«المستقبل» يضع لاءات الحوار ويربط تغيير الوضع بتبدّل المعادلة في المنطقة عسكريّاً أو بتسويةفيما بدأ رئيس الحكومة جولة خليجيّة مكثّفة، واصل تيار «المستقبل» هجومه على رئيس المجلس النيابي، متجاهلاً، كما بعض الأكثريّة، المواقف التي نقلها عن المسؤولين السوريّين حيال الأزمة اللبنانيّة والعلاقات بين البلدينتابع رئيس الحكومة، فؤاد السنيورة، جولته العربية في إطار مساعيه لعقد اجتماع لمجلس وزراء الخارجية العرب يخصص لبحث العلاقات اللبنانية ــ السورية، ووصل أمس إلى السعودية قادماً من الإمارات العربية المتحدة، وكان في استقباله في مطار الرياض وزير الخارجية السعودية، سعود الفيصل، وسفيرها في لبنان عبد العزيز خوجة، والسفير اللبناني في السعودية مروان زين والقنصل زياد عيتاني.
وفي المطار، عقد السنيورة والفيصل اجتماعاً بحضور السفيرين خوجة وزين، جرى خلاله عرض لمجمل الأوضاع اللبنانية وتقويم نتائج القمة العربية التي عقدت في دمشق، قبل أن ينتقل السنيورة إلى قصر الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي استقبله على الفور، بحضور الوزير الفيصل والسفيرين خوجة وزين، ووزير الخارجية بالوكالة طارق متري، ورئيس الاستخبارات العامة السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز.
وقال السفير زين لوكالة «فرانس برس» إن المحادثات تركزت على «سبل استعادة لبنان لعافيته وانتخاب رئيس للجمهورية»، ناقلاً عن الملك عبد الله تأكيده للسنيورة «استمرار دعم المملكة للبنان واستقلاله وسيادته، ولخطة الجامعة العربية التي تقضي بانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية».
ونقلت وكالة «يو بي آي» عن مصدر دبلوماسي أن الملك عبد الله دعا الفرقاء اللبنانيين إلى ضرورة عدم «تفويت» فرصة اختيار رئيس «توافقي» طبقاً للمبادرة العربية التي حظيت بإجماع عربي كامل من دون استثناء، بما في ذلك سوريا».
وقال المصدر، إن الرئيس السنيورة أطلع الملك عبد الله على «الأوضاع في لبنان في ظل عدم اختيار رئيس ومخاطر استمرار ذلك»، مشيراً إلى «أن السنيورة طلب مساندة مقترح لبناني بعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب يبحث العلاقات السورية ــ اللبنانية، وبالتالي إنهاء مشاكل لبنان».
ومساءً، أقام رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري حفل عشاء على شرف الرئيس السنيورة والوفد المرافق له في دارة آل الحريري في الرياض، قبل أن يغادر رئيس الحكومة والوفد المرافق إلى قطر التي ينتقل منها اليوم إلى البحرين.
وكان السنيورة قد أجرى في أبو ظبي محادثات مع الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان.
ونقلت «وكالة أنباء الإمارات» عن الشيخ خليفة «حرص بلاده على دعم المبادرات والمساعي التي من شأنها إيجاد أجواء من الاستقرار في لبنان وتقديم العون والمساعدة له».
وأجرى رئيس الحكومة اتصالاً هاتفياً بوزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي، وبحث معه في الأوضاع اللبنانية.
وفيما كشف النائب مصطفى هاشم «وجود مساعٍ إماراتية وكويتية لحلحلة الأزمة اللبنانية، قلل النائب مصطفى علوش من أهمية جولات الرئيسين بري والسنيورة، مؤكداً أنها «لن تغيّر المعادلة اللبنانية»، وأشار إلى «أن كل فريق يحاول رص الصفوف وجمع التأييد لموقفه»، متهماً «معسكر الممانعة» بالعمل على إبقاء الفراغ إلى ما بعد الانتخابات النيابية، بينما اختار الفريق الآخر السكوت إلى حين تغير الظرف». ولفت إلى أن «الوضع الراهن لن يتغير إلا بتغيير المعادلة في المنطقة عسكرياً أو عن طريق تسوية»، ورأى أن النائب الحريري الذي يغيب عن لبنان لظروف خاصة، يقوم بمهمته من حيث هو.

