غسان سعودقد يكثر الكلام عن الخلفيات والآفاق للقاء نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق النائب ميشال المر مع المجالس المحليّة والهيئات الأهليّة المتنيّة اليوم.
لكن المؤكد أن المر يحتفظ لنفسه، حتى الساعة، بتفاصيل ما يحيكه كعادته بعناية فائقة، ودقّة قلَّ أن أخطأت.
واللقاء الذي يتحفّظ المحيطون بالمر على كشف معلوماتهم بشأنه، يعدّه أحد أصدقاء المر خطوة طبيعيّة لزعيم متني اعتاد التواصل مع أبناء منطقته وسماع همومهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً.
ويعدد صديق المر محطات عدّة وتصريحات حاول من خلالها أبو الياس القول بلطف إنه لا شيء يُحلّ أو يربط في المتن من دونه، لكن هناك من أصرّ على «بعض الكيديّة»، ما دفعه للنزول إلى الشارع ورفع صوته محاطاً بأنصاره، كما اعتاد دوماً.
والرسالة المبطّنة، بحسب الصديق، متنيّة أكثر منها سياسيّة، مردّداً عبارة المر الشهيرة في مهرجان تأييد النائب كميل خوري في 03 آب 2007: «أرادوها معركة فلتكن، ونحن تعوّدنا المعارك وسنخوضها بحزم وزخم»، مشيراً إلى أن خبرة البعض في أمور المتن لا تزال متواضعة ومعطياتهم خاطئة، وهم يعلمون عن سيّد بتغرين قليلاً من الكثير الذي جعله دون منافس «رجل الجمهورية» منذ منتصف السبعينيات.
وكان المر قد تابع، كعادته، كل التفاصيل التحضيرية للقاء اليوم، الأول في سلسلة كما يرجّح أحد المتابعين، الذي يرى أن من أبرز أهداف اللقاء تظهير حجم المر بعدما قيل الكثير عن تضعضع شعبيته وتراجع عدد مؤيديه، مما يسهّل له العودة إلى طاولات الأرقام مفاوضاً قوياً يمسك بيده، لا مصير المتن فحسب، بل مصير الأكثريّة والأقليّة، «إذ سيلعب المتن الشمالي في انتخابات 2009 الدور الذي لعبه المتن الجنوبي في انتخابات 2005. وكما كان حزب الله العامل الحاسم في حصول تيار المستقبل وحلفائه على الأكثريّة النيابيّة، سيكون المر بيضة القبّان التي ترجّح كفّة هذا أو ذاك، وخصوصاً أن الحسابات كلّها تدور لتنتهي عند حقيقة أن المعركة محسومة في معظم الأقضية، إلا في المتن الشمالي، حيث يمكن بضعة آلاف من الناخبين أن يمنحوا هذا الفريق أو ذاك ثمانية مقاعد غالية
جداً.
واللقاء في أحد وجوهه، يكمل المتابع، رسالة إلى الرئيس الجديد بأن المر «ما زال واقفاً على قدميه، منتصب القامة»، وهو قادر ومستعد ليكون الشريك القوي في أي عهد مقبل، ورجل الجمهورية مجدداً.
وهنا، يقول المحلّل العتيق، ليس خافياً على أحد أن اسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان لم يطرح جدّياً إلا حين وضعه المر نصب عينيه. وهنا، يرجّح أحد نواب المتن أن لا يبتعد المر كثيراً في خطابه عن أساسيّات خطاب زملائه في تكتل التغيير والإصلاح، داعياً إلى عدم تضخيم اللقاء.
فيما يبدي زميل آخر اقتناعه بأن التميّز عن التكتل سيقتصر على موضوع انتخاب رئيس للجمهوريّة، «حيث سيمضي المر، ومعه فئة مهمة ومؤثرة من المتنيين، قدماً في إحراج العماد ميشال عون، والضغط عليه، على الرغم من عدم فاعليّة هذا النوع من التعامل مع عون
عمليّاً».
وعلى هذا الصعيد، يقدّم صديق آخر للمر قراءة أخرى ترى اللقاء رسالة للموالاة بقدر ما هو رسالة للمعارضة، موضحاً أن المر انتقد بشدّة التهجم على سيّد بكركي، ورفض تظاهر المتنيين، وأعلن في 16/11/2007 أن سبعة نواب على الأقل من «التغيير والإصلاح» (العدد الكافي لحصول الأكثرية على ثلثي عدد الأصوات النيابية لانتخاب الرئيس) يدعمون انتخاب مرشح توافقي للجمهورية يجري اختياره وفق آلية المبادرة الفرنسية. ثم أعرب في27/ 03/ 2008 عن تمنّيه أن يصبح النائب سعد الحريري رئيساً للحكومة، وخالف المعارضة باعتباره أن «لبنان لم يضيّع فرصة ذهبيّة بعدم ذهابه إلى القمّة لأن الفرصة الذهبية هي في عدم الذهاب إلى القمة».
وفي المقابل، لم تبادره السلطة بكلمة طيّبة واحدة، لأسباب يعيدها البعض إلى الحساسيّات المتنيّة، وخصوصاً العلاقة المأزومة بين المر والنائب السابق نسيب لحود. حساسيّات يقول أحد أصدقاء المر أن الحريري سيدفع باتجاه القفز فوقها حين يتأكد عصر اليوم أن المرَّ ما زال الرقم الصعب، وأن الأمر في المتن ما زال له بنسبة كبيرة.
نسبة يقول الخبير الإحصائي عبده سعد أنها تراجعت كثيراً في العامين الماضيين، حيث انخفضت النسبة التجييرية للمر من 14% عام 2005 إلى قرابة 3% عام 2007، مع حفاظه على قوّة ملحوظة في بلدات الدكوانة، البوشرية، الزلقا، بتغرين وبعض البلدات الأخرى. ويؤكد سعد أن غالبية أصوات المر ذهبت في الانتخابات الفرعيّة الأخيرة إلى المرشح الخاسر أمين الجميل، متوقعاً أن تخدم حركة المر، كيفما كانت، التيار الوطني الحر في نهاية الأمر، وأن يشغر أحد المقعدين الأرثوذكسيين في المتن على لائحتي المعارضة والموالاة في الانتخابات المقبلة.
عند عون، بطلب من الطاشناق الذي لن يقبل، بحسب سعد، عدم التصويت لحليفه التاريخي، وعند الأكثرية بطلب من بعض المسؤولين الذين لن يتحمّلوا ترشّح المر إلى جانبهم بعد كل ما قالوه بحقه، ولن يتمكّنوا من الفوز من دون أصوات مؤيّديه.