أهم المجموعات الجهاديّة المرتبطة بالقاعدة التي عملت في لبنانفداء عيتانيالانقسام الداخلي اللبناني، وحالة الفوضى التي بدأت تغرق فيها البلاد، سمحا للجهاديّين باستخدام الأرض بصفتها «ساحة»، وهو ما يصرخ اللبنانيّون ضده ليل نهار، إلا أنهم لا يكفّون عن تهيئة الأجواء الملائمة ليكون بلدهم مجرد ساحة
ارتفعت وتيرة نشاطات المجموعات الجهادية، المترافقة مع انقسام سياسي كبير. في نهاية عام 2006 وبداية 2007 كانت أرض لبنان قد باتت أفضل ممر ومقر لأجهزة الأمن والاستخبارات العربية والغربية. وما دفع أيضاً بأجهزة الاستخبارات إلى العمل، الوتيرة المرتفعة لنشاط القاعدة في البلاد. محلياً اشتركت أجهزة الاستخبارات اللبنانية المختلفة في تجميع المعلومات عن حركة الجهاديين، إلا أن الفشل المعلوماتي في نهر البارد كشف هامشية عملها وبدائيته، ولكن أجهزة أخرى أعتى كانت تعمل بفاعلية، وأهمها، الأجهزة السورية والأردنية والسعودية، كما كانت دول غربية عدة توفد الصحافيين والباحثين بأسئلة محددة ودقيقة عن الجهاديين في لبنان، وتستفيد من نتائج عمل هؤلاء.
تنوعت عمليات الاختراق التي تعرض لها الجسم الجهادي، بعضها كان مزروعاً في الجسم من بدايته، وهو ما يتحدث عنه المعارضون اللبنانيون، وبالتحديد عن دور الاستخبارات السعودية في إرسال القاعدة إلى لبنان، وبعض الاختراقات تمت على قاعدة المراقبة والمتابعة والتخلص من مشكلة الإسلاميين، وهو ما قامت به سوريا. وهنا تتهم الأكثرية النيابية عدوتها دمشق بإرسال «فتح الاسلام» للانتقام من لبنان. ولم تكن الأجهزة الإسرائيلية، مباشرة أو بالواسطة، بعيدة عما يحصل، فالجو العام أثار شهية الأجهزة، ليس فقط على سبيل المراقبة والمتابعة، بل أيضاً على مستوى إتاحة المجال أمامها للتدخل في أرض الصراع، وإمرار رسائل، أو إشعال معارك جانبية قد تفيدها ودولها في هذا الحين أو ذاك.
ومع بداية شهر آذار من عام 2007 كانت «الحرب على الإرهاب» في أوجها في العراق، وكانت الولايات المتحدة تطالب سوريا بضبط الحدود مع العراق شأنها منذ احتلت بلاد الرافدين، وفي هذا الوقت وصل من يبلغ عن تحركات الدكتور أيمن الظواهري، مؤكداً أن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة انتقل مع نهايات عام 2006 إلى المناطق الشمالية من سوريا، حيث أخذ الأمان من قبائل سورية وعراقية، واحتضنته وأخفته عن أعين الأجهزة الأميركية والسورية على حد سواء، وراح الرجل الذي سبق أن انشق عن الإخوان في مصر، وصار يقود عملياً أقوى تنظيم دولي، يتنقل بين المناطق الحدودية السورية والعراقية، ويحرك مجموعات القاعدة في البلاد المحيطة عبر أمراء ثقات ومندوبين أشداء ومحنكين، منهم المندوب التونسي مصطفى معز بن رجب، الذي تردد مراراً على لبنان بجواز سفر مزور، والتقى على دفعات جهاديين في مخيمات برج البراجنة ومار الياس وعين الحلوة والبداوي، كما التقى شخصيات فلسطينية معروفة ومسؤولة في الحركة الإسلامية في عين الحلوة.
