طرابلس ـ عبد الكافي الصمد لم يستطع رئيس بعثة المفوضية الأوروبية في لبنان السفير باتريك لوران إلا أن يصف الوضع في مخيّم نهر البارد بأنّه «مأساوي»، عقب أول زيارة له إليه، في حين رأى نائب المفوّض العام للأونروا فيليبو غراندي أنّ إعادة إعمار المخيّم هي «أكبر تحدّ تواجهه المنظمة الدولية منذ 60 عاماً»، خصوصاً أنّ «الجزء القديم من المخيّم سيُجرف بكامله قبل نهاية شهر حزيران المقبل، على أن تبدأ عملية البناء مطلع الخريف المقبل»، وفق ما أوضح رئيس لجنة الحوار اللبناني ـــ الفلسطيني السفير خليل مكّاوي.
كلام لوران وغراندي ومكّاوي جاء عقب جولة استطلاعية لهم على المخيّم، أُبعد الصحافيون عنها بناءً على قرار مسبق، حيث افتتحوا مساكن مؤقتة جديدة في تخوم المخيّم من شأنها أن تؤوي أكثر من مئة عائلة، ليصبح بذلك عدد المساكن المؤقتة التي أنشئت في تخوم المخيّم 570 وحدة سكنية، تؤوي 440 عائلة، قبل أن يعبروا الجزء القديم منه. وعلى هامش المؤتمر الصحافي الذي عقدوه في فندق «كواليتي ـــ إن» في طرابلس، وعرضوا فيه مشاريع الاتحاد الأوروبي لتأهيل المخيّم والمناطق المحيطة به، أشار لوران إلى أنّه «أتينا للاطلاع على الأوضاع الإنسانية، وتقديم المساعدات، ودعم الأونروا في وضع تصميم إعادة الإعمار، وتقديم دعم تقني للحكومة للمساعدة في مواجهة الظروف في المخيّم، ودعم الاستقرار بين اللبنانيين والفلسطينيين»، معلناً تقديم الاتحاد الأوروبي «هبة جديدة بقيمة 6.4 ملايين يورو، تضاف إلى نداء الطوارئ الخاص بالمخيّم، نصفها سيخصّص لإزالة الركام من المخيّم».
ومع أنّ لوران لفت إلى أنّ «الوضع صعب جدّاً» في المخيّم، أوضح أنّه «ظهرت بعض علامات التحسّن لناحية عودة العائلات إلى بيوتهم، والطلاب إلى مدارسهم، وإعادة بناء المنازل»، مشدّداً على أنّه «بالتوازي، يجب ألا ننسى اللبنانيين الذين تأثروا بالأزمة في محيط المخيّم»، موضحاً أنّ «تكلفة خطة تنظيف الجوار وإعادة إعماره وتأهيله تبلغ نحو 18 مليون يورو».
بدوره، أبدى مكّاوي ارتياحه لـ«عودة دورة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها في المخيّم، مقارنة بما كانت عليه الأوضاع في الجولة السابقة، فالوضع اليوم أفضل، وإن كان ذلك لا يعني أنّه جيد»، موضحاً أنّ إعادة الإعمار «تتطلب القيام بخطوات أولية، مثل إزالة الألغام والمتفجرات التي بدأتها منظمة «ماغ» بالتعاون مع الجيش اللبناني».
وكشف مكّاوي أنّ «الجزء القديم من المخيّم سيُقسّم إلى ستّة أجزاء، وأنّه سيباشر هدم كلّ جزء وجرفه تباعاً ابتداءً من مطلع حزيران، بعد أن يُخرج الفلسطينيون من بيوتهم ما بقي منها من أغراض خاصة بهم، وأنّ إزالة الركام الذي يُقدّر بنحو 60ـــ70 ألف متر مكعب ستستغرق وقتاً، على أن تعقبها عملية البناء التي تحتاج إلى ما بين سنتين ونصف إلى ثلاث سنوات، وأنّ مؤتمر الدول المانحة يُحضّر لعقده أواسط حزيران المقبل».
من ناحيته، أسف غراندي لمواجهة الأونروا «صعوبات في عملها»، مؤكّداً أنّ العمل حالياً جار «لتأمين السكن اللائق للذين فقدوا منازلهم»، مشيراً إلى أنّ افتتاح المساكن المؤقتة الجديدة «خطوة ستسهم إلى حدّ كبير في تخفيف الضغط السكاني عن مخيّم البدّاوي، الذي لجأ إليه معظم نازحي مخيّم نهر البارد منذ بداية الأحداث».
مدير مكتب لبنان للمساعدات الإنسانية في البعثة الأوروبية آلان روبنز، أشار إلى أنّ «لدينا العديد من المشاريع داخل المخيّم وجواره، وقدّمنا مساعدات تسهّل عودة النّازحين». لكنّ كلّ هذه التوضيحات لم تمنع مسؤول «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» في الشّمال أركان بدر من الإشارة في مداخلة له إلى أنّ «كلّ هذا الدعم لم يُترجم على أرض الواقع إلى حقيقة، لأنّنا ما نزال نفتقر إلى خطة واضحة لعمل الأونروا، ولأنّ أغلبية العائدين إلى المخيّم رمّموا بيوتهم على نفقتهم، نظراً لضحالة المساعدات وتبخّرها».