غسان سعودمنذ تعهد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، في تشييع «الحاج رضوان»، بالرد على الاغتيال «في زمان ومكان وأسلوب خارج الأرض الطبيعية للمعركة»، يزداد دفق الدبلوماسيين الأجانب، ما عدا الأميركيين والبريطانيين، للتواصل مع الحزب، وبناء علاقة معه في محاولات من هؤلاء لإخراج بلادهم من دائرة «المكان» الذي سيوجه فيه الحزب ضربته لإسرائيل.
التقرّب الأوروبي، على نحو خاص، يربك، بحسب أحد مسؤولي الحزب، أطرافاً محليين اعتقدوا بأن الحزب بعد حرب تموز، وخروجه من الحكومة، وازدياد الضغط الداخلي عليه، يعيش عزلة خارجيّة محرجة تسهّل تشويه صورته، وإن أحد أهداف اغتيال دمشق كان تظهير «الصورة الإرهابيّة» للحزب، تشجيعاً للأوروبيين على تبنّي تصنيف الأميركيين الإرهابي للحزب، والانتهاء من صورة «الحزب المقاوم» التي نجح الحزب في إبرازها منذ مطلع التسعينيات، وكرّس شرعيتها الدوليّة عام 1996 من خلال تفاهم نيسان، ليأتي بعده لقاءا أمينه العام مع الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان ثم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، على هامش جلسات القمّة الفرنكوفونيّة التي حضرها نصر الله، ليكرّسا هذه الصورة المحببة عند الأوروبيين الذين يميّزون جيداً، وفق المسؤول في حزب الله، بين ميليشيا (milice) ومقاومة (resistance)، ويحترمون المقاومين، استناداً إلى تاريخهم الحافل وهم يقدّرون «ضبط النفس العالي الذي يعتمده حزب الله مقارنة بالمقاومات الأوروبيّة التي علّقت المشانق للعملاء».
وعن علاقات حزب الله الدوليّة، يقول مرجع كبير في الحزب إن ثمّة عدداً مهماً من الدول تجمعهم بالحزب علاقات مستقرة وواضحة رغم سرّيتها. أما الدول الأخرى، فمعظمها يعترف بأن المقاومة التي خرجت منتصرة من حرب تموز تحولت الرقم الأصعب في الشرق الأوسط، و«الإرهابيين الذين يفترض إبادتهم» باتوا حجر الزاوية في أي شرق أوسط جديد.
من هنا، يتابع المرجع السياسي، ازداد اهتمام هذه الدول بالتعرف على الحزب، والاستماع بشغف إلى وجهة نظره، ومحاولة تدوير الزوايا في خطابات أمينه العام ومسؤوليه، بحثاً عن قواسم مشتركة مع أطراف آخرين تمهّد لتسوية ما. وكان الأوروبيون أكثر واقعية من الأميركيين في الاعتراف بحقيقة ما حصل على صعيد التغيير الذي طرأ على حضور إسرائيل في الشرق الأوسط ودورها، وكان الموفدون الأوروبيون والسفراء يلوذون بصمت الخجول من موقفه حين يذكّرهم مسؤولو الحزب بتاريخ المقاومة الفرنسيّة، وبإعداد الدولة السويسريّة المحايدة فرقة مقاومة خاصة، رغم تصنيف الجيش السويسري الأفضل في العالم.
ويؤكد بوضوح أن انفتاح الغرب على الحزب تضاعف عملياً بعد حرب تموز، خلافاً لما يعتقده بعضهم. وازداد الاهتمام بمحاورته بعدما تيقَّن دبلوماسيون كثر أن مفتاح الحل في جيب الحزب وحده، وأن مونة السوريين والإيرانيين عليه ليست بالحجم الذي يعتقده البعض، ولا تتجاوز أموراً صغيرة. ودون دخول في التفاصيل، كعادة مسؤولي حزب الله، يقول الرجل المقرّب من نصر الله، إن حزب الله أكثر من بضعة آلاف مقاوم بكثير، وإن «الاستعداد للمعركة الكبرى لا يقتصر على حفر الأنفاق، وتهيئة الصواريخ وتدريب الشباب. بات الإعلام والعلاقات الدوليّة جزءين أساسيين من المعركة. قريباً، يقول السيّد، سيضغط الرأي العام الدولي لمصلحتنا».