strong>خالد سليمانانتقد قاضي الأحداث في الشمال القاضي جناح عبيد، محاكمة الحدث مع الراشد، كما نص قانون الأحداث الجديد الصادر عام 2002، ودعا المحامين إلى توخي الدقة في لائحة المطالب عندما يكون الحدث متّهماً «لأن معظم المحامين يطالبون بإعلان البراءة، وكف التعقبات، ومنح الأسباب التخفيفية، واستبدال الحبس بالغرامة بحق القاصر، بدل أن يطالبوا باتخاذ التدابير غير المانعة للحرية، ومن بينها العمل للمنفعة العامة ولمنفعة الضحية».
وفي محاضرة ألقاها في نقابة محامي طرابلس، رأى القاضي عبيد «أن قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرّضين للخطر، مشوب بالغموض رغم مرور ست سنوات على صدوره»، داعياً إلى التوسع في تطبيق التدابير غير المانعة للحرية بحق القاصر الجانح، وخصوصاً تدبير العمل للمنفعة العامة ولمنفعة الضحية.
وفي هذا السياق، أظهرت الأرقام المسجلة والمتعلقة بأحكام إدانة الأحداث أو براءتهم، وفقاً لقانون الأحداث القديم (119/83)، مدى ابتعاد الاجتهاد القضائي عن تكريس أولوية التدابير غير المانعة للحرية. فمن أصل 1419 حكم إدانة عام 2000، قضي 189 منها بتدبير غير مانع للحرية، بينما قلّت هذه التدابير بعد صدور القانون الجديد، إذ إنه من أصل 2305 إدانات في عام 2004، قضى 390 حكماً منها بتدبير غير مانع للحرية. أما في عام 2005، فقد سجل 408 حالات من التدابير غير المانعة، من أصل 1681 حكم إدانة.
القاضي عبيد صرح خلال المحاضرة، أنه بعد توليه قضاء الأحداث في طرابلس، اتخذ 282 تدبيراً وعقوبة، منها 148 تدبيراً غير مانع للحرية (منها 51 تدبير عمل للمنفعة العامة). كما توقع عبيد أن يزداد تدبير العمل للمنفعة العامة خلال العام الحالي، لافتاً إلى أن 70 حدثاً يعملون لدى بلديات في الشمال تنفيذاً للتدبير المتخذ بحقهم في العام المنصرم. ولفت إلى أن عمل المنفعة العامة يمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة، شريطة اللجوء إلى كل عمل تتوافر فيه الصفات اللازمة، كالنشاطات البلدية الرامية إلى الحفاظ على البيئة، وتنظيم المهرجانات والألعاب الرياضية، والمداومة في المكتبات العامة، إضافة إلى رعاية المسنّين وإسعاف المصابين والمرضى وغيرها من الأمور. مع الإشارة إلى أن تدبير عمل المنفعة العامة لا يُعدّ عقوبة تُدرج في السجل العدلي للقاصر المحكوم عليه، بل هو تدبير إصلاحي يستتبع إعادة دمجه في المجتمع من دون عقابه.
من جهة أخرى، حذر عبيد من أي تهاون مع الأحداث الذين لا ينفذون عمل المنفعة العامة، لا سيما عبر «تقارير غير صحيحة تنظم من المندوبين الاجتماعيين، لأن هناك متابعة دقيقة لأوضاع الأحداث، والتأكد من مدى تنفيذ التدبير المتخذ بحقهم»، مشيراً إلى أن هذا التدبير يتلاءم مع الواقع اللبناني، لأنه نجح بشكل كبير في إصلاح الأحداث الذين خضعوا له. أما الفشل فلا يعود بالضرورة إلى خلل ملازم لهذا التدبير، بل إلى مشكلات علمية وتنظيمية يمكن تخطيها، كالنقص في عدد المندوبين وضعف التخصص في الأجهزة المسؤولة عن تطبيق قانون الأحداث، وعدم تفعيل العلاقة مع الجمعيات الأهلية وغموض أحكامه للمعنيين بتطبيقه.
وفي الإطار، يحدد قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرّضين للخطر، التدابير غير المانعة للحرية بالتالي: اللوم، الوضع قيد الاختبار، الحماية، الحرية، المراقبة. أما تلك المانعة للحرية، فيحددها بالتدبير الإصلاحي كوضع الحدث في معهد الإصلاح أو معهد التأديب. كما يمكن للقاضي أن يأخذ تدابير احترازية بحق الحدث، كحجزه في مؤسسة متخصصة أو منعه من ارتياد أمكنة معينة، وغيرها من الإجراءات التي يرتئيها القاضي وفقاً للجرم المرتكب.