ولم يكن بن رجب وحده الذي أتى موفداً من قيادة القاعدة إلى لبنان، بل وصل أيضاً إليه الجهادي السوري الأصل عمار فرج هواش، الملقب بعمار فرج أبو جبل والبالغ الأربعين من العمر، الذي زار لبنان في عمل تنسيقي لمدة يومين قبل أن يغادره ويعود للدخول إلى لبنان مرات لاحقة، وتولى في كل مرة نقل السلاح والذخائر إلى مخيمي نهر البارد والبداوي، وكان يمد المجموعات الجهادية بالوثائق المزورة، وأحياناً بدعم مالي مباشركما وصل إلى لبنان في بداية عام 2007 القائد المصري في التنظيم، حسين مصطفى الملقب بأبو الوليد، الذي تتلخص مهمته في التنظيم بتنسيق النشاطات العسكرية. وعمل أبو الوليد بضعة أسابيع في مخيم نهر البارد، وعرف ــ لتحركه بجواز سفر تونسي ــ باسم رجب محمود الطراوي. ونظم أبو الوليد أعمالاً عدة في مناطق تمتد من الطريق الجديدة في بيروت إلى إقليم الخروب، فإلى البقاع الغربي وعكار وعين الحلوة، واستمر في جولاته التنسيقية أشهراً واختفى مع بداية حرب البارد.
كان المسؤول في القاعدة أحمد التويجري أو فهد المغامس، الذي عايش الأشهر الأولى من عام 2007 في لبنان، قد شعر بأن ثمة من يراقبه في تلك المرحلة، وأكتشف أن المسؤول في الاستخبارات السعودية في السفارة في بيروت عبد ي. يضعه تحت مراقبة دقيقة، ففر من لبنان نحو إحدى المدن الألمانية حيث بقي لفترة متنقلاً بين دول عدة بجوازات سفر مزيفة، قبل أن يعود إلى لبنان.
بدأ نشاط القاعدة يتبلور حينها في لبنان، وتسارعت وتيرة حركة المجموعات، وخلال أشهر قليلة مرت على لبنان المجموعات الآتية:
1ــ المجموعة الجزائرية، وصلت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2006، حيث لقنها التدريبات العسكرية شحادة ج. الجهادي المعروف الذي كان ينتمي إلى عصبة الأنصار ثم إلى جند الشام. وتمركزت المجموعة في نفق حي الصفصاف بعين الحلوة، وضمت المجموعة كلاً من الجزائريين: مصطفى ع.، مصطفى س.، عبد خ.، مصطفى ج.، محمد ب.، وبعد أيام من نهاية تدريباتها غادرت لبنان.
2ــ المجموعة السعودية، وتضم فارين من المملكة لاتهامهم بالمشاركة في عمليات ضد مراكز وهيئات سعودية، في البلاد والخارج، وتضم المجموعة: سعد ج.، محمد ر.، عثمان ز.، فايز أ.، محمد ض.، سلطان ض.، عبد الله س.، محمد ع.، محمد ح.، عبد ف. وبعد الخضوع لعدد من التدريبات وبعض الشؤون الحياتية العادية كالراحة والاستجمام، غادر بعضهم لبنان، بينما انتشر جزء منهم في عدد من المخيمات الفلسطينية وبعض مدن الشمال اللبناني.
3ــ مجموعة الكوادر: وهي مجموعة من كوادر ومسؤولين في تنظيم القاعدة، وصلت إلى لبنان مع بداية 2007، ودخلت أولاً إلى مخيم نهر البارد، يرافقها الفلسطيني عبد الله خضرجي، الذي كان سابقاً من كوادر فتح ــ المجلس الثوري سابقاً. وضمت مجموعة الكوادر: قاسم د.، محمد د.، عبد الله د.، خالد ب.، عارف م.، إبراهيم هـ. وبعد إقامة قصيرة في مخيم نهر البارد انتقلت المجموعة إلى أحد المخيمات، حيث عمل كل من الكوادر على تأسيس مجموعته الخاصة للعمل في لبنان وبعض الدول العربية والغربية.
