزية للجامعة اللبنانية في المتحف برعاية وزير الصحة العامة محمد جواد خليفة، وبالتعاون مع وزارة البيئة.
بعد الإضاءة على علامات التغير المناخي وتداعياته على الصحة، أعلن خليفة جهوزية الوزارة تحسباً لأي طارئ صحي. فتمّ تدريب ما لا يقل عن 1500 اختصاصي وعامل صحي في المستشفيات والمراكز الصحية على جميع الأراضي اللبنانية لمواجهة الطوارئ الصحية والاستعداد لها، إضافة إلى تدريب ما يزيد على 500 طبيب على التدابير اللازمة لمواجهة الأمراض الانتقالية بشكل عام وأنفلونزا الطيور بشكل خاص. كما تم تجهيز غرفة خاصة لإدارة الطوارئ الصحية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي وتدريب المراقبين الصحيين على مراقبة سلامة المياه في كل المناطق بالتعاون مع وزارة الطاقة والمياه. وقد زوّد المراقبون الصحيون وأطباء الأقضية بمختبرات نقّالة تسهّل عملية المراقبة السريعة للملوثات في المياه. وتبنّت وزارة الصحة معالجة ضحايا الكوارث الطبيعية على نفقتها، وبالتالي اعتماد اللامركزية في توزيع الأدوية عبر المحافظات. وأكّد الوزير خليفة «أهمية الشراكة والتكامل مع كل القطاعات والوزارات، وخصوصاً وزارة البيئة، وزارة الطاقة والمياه ووزارة الداخلية والبلديات بهدف درء المخاطر عن لبنان».
وتوقّع حسين أبو زيد ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان أن يكون إقليم شرق المتوسط أحد أشد المتضررين من تغير المناخ. وطالب أبو زيد الحكومات ومنها الحكومة اللبنانية بوضع قضية صحة الإنسان ضمن سياساتها لمواجهة التغير المناخي عبر تكثيف جهودها الهادفة إلى حماية الصحة. وتوقّعت وزارة الصحة تأثيرات صحية مباشرة على المواطنين بسبب التغير المناخي، منها ارتفاع في عدد الوفيات سببها تكرار موجات الحر والعواصف. كذلك ارتفاع في نسب بعض السرطانات مثل سرطان الجلد وبعض الأمراض الصدرية التي ترتبط بالغذاء.
التقرير الوطني الأول بشأن تغير المناخ شدّد على أن لبنان ينتج كمية لا بأس بها من غازات الدفيئة التي تساهم في تدهور المناخ. فالدراسات تشير إلى ارتفاع معدل مستوى البحر 1.5 متر كل سنة. ومع مرور السنوات لن يستطيع المزارع اللبناني زراعة الحمضيات على السواحل، بل سيضطر إلى الارتفاع 200 متر لزراعتها.
تجدر الإشارة إلى أن السنوات الأخيرة شهدت أعلى مستوى لدرجات الحرارة منذ عام 1850. وغازات الدفيئة تساهم في ازدياد المخاطر الصحية. وتناول التقرير استراتيجيات يمكن اتباعها لمواجهة الخطر المناخي كاستعمال سيارة تستهلك كمية قليلة من الوقود وصيانتها بانتظام لكون ذلك يخفّف من استهلاك مصروف الوقود. وعلى المواطن إطفاء مختلف الأجهزة الكهربائية عند الانتهاء من استعمالها، كذلك الاقتصاد في كمية المياه المستخدمة واستعمال الطاقة الشمسية لتدفئة المنازل وتسخين المياه.
الحملة التي أطلقتها أمس منظمة الصحة العالمية في لبنان ستستمر أشهراً عدة، ستغطيها وسائل الإعلام وتحديداً التلفزيون والراديو والجرائد والمجلات والمواد التثقيفية، بهدف تعريف مختلف الفئات بأهمية المساهمة في مواجهة مشكلة التغيرات المناخية. كما ستنظم مسابقة «أفضل مقال»، عن موضوع الحملة بين طلاب كليات الصحافة في الجامعات في لبنان، التي أطلقت في آذار وتستمر لغاية حزيران 2008.