اشتداد الهجوم على رئيس المجلس

وفيما تلقّت بعض قوى الأكثرية ببرود المواقف التي نقلها بري عن الرئيس السوري بشار الأسد، زادت كتلة «المستقبل» حماوة هجومها على مبادرة بري، واضعة جملة من الشروط عليها في الشكل والمضمون.
ورأى وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت أن برّي «أصبح فريقاً في حركة «أمل»، لا رئيساً للمجلس النيابي كما يجدر به، مشيراً إلى أن بري «لم يعد ذا صلاحية برئاسة المجلس بسبب سياسته»، إلا أنه لم يستبعد «أن يكون بري قد جاء بمفتاح المجلس النيابي من دمشق».
ووضع النائب عمار حوري، في حديث لـ«صوت لبنان» خمسة عناوين لأي حوار، وهي «عدم إلغاء المبادرة العربية، وأن لا يكون تعويماً لبشار الأسد، ولا بدلاً من فتح المجلس النيابي، ولا يستأثر طرف بعينه بجدول الأعمال، وأن يكون بقيادة الرئيس الماروني المحايد». بينما أكد النائب عاطف مجدلاني «أن قائد الجيش سيكون رئيساً للجمهورية قبل 21 آبإلا أن الحملة على بري لم تطمس التباين في مواقف الموالاة من مبادرته، إذ رد النائب بطرس حرب على موقف الرئيس السنيورة الرافض للمبادرة، مذكراً بأن الأخير كان قد وافق على الحوار في الماضي، وقال: «لست أدري ما الذي استجدّ لدى رئيس الحكومة ليعلن رفضه لدعوة بري للحوار»، مشدداً على أن «لبنان قائم على الحوار وإلا فسيكون في خطر».
وأعلن «التكتل الطرابلسي» تأييده للحوار اللبناني ــ اللبناني، ولكن «وفقاً لجدول أعمال واضح تتوافق عليه القوى السياسية الممثلة في طاولة الحوار على قاعدة التزام تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقاً من مقررات».
ووصف التكتّل ما نقله الرئيس بري عن الرئيس الأسد بأنه «كلام إيجابي يشجع على التفاهم بين الدولتين»، ولكنه «يحتاج إلى ترجمة فعلية تؤسس لعلاقات متوازنة وندّية بين لبنان وسوريا».
وأعلن الرئيس الدكتور سليم الحص في بيان باسم منبر الوحدة الوطنية (القوة الثالثة) تأييده لمبادرة بري، مؤكداً أنها «الرهان الوحيد الماثل في الأفق في الوقت الحاضر، فلا يجوز تفويت هذه الفرصة بذريعة أو بأخرى». ورأى «أن من يرفض هذه المبادرة إنما هو محكوم بأحد موقفين أو بالاثنين معاً: فإما أنه لا يريد الحل أو أن قرار الحل ليس في يده، بل في أيدي أسياده في الخارج».
بدوره، دعا مجلس إدارة المجلس المذهبي الدرزي جميع الأطراف إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية والإسراع في انتخاب العماد سليمان رئيساً للجمهورية بحيث يرعى الحوار الوطني.
في غضون ذلك، نقل النائب مروان فارس عن نائبة الرئيس السوري الدكتورة نجاح العطار، التي التقاها على هامش مشاركته في ندوة في دمشق، ثبات الموقف السوري لجهة دعم المساعي الوفاقية بين مختلف الفرقاء اللبنانيين، وخصوصاً أن «سوريا لن تضغط على أحد ممن تقيم معه علاقات ثنائية لمصلحة الأميركيين والأوروبيين».

السفير الإيراني في بكركي

وسط هذه الأجواء، برزت زيارة للسفير الإيراني إلى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني نصر الله صفير. وأكد بعد اللقاء دعم بلاده «أي حوار وتواصل بين اللبنانيين»، واصفاً مبادرة الرئيس بري بـ«الجيدة في إطار الحوار». وأكد أنه إذا «كان اجتماع وزراء خارجية الدول العربية من شأنه أن يساعد على بلوغ الحل المنشود للأزمة في لبنان، فإيران تدعم انعقاد مثل هذا الاجتماع».
بدوره، جدد القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، خلال لقائه رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، دعم فرنسا للبنان في كل الظروف، مشدداً على «ضرورة انتخاب رئيس في أقرب وقت، مشيراً إلى «أن فرنسا ما زالت تؤيد المبادرة العربية لكونها الحل الوحيد المتوافر الآن لإنهاء الأزمة».
وفي حديث إلى وكالة «رويترز»، شكك جعجع بدعوة الرئيس بري للحوار، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى «تخفيف الضغط على سوريا». وأكد أن الموالاة متريثة بإعطاء أي جواب على الحوار قبل أن تعرف «ما هي مقوّماته، ومواضيعه وما يمكن أن يؤدي إليه».
واستبعد حصول حرب أهلية في لبنان، لكنه اتهم سوريا بأنها ستقوم باغتيالات.
من جهته، استقبل رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، في دارته في كليمنصو، القائمة بالأعمال الأميركية ميشيل سيسون.
على صعيد آخر، نقل موقع nowlebanon الالكتروني عن اللواء عصام أبو جمرة قوله تعليقاً على ما تردد عن أنّ تأجيل انتخابات «التيار الوطني الحر» الداخلية سببه اعتراض بعض القياديين على ترشيح العماد ميشال عون لمسؤول العلاقات السياسية في التيار جبران باسيل كنائب لرئيس «التيار»، «إنّ العماد عون لم يكن ينوي أساساً ترشيح باسيل نائباً له، كما لم يُطرح اسمي رسمياً كنائب للرئيس» وأشار الى أن «الانتخابات تأجلت قبل أن تُنظم الترشيحات، لأسباب تقنية ولوجستية.