4ــ مجموعة الحركة الإسلامية الجماهيرية: وهي المجموعة التي اكتشفها القنصل المصري في السفارة في بيروت طلال ف.، والتي أبلغ عنها السفارة الكويتية، وكانت تتلقى تدريبات في منطقة الجورة في مخيم عين الحلوة، وتلقت تمويلاً من كويتي مقيم بين ألمانيا وهولندا وبريطانيا، وبعدما أنهت تدريباتها، وربما بعد اكتشافها أنها تحت المراقبة تحركت بكامل أعضائها إلى عدد من الدول الأوروبية.
5ــ مجموعة القرعون: وهي مجموعة جهادية من أبناء المنطقة الفلسطينيين واللبنانيين، ويشكلون تركيبة تنظيمية خاصة منفصلة عن القاعدة، ولها امتدادها في فنزويلا والبرازيل، عبر الجاليات اللبنانية هناك. تلقت هذه المجموعة في نهاية 2006 زيارة من القائد الجهادي السعودي عبد العزيز مصطفى باكندوان، حيث التقى أعضاؤها في منطقة لوسي، ولالا، في البقاع الغربي. كما عقد لقاءات في منزل أحد وجهاء البلدة، قبل أن يغادر لبنان.
6ــ المجموعة الكويتية: وهي من المتمولين والشخصيات الكويتية الأصل، زارت لبنان في نهاية 2006، برئاسة الشيخ عبد الله محمد فضلي، وجالت في مناطق البقاع الغربي، حيث قدمت مساعدات لمشاريع وجمعيات سلفية متعددة، ثم غادرت.
7ــ المجموعة الفلسطينية: وهي تضم نخبة من الفلسطينيين الذين دُرّبوا في عين الحلوة على أيدي أشخاص من القاعدة، بعد اختيارهم بعناية، ومهمتهم الانتقال إلى عدد من الدول الأوروبية بوثائق من دول عربية مثل ليبيا والجزائر والمغرب، والعمل من الغرب. وفّر لهم الجوازات المزورة فلسطيني يدعى محمد م.، مقيم في تركيا، وأرسلها من منطقة أزمير مع المسؤول الجهادي اللبناني علي ح.، الذي يتجوّل بجواز سفر مزوّر باسم كارلوس حسين جمعة. ويترأس هذه المجموعة عامر خ.، وتضم كلاً من: نمر ع.، نمر ج.، حسين م.، حسن م.
غداً: متابعة أهم المجموعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة التي عملت في لبنان


تدريبات الأردن
لعب عالما دين دوراً محورياً في عملية التجنيد، الأول هو كنعان ناجي، الذي كان على رأس جند الله، ثم انخرط في حركة التوحيد الإسلامي في بداياتها، قبل أن ينفصل عنها، ومن بعدها يخوض «مقاومة شعبية ضد الجيش السوري» في طرابلس، فيعتقل ويساق إلى سجون دمشق. وفي هذه الفترة استفاد من تقديمات وفّرها له تيار المستقبل ليجند الشبان، وكان صلة الوصل هو النائب السابق سليم د. وعالم الدين الآخر هو الشيخ سيف ح.، وهو لبناني أيضاً، ينسِّق بين ناجي ومجموعاته شبه العسكرية وقصر قريطم.
وعبر هذه الشبكة من التنسيق أرسل العشرات من الشبان الشماليين إلى الأردن لتلقي التدريبات في معسكرات يشرف عليها الجيش الأردني في منطقة جرش، وتخلل تلك الفترة زيارات قام بها النائب السابق إلى الأردن للاجتماع بمسؤولين أمنيين وعسكريين أردنيين. وأنشئ عدد من الخلايا الأمنية الخاصة بقريطم، ولم تخل هذه المجموعات من شبان إسلاميين وجهاديين.